توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطاووس الإسرائيلى المنفوش

  مصر اليوم -

الطاووس الإسرائيلى المنفوش

بقلم : عماد الدين حسين

 قراءة الواقع جيدا.. أهم خطوة للتغيير نحو الأفضل. وإذا طبقنا هذه القاعدة، فإنه يجدر بنا الإقرار بأن إسرائيل تعيش أفضل أوقاتها، منذ زرعها عنوة فى منطقتنا منذ سبعين عاما فى ١٥ مايو ١٩٤٨.

يوم الاثنين الماضى نقلت امريكا سفارتها من تل أبيب للقدس العربية المحتلة، تطبيقا لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى ديسمبر الماضى. كنا نعتقد أن كل الرؤساء الأمريكيين منحازين لإسرائيل، لكن لم نكن ندرى أن بعضهم كان «ملاكا» إلى حد كبير، مقارنة مع رئيس مثل ترامب. لمن نسى فإن الرئىس السابق باراك أوباما وقبل مغادرته منصبه بأيام رفض فى 23 ديسمبر 2016 استخدام حق الفيتو ــ فى حركة غير مسبوقة ــ الأمر الذى سمح بصدور قرار من مجلس الامن يعتبر كل المستوطنات فى الضفة الغربية غير شرعية.

الان ترامب وبيته الأبيض يتبنى وجهة النظر الإسرائيلية كاملة، ورفض حتى مناشدة إسرائيل وقف القتل العشوائى، واعتبر أن إسرائيل تدافع عن نفسها!

تعيش إسرائيل أفضل أوقاتها لأن رئيس أقوى دولة فى العالم يتبنى هو وتياره السياسى كل الأساطير التوراتية. الصهاينة يعتبرون ترامب مثل الملك الفارسى قورش الذى خلصهم عام 538 قبل الميلاد من السبى البابلى على يد نبوخذ نصر.

فى الأسبوع الماضى أيضا ذهب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لموسكو وسار متباهيا ومنفوشا مثل الطاووس بجانب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى ذكرى الاحتفال رقم 73 بانتصار روسيا على النازيين. يقول الإسرائيليون إنه كان ضيف الشرف. وهو أمر غريب للغاية، لأن طائراته وصواريخه تعربد فى الأجواء السورية تحت سمع القوات الروسية.
حتى الآن فإن روسيا هى التى التزمت بالخطوط الحمراء الإسرائيلية وليس العكس. وقررت تجميد تزويدها لسوريا بصواريخ إس ٣٠٠ حتى لا تتعرض للطائرات الإسرائيلية المعتدية.
بريطانيا احتفلت فى ٢ نوفمبر الماضى بالذكرى المئوية لصدور وعد بلفور المشئوم، الذى أعطى من لا يملك لمن لا يستحق. صحيح أن بريطانيا انتقدت قرار ترامب بنقل السفارة للقدس، لكنها فى المجمل أحد الأسباب الأساسية لزرع هذا الكيان فى منطقتنا، كما أنها أحد الداعمين الأساسيين له، بصورة منهجية.

وللموضوعية فهناك حركة نشطة فى عموم أوروبا لمقاطعة إسرائيل أكاديميا، وكذلك منتجات مستوطناتها، لكن تظل غالبية ــ الحكومات الأوروبية ــ رغم بياناتها اللفظية ــ ملتحقة بالموقف الأوروبى، أو خائفة منه باستثناءات قليلة مثل السويد واليونان وبلجيكا وأحيانا فرنسا.
صار نتنياهو وكبار المسئولين الإسرائيليين يكسبون أرضا جديدة كل يوم، ورأينا جولة إفريقية شهيرة له، تم ترجمتها فى أن العديد من الدول الإفريقية، صوتت لصالح نقل السفارة الأمريكية للقدس وأخرى امتنعت عن التصويت، رغم أن كل القارة كانت تصوت تلقائيا لصالح القضية الفلسطينية.

تكسب إسرائيل أيضا المزيد من النفوذ فى أوروبا الشرقية. ورأينا العديد من الدول تعلن عن نيتها نقل سفاراتها من تل أبيب للقدس مثل رومانيا والمجر وتشيكيا. نفس الأمر ينطبق على العديد من بلدان أمريكا اللاتينية.
قبل سنوات قليلة لم يكن يصوت لصالح إسرائيل فى الأمم المتحدة بخلاف الولايات المتحدة، إلا دويلات لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة على الخريطة مثل ميكرونيزيا وجزر الماريشال. فى حين أن من صوت مع القرار الأمريكى بنقل السفارة قبل شهور كان 9 دول وامتنعت 35 دولة عن التصويت.
المفارقة انه بينما حضر مراسم الاحتفال بنقل السفارة رسميا كان 32 دولة من بينها اربع دول من الاتحاد الاوروبى، فى حين حضر ممثلو 12 دولة افريقية هى أنجولا، والكاميرون، والكونغو الديمقراطية، والكونغو، وكوت ديفوار، وكينيا، وجنوب السودان، وتنزانيا، وإثيوبيا، ونيجيريا، وزامبيا، ورواندا.

والغريب أنه بعد كل ذلك فان بعض وسائل الإعلام العربية تعاملت مع الأمر باعتباره مقاطعة دولية لإسرائيل، رغم أن عدد المطبعين يتزايد يوما بعد يوم.

قوة إسرائيل المتعاظمة سببها الجوهرى الانقسام العربى غير المسبوق. وتلهف دول عربية «للعشق الحرام» مع إسرائيل.

ورغم كل ما سبق فمن يطالع بعض ما نشرته الصحافة الإسرائيلية، يكتشف حجم الهلع والرعب الذى يشعر به إسرائيليون كثيرون من المظاهرات الفلسطينية على الحدود فى إطار «مسيرات العودة» أو حتى من الطائرات الورقية.

هى مفارقة مدهشة، إنه فى عز قوة إسرائيل تشعر بالرعب من شعب أعزل لا يملك إلا روحه ودمه يقدمها عن طيب خاطر من أجل وطنه.

نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطاووس الإسرائيلى المنفوش الطاووس الإسرائيلى المنفوش



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon