توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأفيال الأجنبية.. والعشب العربى!

  مصر اليوم -

الأفيال الأجنبية والعشب العربى

بقلم: عماد الدين حسين

الصواريخ الأمريكية «المدببة»، اغتالت الجنرال الإيرانى المثير للجدل قاسم سليمانى على الأراضى العراقية صباح الجمعة الماضية فى بغداد، وأغلب الظن أن الرد الإيرانى على هذا الاغتيال سيكون على الأرض العربية أيضا، فإلى متى نستمر نحن العرب نلعب دور العشب فى المثل الشهير: «حينما تتصارع الأفيال يكون العشب هو الضحية»؟!
الأنظمة العربية فى العقود الماضية، ارتكبت العديد من السياسات الكارثية فى معظمها، وصارت مرتهنة لحساب الدول الكبرى الإقليمية والدولية.
لولا فشل هذه الأنظمة واستبدادها وتخلفها، ما وجدت القوى الأجنبية الأرض المهيأة للتدخل.
صراع القطبين الكبيرين أمريكا والاتحاد السوفييتى قبل انهياره عام ١٩٩٠، كان موجودا فى مناطق كثيرة بالعالم، لكن الذى دفع الجزء الاكبر من الثمن هو الأرض والدماء والمصالح العربية، خصوصا فى الصراع العربى الإسرائيلى، حيث وقفت أمريكا خلف إسرائيل، لأسباب كثيرة منها أن الاتحاد السوفييتى يدعم العرب.
وعلى الأرض العراقية دار وما يزال يدور صراع أمريكى غربى مع إيران، يدفع ثمنه العراقيون، وآخر هذه الأثمان ما حدث مع اغتيال قاسم سليمانى وبعض قادة الحشد الشعبى الموالى لإيران، وفى مقدمتهم أبومهدى المهندس.
الحرب الأهلية اللبنانية «١٩٧٥ ــ ١٩٩٠» كانت فى جزء منها حروب إقليمية ودولية بالوكالة. إسرائيل ضد كل العرب خصوصا الفلسطينيين، وأمريكا أو المعسكر الغربى ضد الاتحاد السوفييتى والمعسكر الشرقى، وسوريا ضد الخليج والعراق.
حينما غزا صدام حسين الكويت عام ١٩٩٠، جاءت الأساطيل والقوات الأجنبية من كل حدب وصوب. طردت صدام من الكويت، لكنها لم تغادر المنطقة العربية، خصوصا الخليج، وبدأت فى إقامة القواعد العسكرية الدائمة. حاصرت العراق منذ ذلك الوقت وإعادته إلى القرون الوسطى، حتى قامت أمريكا بغزوه عام ٢٠٠٣، بمساعدة بريطانية وتآمر من بعض الأنظمة العربية، وصمت إيرانى.
وحينما قررت الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، ومنعها من تصدير بترولها، فإن إيران لم تواجه أمريكا مباشرة، لكنها قامت هى أو بعض وكلائها العرب، باستهداف سفن تجارية لدولة الإمارات، وقبلها استهداف المنشآت الحيوية المهمة للملكة العربية السعودية عبر الصواريخ التى يطلقها الحوثيون من اليمن. وكانت الضربة الكبرى استهداف قلب صناعة النفط السعودى، بإطلاق صواريخ على بعض حقول ومخازن البترول التابعة لشركة أرامكو فى وسط المملكة.
الصراع بين إيران وإسرائيل دفع ثمنه العرب. الطرفان يتبادلان كل فترة تهديدات كثيرة تصل لمحو الطرف الثانى من الوجود، لكن على أرض الواقع، لم يحدث أى شىء، ومارسا حربهما بالوكالة على الأرض العربية. إيران تدعم الحشد الشعبى والجيش السورى وحزب الله وحركة حماس.
وفى المقابل وجهت إسرائيل ضربات عسكرية قوية ضد هذه القوى الأربعة. رأينا تل ابيب تقصف أهدافا عسكرية للحشد الشعبى فى العراق، ولم ترد إيران ولا الجيش العراقى. رأيناها تستهدف التواجد الإيرانى فى سوريا عشرات المرات، وكذلك أهدافا للجيش السورى، ولم ترد إيران. رأيناها توجه ضربة لقواعد حزب الله اللبنانى، فلم ترد إيران، وإن كان الحزب قد قام بالرد ضد إحدى الضربات الإسرائيلية.
تستنزف إيران دول الخليج، لكن على أرض اليمن، فى صراع مستمر منذ أوائل عام ٢٠١٥، نتيجته خراب اليمن وتدميره، وعودته إلى ما قبل العصور الوسطى. نجحت إيران فى زرع الحوثيين ودعمهم وتشجيعهم على الانقلاب على الشرعية، ثم نجحت فى توريط السعودية ومعها بعض الدول العربية، فى هذه الحرب، التى استنزفت غالبية الثروات الخليجية، والتى كان بإمكانها أن تنمى المنطقة العربية بأكملها.
تتصارع إيران مع غالبية الدول العربية والغربية فى لبنان، والعنوان حجم الثمن الذى ينبغى دفعه للمحتجين على الفساد، ومن يشكل الحكومة، وما هى أولوياتها. وتدعم إيران الحكومة العراقية، التى ثار عليها غالبية الشعب العراقى فى الشهور الأخيرة.
القاسم المشترك الأكبر فى حروب إيران بالوكالة فى المنطقة العربية، هو الجنرال قاسم سليمانى الذى اغتالته أمريكا صباح الجمعة الماضى، فى رسالة واضحة انها مستعدة لمواجهة ايران بصورة مباشرة وليس فقط وكلائها.
الضعف العربى هو الذى أغرى كل القوى الإقليمية والدولية بنقل مشاكلها وصراعاتها وخلافاتها وحروبها إلى الأرض العربية مستغلة الانقسام والتشظى والاستبداد والفساد، بل وولاء بعض المسئولين للأجنبى على حساب المصالح العربية!. السؤال متى يتغير حالنا وننقل مشاكلنا إلى أراضى الخصوم والمنافسين والأعداء؟!!. ومتى نتوقف أن نكون الامة التى تدهسها الأفيال القريبة والبعيدة، الإقليمية والدولية، من يقول إنه صديقنا، ومن يجاهر بأنه عدونا؟!
سؤال لا تبدو له إجابة مرضية فى الأفق القريب للأسف الشديد!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأفيال الأجنبية والعشب العربى الأفيال الأجنبية والعشب العربى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon