بقلم: عماد الدين حسين
الدولة والحكومة تبلى بلاء حسنا حتى الآن فى مواجهة فيروس كورونا وطبقا للإمكانيات المتاحة، لكن هناك بعض السلبيات والثغرات التى ينبغى علاجها حتى يمكن الخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار.
من بين هذه السلبيات التباطؤ أحيانا من قبل بعض المؤسسات فى إعلان البيانات والحقائق والمعلومات أولا بأول حتى يتم قطع الطريق على مروجى الشائعات.
الفيروس ضرب العالم أجمع بقسوة، وهناك دول كبرى جدا كادت أن تعلن انهيار نظامها الصحى، وبالتالى فلا يوجد ما يستلزم الخجل أو تأخير إعلان تطورات الوضع، لأنه سيعطى حجة لمن يتهم الحكومة بأنها تخفى بعض البيانات.
أحد الأمثلة المهمة على ذلك هو ما حدث فى معهد الأورام القومى باكتشاف إصابة بعض الأطباء والممرضين بكورونا، هذا الكلام معروف للصحفيين والمتابعين منذ أيام، ولم يصدر أى بيان رسمى، لا من المعهد ولا من جامعة القاهرة التابع لها المعهد ولا من أى جهة رسمية، إلا بعد أن أعلنت طبيبة فى المعهد أن إحدى زميلاتها قد أصيبت بالفيروس، إضافة إلى بعض طاقم التمريض، وبعدها خرج مدير المعهد ليتحدث فى الفضائيات ويكشف عن إصابات سابقة.
السؤال البديهى ما الذى كان يمنع المعهد من إصدار بيان بمجرد ظهور حالات الإصابة، وهل مدير المعهد هو من قصّر ولم يعلن أم أبلغ رؤساءه وقتها؟!!.
إذا كنا نلوم بعض المواطنين العاديين لأنهم يعتبرون الإصابة بالفيروس فضيحة، فما هو عذر الهيئات والمؤسسات والجامعات الكبرى فى عدم المسارعة بالإعلان عن وجود بعض الاصابات؟!!.
نفس الأمر ينطبق على معالجة ما حدث فى قرية الهياتم بمحافظة الغربية التى شهدت بعض حالات الإصابة، فقررت وزارة الصحة والأجهزة المعنية فرض حظر تجول كامل فيها لمحاصرة الوباء.
بعض مواطنى القرية اعترضوا على الحظر وحاولوا التظاهر ضده، هذا الاعتراض خطأ كبير وضد مصلحتهم.
أجهزة الأمن تمكنت من إقناع المواطنين بالحظر حفاظا على سلامتهم. فى هذا الموضوع أيضا لم يكن هناك ما يشين الحكومة من إعلان أنه كان هناك مظاهرات قليلة غير قانونية وتم احتواؤها.
غالبية المدن العالمية التى تقرر فرض الحظر فيها، اعترضت خصوصا فى إيطاليا، وبالتفاوض والإقناع تفهم المواطنون الأمر والتزموا بالحظر.
واقعة ثالثة حدثت مساء الجمعة الماضى حينما نشرت «الشروق» قائمة بتوزيع المصابين على المحافظات المختلفة، والفئات العمرية للمصابين. أحد المسئولين اتصل بى مشككا فى البيانات.
طلبت منه أن يمدنى بالبيانات الصحيحة حتى أصحح الخبر وأنشره معدلا فلم يفعل، وبعد دقائق كانت غالبية المواقع الإخبارية تنقل هذه البيانات التى نشرتها أولا زميلتنا منى زيدان.
المفارقة أنه لا يمكن تخيل أن يقوم شخص بفبركة أرقام إصابات بالمحافظات علما أن مجموعها هو نفس حصيلة ما أعلنته وزارة الصحة.
هذه نقاط سريعة لبعض الثغرات وأتمنى أن تسارع الأجهزة المعنية إلى علاجها حتى لا تتحول إلى أورام خبيثة.
مرة أخرى العالم كله مُبتلى بهذا الوباء، ونحن فى مصر لسنا أفضل حالا صحيا واقتصاديا وعلميا من أمريكا وإيطاليا وفرنسا وسويسرا والصين وكوريا الجنوبية.
غالبية هذه البلدان تواجه صعوبات شديدة جدا فى مواجهة كورونا، وسمعنا حاكم نيويورك أندوركومو يوجه استغاثات عاجلة للرئيس الأمريكى وبقية الولايات يقول لهم فيها: «أرجوكم أغيثونا قبل أن ننهار كليا»، وقرأنا عن جثث فى عدد من بلدان العالم لا تجد من يدفنها، وإصابات كثيرة لا تجد مستشفيات تذهب إليها أو أجهزة تنفس تبقيها على قيد الحياة.
هذا بلاء عام لم نتسبب فيه نحن المصريين حتى نخجل من بعض تفاصيله.
الأفضل أن نعلن الحقائق والبيانات والمعلومات أولا بأول طالما أنها لا تسبب ضررا أو تخرق خصوصية.
أتمنى أيضا أن تسمح وزارة الصحة وسائر الهيئات والمؤسسات ذات الصلة لوسائل الإعلام خصوصا المصورين بزيارة المستشفيات ومراكز العزل والحجر الصحى فى إطار الإجراءات الاحترازية، حتى ينقلوا لنا الصورة الإنسانية للجهود التى تبذلها المنظومة الصحية والمعاناة الإنسانية للمرضى وأهاليهم.
من يتابع الصحافة ووسائل الإعلام العالمية فى غالبية الدول التى ضربها الفيروس سوف يجد آلاف القصص الخبرية والإنسانية. والمؤكد أن الجميع يريد المساعدة والدعم حتى نخرج من هذا الكابوس غير المسبوق.
الحكومة المصرية وسائر أجهزة الدولة بذلت جهودا جبارة ومقدرة منذ بداية الأزمة وحتى الآن والغالبية تشيد بها، بل إن البعض اعتبر الأزمة ولادة جديدة لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، وبالتالى نتمنى منهم ألا يسمحوا لهذه الثغرات القليلة بإفساد المجهود الكبير الذى يبذلونه، خصوصا أن هناك قوما ليس لهم شاغل الآن فى الدنيا إلا الإساءة لمصر وشعبها والتشكيك فى كل شىء، فلا تعطوهم الفرصة لذلك.