توقيت القاهرة المحلي 09:17:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا لا تتعظ الحكومات؟!

  مصر اليوم -

لماذا لا تتعظ الحكومات

بقلم - عماد الدين حسين

حينما ظهر حسنى مبارك ممددا على سرير طبى فى أول مشهد لمحاكمته عام ٢٠١٢، ورد على القاضى بقوله: «أفندم» كتبت وقلت إن أى رئيس سيأتى بعده سيتعظ ويفكر مليار مرة قبل أن يتخذ أى قرار خاطئ، أو سياسات ضد غالبية المواطنين.
لم يمضِ على هذا المشهد شهور قليلة، إلا وكان محمد مرسى وجماعة الإخوان يتخذون أخطر وأسوأ القرارات، بما كان يهدد هوية مصر، أصدروا الإعلان الدستورى فى نوفمبر ٢٠١٢، الذى أمم الحياة السياسية فعليا، وحاصروا المحكمة الدستورية، وعزلوا النائب العام، وانتهى الأمر بهم إلى صدام مع معظم إن لم يكن كل المجتمع وقواه الحية من الأحزاب والنقابات إلى القضاء والإعلام نهاية بالشرطة والجيش.

لماذا أسوق الآن هذا المثال والتصرف الذى قام به كل من مبارك ومحمد مرسى؟!
حينما فعل الإخوان ذلك، أدركت بعدها أننى كنت وغيرى كثيرون ساذجين لاعتقادنا، أن السياسيين بغض النظر عن انتماءاتهم، لا يفكرون بنفس الطريق التى يفكر بها المواطن العادى. وأسترجع هذا المثال اليوم للتدليل على أن الحكومات والسياسيين يتصرفون ويفكرون بطريقة مختلفة تماما، عن تلك التى نفكر بها نحن المواطنين العاديين.

لا أكتب اليوم عن مصر التى تشهد استقرارا إلى حد كبير، لكن أكتب عن الأحداث التى شهدتها منطقتنا فى الفترة الأخيرة، وتشير إلى أن بعض الحكومات تتصرف، وكأن لا أحد سوف يحاسبها أو يكشفها، كما أنها تعتقد أن الرأى العام لا قيمة له على الإطلاق، وأنه يمكن الإفلات من أى مساءلة أو محاسبة أو محاكمة مهما كان نوع الجرم؟!. وقد يسأل البعض وماذا أقصد بالكتابة اليوم؟. الاجابة يمكنكم ان تنظروا إلى بعض القرارات العربية والدولية فى الشهور الثلاثة الماضية، والتى تسببت فى هزات خطيرة بالمنطقة بأكملها.

بالمنطق البسيط، فلو ان أى شخص أو طرف أو جهة أو حكومة فكر قليلا قبل اتخاذ أى قرار أو إجراء أحمق، وتحسب للعواقب والتداعيات، فأغلب الظن أنه لن يقدم عليه، وبالتالى، فالمعنى أن من يتخذ القرارات الهوجاء يعتقد غالبا أنه سيفلت من أى عقاب.
التفسير المثالى يقول لو إن أى شخص فكر فى العواقب فلن يقدم على أى خطأ، وهذا التفسير يخالف الواقع غير المثالى، والذى يعتمد بالأساس على حقائق القوة الشاملة وليس على قواعد الأخلاق. لو كان هذا التفكير المثالى هو السائد لتحولنا إلى ملائكة، ولتحولت حياتنا إلى جنة على الأرض.
لكن للموضوعية، فالفارق الأساسى الذى يحد من تحول الافراد أو الحكومات إلى وحوش ضارية، هو إحساس أى متخذ قرار بحجم المساءلة التى سيواجهها، إذا ما أقدم على اتخاذ قرار خاطئ، أو فعل أحمق، أو جريمة شنعاء.
وبالتالى فإن السؤال الجوهرى هو: ما الفارق بين المسئول السياسى فى البلدان الديمقراطية، ونظيره فى البلدان القائمة على القمع والاستبداد؟!.
فى النموذج الأول يدرك السياسى أو المسئول أنه لو أقدم على أى إجراء أهوج فسوف يخضع لمساءلات وتحقيقات وربما ملاحقات ومحاكمات. ثم إن فكرة أن يقوم المسئول باتخاذ قرار كبير وخطير مثل هذا بصورة فردية، أمر صعب إن لم يكن مستحيلا، لأن هناك درجات مختلفة من المراقبة والمحاسبة، بحيث إن صانع القرار الأخير ليس وحده من يتخذ القرار.

العكس هو الصحيح فى غالبية بلدان منطقتنا العربية والافريقية. المسئول يتخذ القرار، ولا أحد يناقشه تقريبا، بل إن غالبية من حوله يسبحون بعبقريته، ويتفنون فى تجميل القرار الكارثى، رغم علم بعضهم أنه قرار مدمر.
فى النموذج الأول هناك مؤسسات قوية متنوعة من برلمانات ونقابات وأحزاب ومجتمع مدنى وصحافة حرة ومؤسسات بحثية، وجماعات مصالح، تدرس وتفكر وتراقب وتساءل وتحاكم، بل وتعزل الرئيس نفسه اذا اخطأ. وفى النموذج الثانى يكاد يختفى كل ذلك، ولو تواجد يكون بصورة شكلية كرتونية. وبالتالى يسهل اتخاذ القرارات المدمرة، بل وإعادة تكرارها أكثر من مرة، إلى أن تحدث مصيبة، فيبدأ البعض فى التساؤل ما الذى أوصلنا إلى ذلك؟! عندها يتوقف اتخاذ القرارات الخاطئة لفترة، ثم تعود ريمة لعادتها القديمة، ولا يحدث التغيير الجوهرى، وبعدها تكون هذه المجتمعات فى انتظار المصيبة التالية!!. ولا حول ولا قوة الا بالله.

نقلًا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا تتعظ الحكومات لماذا لا تتعظ الحكومات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon