توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للإخوة الجزائريين: لا تكرروا تجارب جيرانكم

  مصر اليوم -

للإخوة الجزائريين لا تكرروا تجارب جيرانكم

بقلم - عماد الدين حسين

أتمنى أن يفكر كل أبناء الشعب الجزائرى، خصوصا الذين شاركوا فى المظاهرات المناهضة لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للفترة أو «العهدة الخامسة»، تريليون مرة، قبل أن يندفعوا إلى هوة لا قرار لها.
المتظاهرون حققوا انتصارا مهما، بإجبار بوتفليقة على سحب ترشيحه للانتخابات الرئاسية فى ١٨ إبريل المقبل، لكن بعض قادة هذا الحراك يرون ما تحقق جزئيا، ولا بد من تحقيق كل مطالبهم. ولو جاز لى أن أنصح المتظاهرين وقادتهم وكل أبناء الشعب الجزائرى، من منطلق عروبى وأخوى بحت لرجوتهم أن يتريثوا كثيرا قبل الذهاب إلى نقطة لا عودة منها. النصيحة الجوهرية هى أن يدرسوا تجارب الربيع العربى الذى طال العديد من الدول العربية نهاية ٢٠١٠ وبدايات ٢٠١١، وبعضها دول مجاورة للجزائر، مثل تونس وليبيا ثم مصر وسوريا واليمن.
الدرس الجوهرى هو أن هناك فارقا جوهريا بين المطالب المثالية الكاملة، والواقع المريرعلى الأرض.
لا أحد يجادل فى قيمة الانتصار الذى حققه المتظاهرون ليلة الإثنين الماضى، ولا يوجد عربى عاقل لم يفرح لانسحاب بوتفليقة من السباق الرئاسى، فالرجل وعمره 82 سنة أصيب بسكتة دماغية عام 2013، قال فى بيان انسحابه إنه «مريض ولا يستطيع الاستمرار، ولم يكن ينتوى الترشح». وهنا نسأل ولماذا ترشح، أم أن من حوله هم الذين أصروا على ترشحه ليكون غطاء لهم من دون استشارته؟!.
يفترض أن كل الشعوب العربية وقواها السياسية أدركت خطورة الاندفاع إلى تحقيق الحدود القصوى التى تتصادم مع وقائع راسخة على الأرض.
جيد أن يطالب المتظاهرون بوجود ديمقراطية كاملة وتداول للسلطة وحريات شاملة، لكن شرط أن تكون الصورة واضحة أمامهم. والأهم أن تكون هناك قوى سياسية منظمة تستطيع قيادة الجزائر إلى بر الأمان.
المتظاهرون الذين خرجوا إلى الشارع ليسوا قوة منظمة واحدة أو اثنين أو حتى ثلاثة. معظمهم شباب «نصف الشعب تحت سن 30 سنة» لم يعجبهم أن يفرض عليهم وجود رجل مريض جدا، وشاركهم فى ذلك العديد من المواطنين العرب، بل وفى العالم أيضا.
لكن الملاحظة الرئيسية هى أن القوى السياسية التقليدية كانت غائبة أو ضعيفة، أو التحقت بالمظاهرات، حينما أدركت أن احتمالات انسحاب بوتفليقة كبيرة. وهو نفس السيناريو الذى تكرر فى مصر تقريبا فى ٢٥ يناير ٢٠١١. كانت هناك أشواق الشباب المتطلع إلى دولة مدنية ديمقراطية متطورة، لكن لم تكن هناك قوى سياسية منظمة ومؤثرة، ولذلك تمكنت القوى الدينية بأشكالها المختلفة من سرقة هذه الثورة العظيمة، وتحويلها إلى نموذج مضاد تماما لكل ما حلم به غالبية المصريين.
النقطة الجوهرية التى يفترض أن يدرسها قادة المتظاهرين وبقية رجال الدولة، ألا يتصلب ويتطرف كل منهم، مما قد يقود ــ لا قدر الله ــ إلى صدامات تكرر مشاهد ومآسى «العشرية السوداء» التى ضربت الجزائر، بعد إلغاء المسار الانتخابى نهاية عام ١٩٩١، ولجوء الجماعات الإسلامية إلى العنف والإرهاب، الذى كلف الجزائر مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين، ناهيك عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية الكارثية.
القوى السياسية الجزائرية، ضعيفة إلى حد ما. هناك حزب سلطة هو جبهة التحرير ويشبه كل أحزاب السلطة فى الوطن العربى، مع فوارق ضئيلة. وأحزاب أخرى جرى ضربها وحصارها وتهميشها، والنتيجة هى مشهد سياسى ضبابى قد تحركه السوشيال ميديا أو تنظيمات تنتظر الفرصة للانقضاض على الجزائر للثأر مما حدث فى «العشرية السوداء». هناك أيضا أزمة اقتصادية رغم البترول والغاز غير المستغل بكامل طاقته، ومشكلة بطالة وصلت إلى 29%.
علمنا التاريخ القريب والبعيد أن مثل هذه الفترات لا يوجد فيها منتصر كامل ومهزوم كامل. بل تحتاج إلى انتقال متدرج حتى يمكن تجنيب البلاد الفوضى والارتباك والعنف والإرهاب.
تحتاج السلطة إلى الإدراك أن هناك فترة تاريخية انتهت، وحان الوقت لبداية جديدة، تقوم على شرعية جديدة. وتحتاج المعارضة الموجودة فى الشارع إلى الإدراك بأن هناك قوى تقليدية ومؤسسات صلبة لا يمكن أن يقال لها «اذهبوا إلى الجحيم».
تحتاج الجزائر هذه الأيام إلى أكبر قدر من العقل والتعقل والمتعقلين، لو فعلت ذلك، لربما مثلت نموذجا جيدا للانتقال السلمى الهادى، بعد أن كانت تجربتها فى عقد التسعينيات من القرن الماضى، نموذجا محزنا ومؤسفا جرى استنساخه فى العديد من الدول العربية. مرة أخرى قلوبنا مع الجزائر حتى تخرج من هذه الفترة العصيبة.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للإخوة الجزائريين لا تكرروا تجارب جيرانكم للإخوة الجزائريين لا تكرروا تجارب جيرانكم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon