توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الديموغرافيا ستهزم الجغرافيا

  مصر اليوم -

الديموغرافيا ستهزم الجغرافيا

بقلم - عماد الدين حسين

صباح الخميس الماضى كنت أتناول الإفطار مع السياسى القدير عمرو موسى وزير الخارجية، والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية فى أحد فنادق العاصمة البريطانية لندن.

المشهد من الفندق كان ساحرا لأنه يطل مباشرة على نهر التيمز، ومن خلاله يمكنك مشاهدة العديد من معالم لندن التاريخية، خصوصا مبنى البرلمان فى منطقة ويستمنيسترعلى اليمين، وبجواره برج «بيج بن» حيث الساعة الشهيرة، و«عين لندن» ومبنى «الام آى 5» على اليسار.

بعد نهاية الإفطار دخل شخص وسلم على موسى، وجه الرجل مألوف لى تماما، موسى قدمنى إليه، وكان ميجيل أنخيل موراتينوس، وزير الخارجية الإسبانى والمبعوث الأوروبى الشهير السابق إلى ممنطقة الشرق الأوسط، الرجل خبير بالمنطقة العربية والشرق الاوسط، عمل سفيرا فى المغرب وإسرائيل، ومديرا لإدارة شمال إفريقيا بالخارجية الإسبانية، ومديرا لمعهد التعاون مع العالم العربى، ورئيسا لمنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا. 

فى المساء قابلت موراتينوس فى نفس الفندق، هو بسيط جدا وبشوش، وقدمنى إلى زوجته السيدة دومنيكا، سألته باعتباره يعرف المنطقة جيدا، عن توقعاته لما يسمى بصفقة القرن، فرد بإجابة من ثلاث كلمات بالإنجليزية: «الأمر ليس سهلًا» ولم يرد أن يسترسل.

فى مساء الجمعة قابلته أيضا فى عشاء أقامته القائمة بأعمال السفير المصرى فى لندن نرمين الظواهرى، لأعضاء مجلس أمناء الجامعة البريطانية بالقاهرة برئاسة محمد فريد خميس، فى مقر إقامة السفير. كررت عليه نفس السؤال فاسترسل قليلا لكن بعبارات موجزة بما معناه أن الأمريكيين لن يقدموا شيئا، ويأمل أن يكون مخطئا وتحدث معجزة.

فى نفس اليوم قابلت دبلوماسيا بريطانيا مرموقا عمل فى إحدى العواصم العربية الكبرى لسنوات، ويعرف القاهرة جيدا، وله فيها صداقات كثيرة، وسألته نفس السؤال، فكانت إجابته بما معناه: «لن يحدث شىء، المعروض فى أفضل الأحوال، لن يلبى الحد الأدنى من المطالب العربية المعلنة.. والمتوقع أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس سوف يرفض هذه الصفقة، وبالتالى سوف يريح الإسرائيليين ويجعلهم يقولون أو يزعمون: «نحن منفتحون على الحلول والمقترحات لكن الجانب الفلسطينى هو الرافض والمتعننت»!!.

الدبلوماسى البريطانى يتفهم الرفض الفلسطينى والعربى، لكن فى نفس الوقت يدعوهم إلى التفكير فى بدائل، هو يتصور أن حقائق القوة على الأرض تميل بشدة لصالح الإسرائيليين، وبالتالى فإن التسوية قد تتأخر لعشرين سنة أو أكثر بهذا المنطق، وإذا حدث ذلك فقد تستولى إسرائيل على المزيد من أراضى الضفة، وتستمر فى حصار قطاع غزة بصورة أو بأخرى».

خلال الزيارة التى استمرت أربعة أيام قابلت أكثر من عشرة صحفيين وباحثين عرب وتناقشنا فى الكثير من الموضوعات بينها موضوع ما يسمى بصفقة القرن، كان هناك اتفاق بينهم تقريبا، على أن الوقت الحالى هو أسوأ توقيت للتفاوض مع إسرائيل، لأن توازن القوى شديد الاختلال لمصلحتها وضد العرب تماما.

هم أجمعوا على أن العرب والفلسطينيين يتحملون مسئولية كبرى عن هذا الاختلال، بسبب انقسامهم وتفتتهم، وبالتالى عليهم أن يلوموا أنفسهم فقط، وليس فقط إسرائيل وإدارة دونالد ترامب.

فى تقدير غالبية هؤلاء الزملاء أن أفضل ما يفعله الفلسطينيون أن يوقفوا الانقسام ويتوحدوا حتى يفوتوا الفرصة على إسرائيل، لاستغلال هذا الانقسام، وإذا تمكنوا من الحفاظ على الوضع الراهن حتى تتحسن أحوالهم التفاوضية، فسيكون ذلك جيدا شرط ألا تتغير الحقائق على الأرض.

أحد الدبلوماسيين الأجانب قال إن إسرائيل قد تتفاجأ بعد سنوات قليلة، بأن الفلسطينيين صاروا أغلبية فى عموم فلسطين، وعندما سألت عمرو موسى عن هذه النقطة قال أيضا: «أوافق على ذلك تماما، وأؤكد أن الديموغرافيا سوف تهزم الجغرافيا، وحتى يكون الانتصار حقيقيا وتعود الحقوق بطريقة يقبلها الشعب الفلسطينى ويقبلها العالم».

تلك هى الصورة من العاصمة البريطانية لندن، التى أصدرت وعد بلفور فى 2 نوفمبر 1917، وكان سببا فى بداية المأساة منذ 101 عاما، ومن الواضح أن المأساة الفلسطينية مستمرة حتى إشعار آخر، أو حتى يدرك العرب والفلسطينيون أن «من يهن يسهل الهوان عليه، وما لجرح بميت ايلام»!!.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديموغرافيا ستهزم الجغرافيا الديموغرافيا ستهزم الجغرافيا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon