توقيت القاهرة المحلي 13:08:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تهز البحث العلمى العالمى كله»!!!

  مصر اليوم -

«تهز البحث العلمى العالمى كله»

بقلم: عماد الدين حسين

أتمنى أن يتحلى بعض المسئولين فى القطاع الطبى بالتواضع والمهنية والعلم والدقة والصدق، وهم يتحدثون عن الأبحاث واللقاحات والأدوية والأمصال، حتى لا يتسببوا بقصد أو من دون قصد فى الإساءة لصورة مصر فى الأوساط العلمية والبحثية الطبية والعامة، والأخطر إشاعة آمال كاذبة للجمهور.
فى يوم ٢٦ يوليو تحدث الدكتور حسام حسنى رئيس اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا. وقال: «إن العالم سيندهش من حجم الإنجازات البحثية المصرية فى مكافحة الفيروس، وأن هناك ٤٠ بحثا مصريا عن الفيروس، ولن تعلن نتائجها إلا بعد نشرها فى المجلات العلمية، ونعدكم أن هذه الأبحاث ستهز البحث العلمى العالمى كله، وثبت أن العالم المصرى هو أحسن عالم فى العالم، وأن الدولة المصرية «أقوى دولة» وأن الكثير من المواد الفعالة تصنع داخل مصر، وبكفاءة عالية والدول المجاورة تحسدنا على كفاءة الإنتاج».
وتعليقا على هذا الكلام هناك مجموعة من الملاحظات السريعة والمبدئية.
الملاحظة الأولى: إننى أتمنى كمواطن مصرى أن يتحقق ما قاله الدكتور حسام على أرض الواقع لأن تحققه يعنى إنجازا علميا بحثيا مصريا متميزا.
الملاحظة الثانية: أن اللغة التى يفترض أن نستخدمها فى الحديث عن الأبحاث الطبية، يجب أن تكون رصينة ومتزنة ودقيقة، وموجهة بالأساس إلى الباحثين والعلماء. لا مانع بالطبع من طمأنة الجمهور العام، لكن ضرر الإفراط فى استخدام الكلمات والعبارات الحماسية، أكثر من نفعه.
ومن الملاحظة الشكلية إلى الموضوعية، فأعتقد أنه لا يصح لمسئول رسمى كبير، بحجم المنصب الذى يشغله الدكتور حسام حسنى، أن يتحدث ويقول إن «الأبحاث المصرية ستهز البحث العلمى العالمى كله».
أولا هناك واقع علمى عالمى نعرفه جميعا، نحن لسنا الأفضل فيه. كنت أتمنى كمصرى أن نكون كذلك، لكن الواقع يقول إن الإنتاج البحثى المصرى قد يكون معقولا مقارنة بالمنطقة العربية وإفريقيا، ولكنه ليس كذلك على المستوى العالمى.
هذا الأمر لا يقلل إطلاقا من قيمة وأهمية وتميز العلماء والباحثين المصريين، لأنهم ببساطة حينما يعملون بالخارج، يحققون نتائج مبهرة، والدليل على ذلك نماذج متميزة جدا مثل الراحل الكبير أحمد زويل، ومصطفى السيد، ومجدى يعقوب، وغيرهم كثيرون.
البحث العلمى يحتاج لموارد مالية كبيرة جدا. ونعلم أن معظم ميزانيته التى تصل إلى 60 مليار جنيه تذهب لمرتبات الموظفين والعاملين. وبالتالى فالنسبة المتبقية لا تكفى بالمرة لإنتاج بحث علمى مستدام. ثم إن البحث العلمى يحتاج لبيئة مشجعة، وهى كانت غائبة تماما فى السنوات الماضية، وهناك جهود الآن لإعادة تنشيطها.
يفترض أن الدكتور حسام حسنى حينما يطلق مثل هذا التصريح يفرق بين الكلام الموجه لرفع الروح المعنوية للناس وبين مخاطبة المتخصصين والباحثين.
مثل هذا التصريح إذا ثبت أنه غير دقيق، سوف يسىء كثيرا إلى سمعة البحث العلمى المصرى.
وأعتقد أن ما قاله الدكتور حسنى، لم يكن مجرد حماسة زائدة، لأن هناك العديد من كبار أساتذة الجامعات، تحدثوا بنفس الطريقة. بل إن بعضهم تحدث بما معناه أننا نقترب من إنتاج لقاح مصرى خالص لعلاج كورونا. وبعضهم خلط بين أن مصر ستحصل على حق استيراد أو تصنيع بعض اللقاحات العالمية فى أراضيها، وبين أننا نحن من اخترعناه!
كان هناك تصريح دقيق قبل أسابيع بأن مصر اتفقت مع الصين لتصبح مركزا لصناعة أحد اللقاحات الصينية فى إفريقيا.
مرة أخرى موضوع إنتاج لقاح لمعالجة كورونا أو أى فيروس جديد مسألة ليست سهلة وتحتاج خطوات وموارد كثيرة، وخطوات وتجارب محددة بحثيا وعلميا ومعمليا.
هو ليس فقط صراعا دوليا علميا ومن يسبق الآخر، بل سباق اقتصادى شرس لأنه يعنى مكاسب مالية واقتصادية وعلمية هائلة. وفى هذا الصدد علينا أن نتأمل الحملة الأمريكية الأوروبية الشرسة ضد إعلان روسيا أنها بصدد إنتاج لقاح للفيروس خلال أيام كثيرة.
للأسف الشديد من الواضح أن بعض المسئولين وأساتذة الجامعات يسرفون فى استخدام التعبيرات والتصريحات الحماسية، ظنا أن ذلك سيرضى الرأى العام وبعض كبار المسئولين، لكنهم لا يدركون أنهم يرتكبون جريمة كبيرة ضد البحث العلمى وضد الوطن بأكمله، لأنهم يغرقون الناس فى أوهام لم تتحقق حتى الآن. وكلنا ندرك أن المتاجرة بآلام وأمراض الناس جريمة لا تغتفر. فهل نطمع بعد كل ذلك أن يتحلى بعض العاملين فى القطاع الطبى والصحى، بالتواضع قليلا وهم يتحدثون عن الأبحاث واللقاحات؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تهز البحث العلمى العالمى كله» «تهز البحث العلمى العالمى كله»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon