توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

1.4 تريليون دولار منهوبة!

  مصر اليوم -

14 تريليون دولار منهوبة

بقلم - عماد الدين حسين

لست متخصصا فى الاقتصاد الإفريقى، لكننى شعرت يوم الأربعاء الماضى، أنه ما لم يتوقف الفساد والاستبداد فى قارتنا السمراء، فإن كل جهود الإصلاح والتنمية لن تحقق نتائج فعلية.

فى صباح الأربعاء الماضى حضرت افتتاح الاجتماع السنوى لجمعية البنوك المركزية الإفريقية فى شرم الشيخ، بدعوة كريمة من البنك المصرى.

بطبيعة الحال، أمر جيد أن يوجد هذا الجمع الإفريقى الكبير، خصوصا فى مدينة شرم الشيخ التى تعانى وضعا صعبا وهجرة سائحيها منذ سقوط الطائرة الروسية فى نهاية أكتوبر ٢٠١٥.

فى هذا اليوم كان هناك غالبية رؤساء البنوك المركزية فى القارة الإفريقية يمثلون ٥٢ بلدا. وهى المرة الأولى التى تستضيف مصر هذا الاجتماع، الذى يعد أحد أهم الأحداث الاقتصادية والمصرفية على مستوى القارة، وهو المسئول عن تطبيق التعاون النقدى للاتحاد الإفريقى والذراع النقدية للاتحاد.

يوم الأربعاء كان هو اليوم الرابع للمؤتمر الذى بدأ الأحد وانتهى الخميس، وفى هذا اليوم كانت الندوة السنوية للجمعية حيث حضرها رؤساء البنوك المركزية، وكان عنوانها: «تراجع علاقات البنوك المراسلة، وتدفقات رأس المال غير المشروعة فى إفريقيا، والتحديات والمخاطر المترتبة بالنسبة لإفريقيا».

قد يبدو العنوان طويلا، وغير مفهوم لكثيرين، لكنه يعنى فى النهاية الفساد وعمليات غسيل الأموال وأى أموال غير مشروعة تدخل وتخرج من القارة، وتؤدى إلى استمرار تخلفها وإفقار غالبية مواطنيها.

حينما تحدث طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى ركز فى كلمته على أهمية الاستقرار السياسى، لكنه أيضا أشار إلى قضية مهمة هى أن الأسواق الإفريقية انفتحت أمام السلع الأجنبية، وكان يمكن توفير جزء كبير من هذه المليارات لحل كل مشاكلنا.

ما قالته السكرتيرة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية للشئون الإفريقية، فيرا سونج وى، هو الذى قلب المواجع على الجميع، وذكرنا بحجم المأساة التى تعيشها القارة. وقالت إن حجم التدفقات النقدية غير الشرعية وصلت إلى 1.4 تريليون دولار خلال الفترة من عام 2009 حتى الآن. وأن حجم الخسائر من التهرب الضريبى حوالى 73 مليار دولار خلال الفترة من 2005 وحتى 2015. وأن هناك 27 مليار دولار خارج قنوات التجارة الشرعية.

جانب آخر من المشكلة كشفه آلان روسولفونداريب محافظ بنك مدغشقر، حينما قال إن حجم الأموال غير المشروعة فى بند واحد هو خشب الورد المصدر لآسيا يصل إلى ٢٥٩ مليون دولار فى عام واحد، والأمر يتكرر فى مجالات متعددة مثل الأحجار الكريمة ونشاط الشركات المتعددة الجنسيات والمناجم، كاشفا عن وجود ثغرات فى أموال غير مشروعة تترافق دائما مع المواسم الانتخابية.

مدير ومقدم الندوة قال: إننا نحتاج لتعزيز الجهود لمحاربة هذه الظاهرة وكذلك معالجة أنظمة الدفع بالجملة وأسعار التحويل للعملة، والبداية هى ضرورة توافر الإرادة السياسية.

هذا هو الواقع المرير، والمضحك المبكى أنه قبل بداية هذه الندوة كنت قد قرأت أن هناك اقتراحات بإنشاء بنك وعملة موحدة للقارة الإفريقية. طبعا هذا حلم نتمنى تحقيقه، مثلما حلمنا بعملة موحدة وسوق عربية مشتركة، والمأساة أنه مع استمرار ظاهرة الأموال غير المشروعة، لن تكون هناك تنمية أو تقدم، وبالتالى لن نشهد بنكا أو عملة موحدة. والكلام العملى هو ما قاله طارق عامر فى المؤتمر الصحفى الختامى، بعد أن تسلم رئاسة الجمعية، حينما وضع مجموعة من الاشتراطات، إذا تحققت يمكن وقتها الحديث عن العملة الموحدة.

الواقع يقول إن هناك شبكة أخطبوطية وتحالف شيطانى بين مافيات داخلية وخارجية فى القارة الإفريقية هدفها استمرار هذا النهب المنظم لثروات القارة. هذا النهب من قبل الخارج، يحتاج ببساطة إلى طرف متواطئ فى الداخل. هذا الطرف يكون أحيانا من كبار المسئولين فى جميع المجالات أو لوبيات اقتصادية، وبالتالى يصبح من مصلحة هذا «الخارج» ألا تكون هناك مؤسسات أو حكومات قوية، وألا تكون هناك انتخابات وديمقراطية حقيقية، لأن ذلك يعنى وجود مؤسسات حقيقية ستمنع هذا الفساد والنهب المنظم لثروات القارة خاصة المواد الخام، بحيث تظل القارة مجرد سوق استهلاكية لسلع العالم المتقدم، سواء كان هذا العالم فى أوروبا وأمريكا أو الصين.

الملام فى جلسات يوم الأربعاء الماضى ذكرنا أن «كلنا فى الهم أفارقة»، بعد أن كنا نظن أننا فقط «كلنا فى الهم شرق»!

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

14 تريليون دولار منهوبة 14 تريليون دولار منهوبة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon