توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المندهشون العرب!!

  مصر اليوم -

المندهشون العرب

بقلم : عماد الدين حسين

 من أعجب ما قرأت فى الأيام الأخيرة، هو استغراب بعض المواطنين العرب من الموقف الرسمى لبعض الحكومات والانظمة العربية من عدم اتخاذها مواقف رافضة ومعارضة للعدوان الأمريكى البريطانى الفرنسى، وقبله الإسرائيلى ضد سوريا بحجة ان النظام استخدم الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين فى مدينة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق.

على صفحات كثيرة فى الفيسبوك، وتغريدات توتير، بل وحتى فى مقالات مطبوعة، ومداخلات تليفزيونية نسمع استهجانا من قبل هؤلاء المستغربين لعدم وجود موقف عربى رسمى يعارض العدوان أو يمنع تدهور المأساة السورية إلى منزلقات جديدة.

هؤلاء هم اعضاء ناشطون فى «حزب المندهشون العرب». كأنهم يعيشون فى كواكب زحل أو المريخ أو عطارد، ولا يدرون ماذا يحدث على أرض الواقع فى سوريا منذ مارس ٢٠١١.

الذين نسوا الواقع والوقائع نقول لهم إن جزءا كبيرا من الشعب السورى هب فى مارس ٢٠١١، ضد حكومة وأجهزة أمنه، مطالبا بالحرية والكرامة مثله مثل غالبية الشعوب العربية. المظاهرات كانت سلمية وراقية، وتصدت لها بالطبع أجهزة الأمن بقسوة بالغة. عندها تدخلت «قوى شريرة» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لإفساد هذا التظاهر السلمى، وتمكنت من عسكرة الانتفاضة، وتكوين ما يسمى بـ«الجيش السورى الحر». وكان ذلك هدية عظيمة تلقفها النظام، ليقوم بضرب الجميع من معارضة وطنية سلمية ومعتدلة جدا، إلى معارضات مسلحة ومدعومة من الخارج.

أفلت الأمر من الجميع، ووجدنا على أرض سوريا كل أشرار الأرض. بعض الحكومات العربية خصوصا الخليجية، دعمت المنظمات المتطرفة مثل داعش والنصرة وقبلهما «الجيش الحر» لاسقاط بشار الأسد بكل الطرق، وحكومات أخرى التزمت الحياد مثل بلدان المغرب العربى، فى حين أن حكومات مثل العراق دعمت الحكومة السورية ومعها حزب الله اللبنانى.

تركيا دخلت على الخط ودعمت المعارضة بكل أنواعها، وصارت أراضيها معبرا لكل المتطرفين فى العالم إلى سوريا ومنها للعراق. وفى المقابل تدخلت إيران بكل قوتها لمساندة الأسد، وكونت ميليشيات شيعية من كل بقاع العالم بقيادة قاسم سليمانى لدعم الأسد ونظامه.

الموقف المصرى ظل محافظا على مسافة من كل الأطراف منذ اندلاع المظاهرات حتى وصول الإخوان للحكم. ونتذكر جميعا أن الإخوان ومحمد مرسى جمعوا بعض رموز التطرف فى استاد القاهرة، لحشد وتعبئة المصريين للسفر إلى سوريا للقتال ضد الحكومة. وقام مرسى بقطع العلاقات مع سوريا قبل أيام من عزله.

لكن بعد ثورة ٣٠ يونية ٢٠١٣، عاد الموقف المصرى أكثرا اتزانا، بل واقترب أكثر من الحكومة السورية، باعتبار أنها تحارب نفس الخصوم، أى المتطرفين.

روسيا تدخلت عسكريا عام ٢٠١٥ وتمكنت ليس فقط من إنقاذ الأسد من السقوط، ولكن لتوجيه ضربة قوية للمتطرفين. بسبب هذا التغيير على الأرض بدأ العالم يتعامل مع الأسد باعتباره مستمرا، بل إن ولى عهد السعودية قال إن الأسد باقٍ وهدف بلاده هو عزله عن إيران وليس اسقاطه.

المتغير الذى حدث هو «المفاجأة الأمريكية» قبل اسبوعين. ترامب قال إنه سينسحب من سوريا، ثم عاد وقرر أنه يمكن الاستمرار إذا دفعت السعودية الفاتورة!!. وبعدها أعلنت السعودية أنها يمكنها المشاركة فى الضربة، وهو ما أعلنته قطر أيضا عقب اجتماع أميرها مع ترامب الأسبوع الماضى. علما بأن أمريكا تمتلك أكبر قاعدة عسكرية خارج حدودها فى قطر، وتشن منها أغلب هجماتها فى عملياتها فى المنطقة العربية خصوصا من سوريا والعراق واليمن. وهناك دول عربية اخرى لها نفس المواقف الداعمة لامريكا والمعارضة للحكومة السورية.

بلدان عربية خصوصا فى الخليج ترى العدو هو إيران والأسد، وليس إسرائيل، وبلدان أخرى ما تزال ترى أن العدو هو إسرائيل. وبلدان أخرى لم يعد لديها موقف لأنها غارقة فى همومها.

سوريا وشعبها صارت على مائدة اللئام منذ سنوات. وبالتالى فلو أمعن المندهشون فى تأمل المأساة السورية، فسوف يتوقفون عن الاندهاش، وربما وقتها سيدركون أن مواقف بعض الحكومات العربية كانت سببا فى وصول الأزمة إلى ما وصلت إليه.

الكل مجرمون.. من الأسد وإيران إلى موسكو وواشنطن مرورا بغالبية الحكومات العربية.

وحدة الشعب السورى هى الضحية.

نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المندهشون العرب المندهشون العرب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon