لو أن النظام التعليمى الجديد الذى تحدث عنه وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى مساء يوم السبت الماضى، تم تطبيقه بطريقة صحيحة على أرض الواقع، لتغير تعليمنا ليصبح مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية وفنلندا واليابان وكندا وألمانيا، وسائر التجارب التعليمية العالمية المتقدمة.
عصر يوم السبت الماضى، تحدث د. شوقى فى الجلسة الأخيرة من اليوم الأول لمؤتمر الشباب، الذى انعقد بالقاعة الرئيسية بجامعة القاهرة، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، وغالبية كبار مسئولى الدولة والشخصيات العامة والإعلاميين ورؤساء الجامعات الحكومية والخاصة.
الجلسة كان عنوانها «استراتيجية تطوير التعليم»، معظم أفكارها سمعناها قبل ذلك، فى مناسبات متعددة، وبطرق مختلفة من وزير التعليم، لكن الجديدة هذه المرة، أن الوزير تحدث عن واقع ملموس سيتم تطبيقه فى الموسم الدراسى الذى سيبدأ فى شهر سبتمبر المقبل إن شاء الله.
أثناء العرض سأل الدكتور طارق: هل نحن جاهزون بالكتب والمناهج والنظام الجديد؟ وفى تلك اللحظة كان هناك منظمون يقومون بتوزيع كتب النظام الجديد على الجالسين.
قبلها وحينما دخلنا القاعة المركزية الكبرى بجامعة القاهرة لحضور الجلسة، وجدت على الكراسى الكتب المختلفة الخاصة بنظام التطوير الجديد. كانت هناك ثلاثة كتب الأول عن اللغة العربية لمرحلة رياض الأطفال للمستوى الأول، والثانى عن نفس المرحلة ولكن بعنوان «اكتشف» والثالث هو «دليل المعلم» الذى يشرح للمعلمين طريقة التدريس.
مرة أخرى ما عرضه الوزير طارق شوقى أكثر من ممتاز، والسؤال الذى نكرره: كيف يمكن ترجمة هذه الكلمات الطيبة والجميلة إلى واقع ملموس على الأرض فى ظل وجود تحديات كثيرة؟!.
هذا الواقع يقول أن لدينا أكثر من ٢٢ مليون طالب و٥٤ ألف مدرسة و٤٥٠ ألف فصل، و١٫٢٥ مليون معلم، و276 إدارة تعليمية فى ٢٧ محافظة، فى حين أن عدد الطلاب فى سنغافورة ٧٥ ألفا وعدد المعلمين ٣٢ ألفا وفى فنلندا مليون طالب و٦٧ ألف معلم.
كلنا يعلم ويعرف ويعايش واقع التعليم الصعب والمتردى، ولا يعلم كثيرون أن التطوير الذى يقترحه الوزير موجه بالأساس للمدارس الحكومية التى تشكل ٨٦٪ من إجمالى المدارس مقابل ١٢٪ للمدارس الخاصة و١٪ للمدارس التجريبية، وأقل من ١٪ للمدارس الدولية، والأخيرة غير المستهدفة بالتطوير الجديد.
فى تقدير الوزير فإن مصر تستحق تعليما مختلفا ومحترما يليق بها وبشعبها. تعليما يستهدف تحسين الحاضر وبناء المستقبل ويركز على تحسين المنتج الموجود فى بقية السنوات الدراسية. هو تعليم مختلف وجديد فى أولى ابتدائى وأولى ثانوى، مع تحسين الموجود فى بقية السنوات الدراسية بالتدريج، بحيث يتغير المنهج بعد ٥ سنوات بنسبة ٥٠٪، ويتغير كاملا فى الموسم الدراسى ٢٠٢٦ ــ ٢٠٢٧ عندما يصل قطار الإصلاح التعليمى إلى محطته الأخيرة.
الذى سيتغير كما يقول الوزير ليس التابلت أو الشبكة الداخلية، كل تلك مجرد وسائل، ولكن الذى سيتغير بالأساس هو طريقة التدريس والمناهج ومجمل فلسفة التعليم.
طارق شوقى يرى أنه ليس من العدل أن يكون مستقبل الطلاب متوقفا على امتحان واحد ولمرة واحدة فى العمر هو الثانوية العامة، الذى أدى إلى ضغوط على الطلاب وقاد إلى صناعة الدروس الخصوصية، وسيكون البديل امتحانات ربع سنوية على مدار سنوات الثانوية الثلاث، بحيث يحصل الطالب على أفضل نتائج فى ٥٠ أو ٦٠ أو ٧٠٪، وبالتالى ينتهى بعبع الثانوية العامة.
الهدف الرئيسى للنظام هو تعليم يقوم على فهم الطالب لنفسه ولمحيطه ومجتمعه والعالم الذى يعيش فيه. تعليم يقوم على التفكير وليس مجرد الإجابة الصحيحة للسؤال، نظرا لأن هناك أكثر من إجابة صحيحة للسؤال الواحد.
حينما جلست مع الدكتور طارق شوقى قبل أسبوعين اقتنعت تماما بالمنهج الجديد للمرحلة الابتدائية. وأتمنى أن يتكاتف الجميع لإنجاح التجربة، لأن نجاحها يعنى نجاحنا جميعا ــ وليس فقط طارق شوقى أو الحكومة أو الرئيس ــ فى عبور معظم أزماتنا، ولو فشل النظام الجديد ــ لا قدر الله ــ ستكون الخسارة للمجتمع بأكمله وليس فقط للوزير أو الحكومة أو الرئيس، وبالتالى وجب علينا جميعا، أن ندعم هذا التطوير، بعد مناقشته وتجنب كل الثغرات التى يمكن أن تعيقه.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع