بقلم: عماد الدين حسين
ما هو الدرس الذى يفترض أن نتعلمه فى مصر من الانفجار المأساوى الذى دمر ميناء بيروت والعديد من المبانى والمنشآت فى العاصمة يوم الثلاثاء قبل الماضى؟.
المطلوب فورا أن نبحث عن أى تخزين لمواد خطرة أو يمكن أن تشكل خطورة، ونتأكد مليونا فى المائة أنها تتمتع بأقصى درجات الأمن والأمان.
ما حدث فى ميناء بيروت يفترض أن يكون درسا تتعلم منه كل يوم الدول أو الجهات أو المؤسسات أو الهيئات والمصالح الموجودة فى العالم أجمع خصوصا بلدان العالم الثالث.
أخشى أن أقول إن عمليات تخزين المواد التى يمكن أن تشكل خطورة على الصحة والأمن العام، فى غالبية هذه البلدان، لا تتم بالصورة الصحيحة، التى تمنع من تكرار الانفجار الذى وقع فى بيروت.
فى هذا الصدد فإننى أتوجه إلى الحكومة المصرية باقتراح عملى، وأتمنى أن يكون سريعا.
هذا الاقتراح يتضمن أن يخاطب مجلس الوزراء كل الوزارات والهيئات والمؤسسات التابعة له للحصول على تقدير موقف سريع عن طريقة تخزين مثل هذه المواد وهل هى آمنة أم لا.
لا أتحدث فقط عن مجرد مخاطبات، بل أقترح تشكيل لجنة بصلاحيات واسعة، تتولى مهمة التفتيش والرقابة على عمليات التخزين.
يكون من بين مهمات هذه اللجنة إصدار قرارات سريعة بنقل أى مواد مشابهة إذا كانت موجودة فى مناطق ذات كثافة سكانية عالية، ونقلها إلى أماكن أبعد وأقل خطرا.
ويشمل الاقتراح أيضا ضرورة فحص كل المنافذ الجمركية المصرية من مطارات جوية وموانئ بحرية أو منافذ برية، للتأكد من عدم وجود مواد خطرة بداخلها.
وبعد حصر هذه الأماكن، وفى حالة وجود مواد خطرة بها، نبدأ فى التأكد من أنها مؤمنة بطريقة صحيحة، وليست فقط مؤمنة على الورق، كما يحدث فى العديد من المواقف المماثلة!!.
نتمنى أيضا أن يكون التفتيش بصورة جادة وحازمة، وألا يتم الاكتفاء بمطالعة الأوراق التى تقول فى غالب الأحيان إن «الجو بديع والدنيا ربيع»!
بجانب هذا الجزء الحكومى، هناك أيضا الجانب الموجود لدى القطاع الخاص والأهلى. لدينا العديد من المواد المختلفة، وليست فقط نترات الأموينا، التى يمكن أن تكون قابلة للاشتعال. على سبيل المثال العديد من التجار كانوا يستوردون آلاف الأطنان من الألعاب النارية والمفرقعات لبيعها فى الأعياد والمناسبات.
أعتقد أن الحكومة بدأت تضيق كثيرا على استيراد مثل هذه المواد فى الفترة الأخيرة، لكن لا نعرف يقينا هل هناك مخازن عامة أو خاصة أو أهلية، ما تزال تحتفظ بمثل هذه المواد أم لا؟!.
هذه المواد الخطرة ليس شرطا أن تكون نترات أمونيا أو مفرقعات، أو حتى متفجرات تستخدم فى أعمال التعدين، أو أى مجال آخر. بل إن أى تخزين غير صحيح أو غير آمن لأى مواد قابلة للاشتعال يمكن أن يتسبب فى كارثة مماثلة لما حدث فى ميناء بيروت.
نسمع ونقرأ كثيرا عن الحرائق التى تندلع فى الأسواق الموجودة فى أماكن ضيقة ومزدحمة، كما يحدث على سبيل المثال فى العتبة والموسكى والحارات المتفرعة منهما. فى هذه الأماكن لا توجد مفرقعات أو نترات أمونيا، ولكن هناك المواد الاسفنجية سريعة الاشتعال. والشوارع ضيقة بما لا يسمح بمرور سيارات المطافئ، وبالتالى فإن أى حريق صغير، يمكنه أن يدمر شوارع كاملة، ويهدر شقاء ورزق مئات أو آلاف الأسر.
خطورة الأمر، خصوصا فى القطاع الخاص، تتمثل فى أن ثقافة الدفاع المدنى والبيئة ضعيفة للغاية، ويتحايل عليها الجميع من أول بناء شقق سكنية نهاية ببناء مصانع ضخمة، ويزيد الأمر سوءا مع فساد بعض مسئولى المحليات، الذين يتواطأون مع أصحاب المصانع والمنشآت من أجل عدم الالتزام بهذه المواصفات.
الأمر ليس هزلا ويحتاج إلى تحرك عاجل حتى نتفادى لا قدر الله أى مفاجآت صادمة، ووقتها لن ينفع الندم.