فى عام ١٩٨٥ سافر طالب الماجستير علاء عبدالعزيز فى كلية العلوم بجامعة عين شمس من مصر إلى كندا. الآن هو رئيس جامعة برنس أدوارد إيلاند، التى يمتد عمرها إلى أكثر من مائتى عام.
تعرفت على د. عبدالعزيز فى عجالة للمرة الأولى قبل أسابيع، حينما ألقى كلمة مميزة خلال الافتتاح التجريبى لجامعة «كندا فى مصر» بالعاصمة الادارية الجديدة. وتعرفت عليه أكثر يومى الخميس والجمعة الماضيين، فى مدينة شارلوت عاصمة مقاطعة برنس أدوارد، برفقة دكتور مجدى القاضى رئيس مجلس إدارة شركة كانويل، التى اتفقت مع الجامعة على افتتاح فرع لها فى العاصمة الادارية سيبدأ الدراسة فى سبتمبر المقبل.
هو أول مصرى وأول شرق أوسطى يتولى رئاسة هذه الجامعة التى بدأت عام ١٨٠٧ ككلية دينية، وتوسعت الان إلى ثمانى كليات تقع على بعد خطوات من المحيط الأطلنطى.
د. عبدالعزيز قضى حتى الآن ٢٤ عاما فى الإدارة الجامعية من رئيس قسم إلى رئيس جامعة. ورغم ذلك، مايزال يعتز بكونه أستاذا للكيمياء، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه فى كندا وخارجها. وقبل توليه مهام الرئاسة كان مديرا لجامعة برتش كولومبيا «UBC».
الجامعات فى كندا حكومية، وتجربتها فى الإدارة تستحق الدراسة. الحكومة تعين ثمانية فقط فى مجلس الأمناء، والجامعة ترشح ثمانية آخرين، من محامين ومحاسبين ورجال أعمال، واثنين من الطلبة و4 أساتذة إضافة إلى رئيس الجامعة بصفته.
هذه اللجنة تلتقى 5 مرات سنويا، إضافة إلى لجان تلتقى مرة شهريا. مجلس الأمناء هو الذى يراقب رئيس الجامعة، الذى يطلعهم شهريا ماذا فعل وماذا ينوى أن يفعل.
أحد مهام المجلس هو اختيار رئيس الجامعة. الأعضاء الـ٢٥ يلتقوا مع كل المرشحين، وتجرى مناقشات كثيرة، بل واختبارات حتى لزوجة المرشح رئيسا.
هم لا يقولون إنه اختبار للزوجة، بل تتم دعوة المرشح وزوجته على عشاء، ويكون هناك نقاش مفتوح ليعرفون كيف تفكر زوجته.
زوجة الدكتور علاء درست فى الجامعة نفسها، ولديها «شهادة ماستر» فى التمريض. أولاده الاثنان تخرجا من هذه الجامعة ايضا. سألته: هل هناك أى مزايا للأولاد أو الزوجة لكون الوالد رئيس الجامعة؟!
رد بجدية: لا أستطيع أن ألمس أى ورقة تخص أى قريب، بل لا يمكن لابنى أن يأخذ مكانا فى الجراج، لمجرد أنه ابنى. القواعد واضحة وصارمة، ولا يمكن التحايل عليها لأن هناك من يتابع ويراقب ويسائل.
الدكتور علاء أنهى الدورة الأولى فى رئاسة الجامعة، وأمضى عامين فى الدورة الثانية. سألته هل تفكر فى دورة ثالثة؟ قال لا لأن العرف أن يقضى رئيس الجامعة دورتين فقط، رغم أن من حقه قانونا أن يترشح لدورة ثالثة، والكلمة الفصل هى لمجلس الأمناء، لكن أحيانا يقوم المجلس بمد عامين فقط للرئيس.
الدكتور علاء ولد وعاش فى حى شبرا حتى سافر لكندا. مايزال متعلقا بكل شىء فى مصر. الشوارع التى عاش فيها، والجيران، وسفره مع والده وجده إلى قريته الباجور بالمنوفية. زوجته الكندية تعلمت العربية إلى حد كبير، بل وتقوم بتجويد القرآن.
هو يقول أن أحد أكبر مزايا التعليم الجيد أنه يقرب بين الأمم والشعوب والبشر ويجعلهم أكثر إنسانية، وإذا حدث ذلك فإن التمايزات والاختلافات تتلاشى، ويعم السلام.
يقول بتأثر إن هناك جمالا كثيرا فى مصر، لا ندركه إلا عندما نتركها، ولذلك فهو حريص دائما على زيادة مصر بصورة شبه دورية بصحبة أسرته، ليس فقط لشقته قرب أهرامات الجيزة ولكن لقريته. هو يعتز بهويته المصرية وسنوات نشأته الاولى فى حى شبرا، لكنه سعيد بجنسيته الكندية أيضا.
حينما ينتهى العمل فى الجامعة يقود سيارته لمدة ١٤ دقيقة إلى منزله المطل على المحيط الأطلنطى فى كورنويل. على هذا الطريق زرعات البطاطس التقليدية التى تتميز بها كندا وحقول شاسعة ترعى فيها الأبقار. هو يستمع جدا بهذا الطقس اليومى. وحينما يعود إلى المنزل فإنه ينهمك كثيرا فى ترتيب وتهذيب الحديقة كأى فلاح مصرى حقيقى. داخل المنزل ركن خاص يستمتع فيه بمشاهدة القنوات الفضائية المصرية، وهو على معرفة دقيقة بكل ما يحدث فى مصر، بما فيها مباريات الدورى العام، وكذلك مباريات ليفربول لمتابعة محمد صلاح. أما الواجب اليومى الذى لا يمكن له أن يتجاوزه، فهو الاتصال بوالدته، والاطمئنان عليها، والاستماع إلى دعواتها.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع