توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف وصلنا إلى إعلان المبادئ؟!

  مصر اليوم -

كيف وصلنا إلى إعلان المبادئ

بقلم: عماد الدين حسين

صباح يوم الإثنين الماضى، وعقب نشر مقالى بعنوان: «هل أخطأنا بتوقيع اتفاق المبادئ؟»، تلقيت اتصالا من مسئول مصرى شغل منصبا رفيعا فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك. المسئول ما يزال يتابع عن قرب ما يجرى فى العديد من الملفات، المصرية والعربية خصوصا مياه النيل.
الرجل لفت نظرى إلى أنه ليس صحيحا أن إثيوبيا لم تعترف بالحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل. هو طالبنى بالعودة إلى مذكرات السفير أحمد أبوالغيط عندما كان وزيرا للخارحية والتى حملت اسم «شهادتى».
عدت لهذه المذكرات وبالتحديد لصفحة ٢٦٨ وفيها ان ميليس زيناوى رئيس وزراء إثويبا الاسبق، حينما زار مصر فى اول يوليو عام ١٩٩٣، قد أقر بهذه الحقوق، ووقع على اتفاقية اطارية، تتضمن التعاون المشترك وتعهد فيها بعدم الاضرار بمصر مائيا، لكنه تراجع عن ذلك بعد عامين فقط، وعندما سأله البعض عن السبب، قال إنهم وقعوا الإعلان فى لحظة ضعف داخلية، وان مصلحتهم فرضت عليهم التوقيع على ما لا يقتنعون به»!!
فى هذه الصفحة من المذكرات يعلق ابوالغيط على هذا التراجع بقوله: «ان اجابة الاثيوبيين تعكس انتهازية تستثير الخشية وتفرض الحذر مع مثل هؤلاء الشركاء خاصة وهم يتحدثون عن بناء سدود عملاقة للاحتفاظ بمئات المليارات من الامتار المكعبة من المياه».
المسئول السابق يعتقد أن هذا السلوك الإثيوبى لم يتغير، فهم ربما يشعرون بفائض قوة، أى أن لديهم العديد من أوراق الضغط. وفى هذه النقطة لا أختلف إطلاقا معه، لأن ذلك هو جوهر ما كتبته فى المقال، حينما أكدت أن الأمر أولا وأخيرا، هو ماذا نملك من أوراق القوة، وليس فقط ما هو مكتوب فى إعلانات المبادئ والاتفاقيات والمعاهدات.
فى تقدير المسئول أن نقطة التحول الأساسية فى السلوك الإثيوبى العدائى تجاه مصر، لم تكن تقصير نظام حسنى مبارك، بل «الخطأ الكارثى الذى ارتكبه مجموعة من الناشطين المصريين الذين زاروا أديس أبابا عقب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ بشهور».
هو يقول: «هم ذهبوا إلى هناك وقالوا للإثيوبيين: نحن آسفون على ما حدث معكم طوال السنوات الماضية، لقد أخطأنا فى حقكم. وسامحونا، لقد أزلنا هذه الطغمة الفاسدة، وجئنا إليكم بطبق من الحلويات تعبيرا عن اعتذارنا».
ظنى انه وبالنظر إلى تاريخ الازمة، والى الظروف الحالية والمماطلة التى تتصرف بها الحكومة الإثيوبية، فإن ما فعله الناشطون المصريون كان عاطفيا وبحسن نية، وفى المحصلة الاساسية كان خاطئا، لكن من الظلم الجزم بأن هذه الزيارة هى السبب الأساسى، فى ضعف موقفنا. تقديرى أننا بدأنا نفقد العديد من أوراق الضغط مع إثيوبيا بصورة تدريجية، بعد أن بدأ مبارك يهمل إفريقيا إلى حد كبير عقب محاولة اغتياله فى أديس أبابا صيف عام ١٩٩٥.
إثيوبيا كشفت لأول مرة عن السد خلال ثورة يناير 2011، والإعلان الرسمى كان فى إبريل من نفس العام، وليس بعد زيارة الناشطين. لكن المؤكد أن إثيوبيا استغلت الانشغال المصرى بالثورة للسير فى خطط بناء السد.
يقول المسئول أيضا «يجب النظر والتأمل فى الظروف التى دفعتنا للتوقيع على إعلان المبادئ عام ٢٠١٥ وقتها، حيث كانت ظروفنا ما تزال صعبة جدا، بل كانت هناك مشكلة كبرى اسمها «تيران وصنافير». ولم نكن نريد أن نضم خصوما إضافيين، وقوى كثيرة فى الغرب كانت متنمرة ضدنا بطرق مختلفة، منها تشجيع الإرهابيين، على إقامة نقطة ارتكاز ثابتة فى سيناء يرفعون عليها علمهم الأسود»!
هذا المسئول يقول أيضا: عام ٢٠١٥ لم يكن أمامنا إلا حسن النوايا، لكن كان يفترض أيضا أن نسأل أنفسنا وقتها: «احنا رايحين فين؟» وإلى ماذا سيقودنا هذا الإعلان فى ظل إدراكنا لحقيقة الموقف والتصرف والسلوك الإثيوبى ضدنا؟»! كان يفترض أنه يتضمن الإعلان أى إشارة لحقوقنا التاريخية، وأى تعهد من إثيوبيا بالحد الأدنى من حقوقنا، فى ورقة عليها توقيع أديس أبابا».
مرة أخرى أتفق مع هذا المسئول البارز، فى أن المسألة أولا وأخيرا هى أوراق القوة. لكن أختلف تماما فى أن المشاكل كلها بدأت بعد ٢٠١١. تقديرى انها حصيلة تراكم اسباب متعددة، على مدار سنوات.
البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، وعلينا أن نتلافى كل الأخطاء التى وقعنا فيها، وأن نعيد بناء موقف مصرى قوى مدعوم شعبيا، وأن نؤمن أنها قضية كل المصريين بل هى قضية الأجيال القادمة.
وسأحاول ان اعود لاحقا إلى الفصل السادس من مذكرات السفير احمد ابوالغيط، لانها تنير لنا الطريق، وتفسر لنا كيف وصلنا إلى «اعلان المبادئ، بل ولماذا تعقدت علاقاتنا مع دول حوض النيل، بالصورة الراهنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف وصلنا إلى إعلان المبادئ كيف وصلنا إلى إعلان المبادئ



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon