منذ بدأت اطالع الصحف بداية من عام 1976، وأنا اقرأ مصطلح «تعزيز اللامركزية»، لكن الذى يحدث عمليا منذ سنوات طويلة هو تعزيز المركزية.
لكى تكون هناك لا مركزية حقيقية، يفترض أن يتنازل المركز أو الحكومة المركزية فى القاهرة للهوامش والاطراف، أو للمحافظات المختلفة عن بعض من سلطاته.. هل يحدث ذلك؟
للأسف هناك نوايا طيبة كثيرة، لكن المعوقات أشد.
قانون الحكم المحلى أو الإدارة المحلية مايزال عالقا فى البرلمان، ولم يتحرك رغم أنه يفترض حدوثه خلال أسابيع قليلة استجابة لاستحقاق دستورى، والسؤال ما الذى يمنع صدور هذا القانون؟
استمعت إلى تفسيرات شتى، لكنها للأسف لا تقدم إجابة شافية أو مقنعة.
نعرف جميعا أننا نتحدث منذ سنوات عن إجراء الانتخابات المحلية، وتم تحديد مواعيد تقريبية كثيرة لها، لكن الصورة على أرض الواقع مختلفة، وكان التأجيل هو الحل الوحيد طوال الوقت
وبالطبع لا يمكن إجراء الانتخابات قبل صدور القانون الذى ينظم عملها.
ولكن حتى إذا صدر القانون، فإن هناك تحديا آخر، هو وجود كوادر على أرض الواقع، تكون مهيأة لخوض هذه الانتخابات. والتقديرات أن الحكم المحلى يحتاج إلى أكثر من خمسين ألف شخص كى يديروا عجلة المحليات التى تواجه مصاعب كثيرة خصوصا أن الإدارات المحلية، تم حلها بحكم من القضاء الادارى بعد ثورة يناير بشهور، ومن وقتها لا توجد إدارات منتخبة بديلة.
إذا ربما تكون المعضلة الحقيقية هى الكوادر، التى يفترض أن تتواجد وتترشح وتكون قادرة على المنافسة بقوة.
السؤال هل مصلحة الحكومة أن يكون لها قوائم محددة تنافس باسمها، وأن تجهز قوائم لكى يتم تعيينها ضمن الفئات التى يحق للدولة تعيينها؟
الإجابة هى جدلية؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ والبعض يقول إن دور الدولة هو تجهيز الساحة لمنافسة عادلة بين كل المتنافسين، سواء كانوا مؤيدين للحكومة أو معارضين لها. والبعض الآخر يقول إن الواقع على الأرض يحتم على الحكومة تجهيز كوادر لأن الساحة السياسية خالية والأحزاب المدنية غير جاهزة وقوى التطرف ممنوع عليها الاقتراب من المشهد بأكمله.
والسؤال إذا كانت الدولة قد قدمت مرشحين ليعملوا مساعدين ونوابا للوزراء والمحافظين، فهل هى جاهزة لتقديم مرشحين لخوض منافسات المحليات أم أن ذلك حدث بالفعل، والقوائم جاهزة انتظارا لصدور القانون؟
السؤال الثانى المهم ما هو دور المحافظين الجدد الذين أدوا اليمين الدستورية ظهر يوم الخميس الماضى فى تهيئة المسرح لانتخابات محلية طال انتظارها؟
هل سيكون ذلك فى صلب اختصاصهم ومهامهم أم أن الامر يتم التجهيز له مركزيا فى القاهرة فقط، وتكون مهمة المحافظين هى تنفيذ الرؤية، وليس المشاركة فى صنعها؟
السؤال الثالث انطلاقا من فكرة المركزية واللامركزية، هو هل هناك صلاحيات حقيقية للمحافظين كى يؤدوا عملهم حتى يمكن للرئيس والحكومة والمجتمع أن يحاسبوهم إذا قصروا فى المهمة؟
السؤال الرابع: هل هناك ميزانيات كافية وعادلة لسائر المحافظات سواء فى الموازنات العامة، أو خريطة الاستثمار والمشروعات والتبرعات بحيث نضمن تنمية حقيقية فى هذه المحافظات، خصوصا تلك التى تعانى نقصا وقصورا فى عمليات التنمية خصوصا فى الصعيد؟
كل ما سبق اسئلة نتمنى أن يتسع الوقت لمناقشتها فى الأيام المقبلة، ضمانا لنجاح المحافظين فى مهمتهم الصعبة، أعانهم الله جميعا عليها.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع