هل اكتشفنا الآن حقيقة صفقة القرن، التى ألمح إليها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته قبل حوالى عامين؟!!.
ترامب نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة قبل شهور، والآن بدأ فى الإجهاز على ضحيته الثانية وهى اللاجئون الفلسطينيون.
فى الأيام والأسابيع الأخيرة بدأنا نلحظ جهدا أمريكيا دءوبا لتصفية قضية اللاجئين، وصلت ذروته أمس الثلاثاء بالإعلان عن أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تنوى الضغط فى المرحلة المقبلة لتوطين اللاجئين فى البلدان التى يعيشون فيها خصوصا الأردن وسوريا ولبنان.
وقبل أيام قررت إدارة ترامب وقف تمويلها لمفوضية أو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» التى تختص برعاية أكثر من خمسة ملايين لاجئ، و560 ألف طفل يتلقون خدمات تعليمية من الوكالة.
أمريكا كانت تسهم بحوالى 40% من تمويل المنظمة، وبعد مناشدات عربية خصوصا لأوروبا والصين فقد تم تخفيض العجز المالى لهذا العام من حوالى 417 مليون دولار إلى حوالى 217 مليون الأمر الذى أسهم فى استمرار فتح مدارس الأطفال.
أمريكا كانت تدفع أكثر من 200 إلى 300 مليون دولار سنويا، وهى تعتقد أن توقف دعمها سيعنى إصدار قرار بإعدام الأونروا وبالتالى تفكيك قضية اللاجئين الذين ينص القرار الدولى الصادر من الامم المتحدة رقم 194 لعام 1948 على عودتهم لأرضهم فى فلسطين المحتلة.
قبل أسابيع والولايات المتحدة تسعى لتغيير صفة لإعادة تغيير اللاجئين بحيث تسقط الصفة عن كل فلسطينى استقر فى دولة خارج فلسطين وتقصر ذلك على مئات الآلاف من اللاجئين داخل فلسطين نفسها.
الخطوة التالية جاءت بوقف تمويل أونروا ثم أعقبتها بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية لمفاوضة الإسرائيليين تحت ظل السيف المشهر ضدهم بإخراج قضيتى القدس واللاجئين من التفاوض.. فما الذى سيبقى أمام الفلسطينيين؟
الولايات المتحدة تريد من الفلسطينيين أن يكونوا سعداء أثناء عملية ذبحهم أمريكيا.
الخطة الأمريكية ليست فقط الضغط على الفلسطينيين الذين يقاومون ببسالة حتى الآن، لكن المشكلة أن الضغط بدأ يتكثف على البلدان العربية. والتقارير الصحفية تقول إن وفدا برئاسة جاريد كوشنير زوج ابنة ترامب، سيزور عدة دول عربية تضم الجزء الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين فى الفترة المقبلة، لإقناعهم بتنفيذ التصور الأمريكى.
نعرف أن الأردن رفض بوضوح هذا الاقتراح، وهناك تلميحات شبه رسمية بأن الاضطرابات التى شهدتها الأردن فى الشهور الماضية كانت أساسا رسالة من واشنطن وتل أبيب بأن استقرار النظام فى عمان مرهون بالموافقة على الخطة الأمريكية.
لكن الجميع يعرف أن قبول العاهل الأردنى بهذا الاقتراح يعنى عمليا تحويل الأردن إلى وطن بديل للفلسطينيين، كما حلمت إسرائيل طويلا.
كان جيدا أن ترفض الأردن والسلطة الفلسطينية اقتراح الكونفدرالية المشتركة، وكان محمود عباس أبومازن ذكيا حينما اشترط انضمام إسرائيل، كى يوافق على هذا المقترح وهو يعلم أن تل أبيب ترفض ذلك جملة وتفصيلا، بل تريد من العالم أجمع أن يعترف بها دولة يهودية خالصة.
سوف تضغط واشنطن بكل ما تملك على الفلسطينيين والبلدان العربية للقبول بهذه التصورات الجهنمية، وبالتالى فإن السؤال المنطقى هو: ما الذى تملكه البلدان العربية المؤثرة من أوراق ضغط لوقف التصور الأمريكى الإسرائيلى.
باستثناء الإدانات والشجب الذى أصدره وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم بالجامعة العربية يوم الثلاثاء الماضى، وكذلك باستثناء الوعود التى قطعوها لسد العجز فى ميزانية «الأونروا» يبدو للأسف أن الصورة شديدة القتامة، ونتمنى أن تكون توقعاتنا خاطئة.
ستكون مفاجأة كبيرة إذا تمكنت البلدان العربية من سد الفجوة التمويلية الناتجة عن القرار الأمريكى، أو تمكنت من إقناع بعض الدول الأوروبية والصين، بالمساهمة فى ميزانية الوكالة.
التصدى للتصورات الأمريكية الإسرائيلية، ليس أمرا مستحيلا، لكن يشترط وجود حد أدنى من الإرادة العربية، والأهم وجود الحد الأدنى من وحدة الصف الفلسطينى، والمفارقة أن حماس وفى هذا الوقت الخطير تفكر فى توقيع اتفاق تهدئة مع إسرائيل بعيدا عن السلطة الفلسطينية
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع