توقيت القاهرة المحلي 13:34:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فستان رانيا يوسف.. موضوع تافه أم جاد؟!!

  مصر اليوم -

فستان رانيا يوسف موضوع تافه أم جاد

بقلم - عماد الدين حسين

«ما هذه التفاهة التى تجعل الناس يتحدثون عن فستان أو مايوه الفنانة رانيا يوسف، وينسون القضايا الأساسية للمجتمع مثل التعليم والصحة والطرق والمشاكل الاقتصادية المختلفة؟!!».
العبارة السابقة لست أنا قائلها، ولا أؤمن بها، لكنها ترددت وتكررت آلاف المرات على لسان غالبية من علقوا على أزمة فستان رانيا يوسف فى ختام مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، الذى أظهر غالبية جسدها.
للأسف الشديد لدى الكثير منا بعض الأفكار والمقولات الجاهزة والمعلبة عن معظم القضايا التى نناقشها، من دون أن نبذل الحد الأدنى من التفكير والجهد العقلى، لكى نراجع صحة هذه المقولات.
من بين هذه الأفكار الجاهزة، أنه طالما عندنا أزمة اقتصادية كبرى أو أزمة فى التعليم والصحة، فلا ينبغى بأى حال من الأحوال أن نتحدث فى أى قضية أخرى فى الفن أو الرياضة أو الأدب، لأنها من وجهة نظر أصحاب هذا المفهوم قضايا تافهة لا ينبغى أن ننشغل بها، ومن يفعل ذلك، فإنه يتجاهل آلام وعذابات ومشاكل الشعب المطحون!.
أصحاب هذا المنطق يعتقدون أنهم يحتكرون الحقيقة والصواب وعلى الآخرين اتباعهم والاكتفاء بكلمة آمين!.
لا يعنى كلامى أننى أسفه أو أقلل من وجهة نظرهم، بل أحترمها تماما وكل ما أطلبه منهم، أن يفعلوا ذلك مع أصحاب وجهات النظر الأخرى، حتى يثبتوا فعلا أنهم ديمقراطيون ويقبلون بتنوع الآراء.
أصحاب هذه المدرسة يريحون أنفسهم تماما من عناء بذل أى مجهود حينما يصنفون أى قضية أو مشكلة باعتبارها جادة يفترض أن ينشغل بها الجميع أو ولا قيمة لها مقارنة بالقضايا الكبرى!!.
وللأمانة فأنا أعذرهم إلى حد ما، لأنهم تربوا فى مناخ عربى شامل يقدس هذا النوع من التفكير المبسط والمخل. نتذكر جميعا أن أنظمة عربية أدمنت التجبر على شعوبهم واستعبادها ونهبها، وجمدت أى إصلاح فى أى مجال، بحجة أن ذلك يعيقها عن تحرير فلسطين!!. ثم اكتشفنا أن وجود هذه الأنظمة واستمرارها كان أكبر خدمة لإسرائيل، لأنه من دون هذه الأنظمة كانت الشعوب ستجد طريقها الطبيعى للبناء والإصلاح والتقدم، وبالتالى ستنتهى أسطورة إسرائيل القائمة أساسا على استمرار التخلف والاستبداد العربى وربما من دون حرب.
تخيلوا لو أن نظاما مثل البعث فى سوريا والعراق أيام حافظ الأسد وصدام حسين، قد أقام ديمقراطية حقيقية، هل كانت أمريكا ستغزو العراق، أو تدخل سوريا فى هذا الصراع العبثى، وتتحول إلى ساحة للصراعات العالمية وأرض لتجربة أحدث أنواع الأسلحة؟. وتخيلوا لو أن معمر القذافى لم يدمر ليبيا ومؤسساتها، هل كانت ستصل إلى هذه الحالة المأساوية، وتخيلوا لو أن غالبية بلدان الخليج تعاملت مع شعوبها باعتبارهم مواطنين كاملى الأهلية ويستحقون حكما مختلفا، هل كان الغرب سينهب ثروات المنطقة بمثل هذه السهولة. غالبية هؤلاء تاجروا بما يسمى بالقضايا الكبرى، من أجل هدف واحد، وهو تأجيل الحديث فى القضايا الكبرى الحقيقية وهى الإصلاح والتعددية والديمقراطية والحريات.
فستان رانيا يوسف، لم يكن مجرد الخلاف على ما أظهره من جسد الفنانة فقط. لكنه مرتبط أيضا بالجدل حول قضايا أخرى كثيرة ومهمة مثل «الفارق بين الأخلاق والقانون» كما أشار زياد بهاء الدين، أو «حيرة الهوية» كما أشار طلعت إسماعيل، أو «الازدواجية فى العقل المصرى» كما كتب محمد عصمت، والمقالات الثلاث منشورة فى عدد «الشروق» الصادر أمس الثلاثاء.
كثيرون كتبوا عن علاقة هذا الموضوع بالقيم والصراع بين المحافظين والليبراليين، أو بين هيمنة الأفكار المتشددة على الأجواء العامة. وفى ظنى أن كل ما سبق قضايا جوهرية لم يحسمها المجتمع المصرى أو العربى حتى الآن.
يقول أصحاب «مدرسة القولبة» أن الحكومة تخترع مثل القضايا التافهة، لكى تشغل الرأى العام عن قضية الغلاء والأسعار. نسمع ذلك فى كل القضايا الجدلية تقريبا من أول الخلاف حول هدف فى الدورى من تسلل ونهاية بالإشاعات التى لا تتوقف فى كل المجالات!. ولهؤلاء نقول إن مثل هذه القضايا ستستمر لأنها صارت مرتبطة بالسوشيال ميديا. وبالمناسبة هى موجودة فى كل بلدان العالم المتقدم والمتأخر. ثم إنه ثبت بالدليل القاطع أن أى قضايا أخرى سواء كانت تافهة أو جادة، لن تشغل الناس عن قضاياهم الحقيقية.. بعد كل ذلك هل نتوقف عن الاستسهال، ونفكر قليلا قبل إصدار الأحكام القاطعة؟!.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فستان رانيا يوسف موضوع تافه أم جاد فستان رانيا يوسف موضوع تافه أم جاد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
  مصر اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022

GMT 17:26 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

العنف الاسري ارهاب بحق الامان الاجتماعي

GMT 15:03 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

مدرب يؤكد بيراميدز للاعبين أن مواجهة الأهلي حياة أو موت

GMT 12:14 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

الرئيس المصري السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon