توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطان متوازيان لا يلتقيان فى ليبيا

  مصر اليوم -

خطان متوازيان لا يلتقيان فى ليبيا

بقلم: عماد الدين حسين

أى عربى عاقل وسوى، يتمنى أن تنجح المبادرة المصرية بشأن الحل السياسى فى ليبيا، والتى تم إعلانها ظهر يوم السبت قبل الماضى بعنوان «إعلان القاهرة».
لكن الحقائق على الأرض، وطبيعة الصراع تقول إننا نحتاج معجزة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى كى يتم تطبيق إعلان القاهرة على أرض الواقع.
أتمنى أن أكون مخطئا، حينما أقول إن المشروعين المتصارعين فى ليبيا يصعب تماما، إن لم يكن مستحيلا أن يتعايشا فى مكان واحد، خصوصا إذا كان هذان المشروعان يخوضان صراعا ضاريا فى المنطقة بأكملها منذ شتاء ٢٠١٠.
الوقائع على الأرض تقول إن الفريقين والمشروعين مختلفان فى كل شىء تقريبا، وما يحدث فى المنطقة بأكملها يغذى هذا الصراع، ولا يساهم فى حله أبدا.
لدينا طرف أول هو الجيش الوطنى ومجلس النواب الشرعى يريد دولة موحدة مدنية بمؤسسات واحدة، وجيش وطنى واحد، ولدينا طرف ثانٍ يريد دولة موحدة أيضا ولكن تسيطر عليها الميليشيات الإجرامية والإرهابية المتصارعة منذ إسقاط نظام معمر القذافى فى أواخر عام ٢٠١١.
الطرف الأول تدعمه عدة دول عربية على رأسها مثل مصر والإمارات والسعودية والبحرين. وهى تؤيد دولة توحيد الجيش وتفكيك الميليشيات المسلحة التى تهيمن على حكومة فايز السراج. وهذه الدول تصنف جماعة الإخوان الداعم الرئيسى للحكومة باعتبارها جماعة إرهابية. وهناك دول أوروبية وعربية داعمة لهذه الرؤية مثل فرنسا واليونان وقبرص وروسيا.
الطرف الثانى تدعمه بالأساس تركيا التى قدمت له السلاح والعتاد والمرتزقة، وتدعمه جزئيا حركة النهضة الإخوانية التونسية.
لكن هناك دولا، ترفض إسقاط حكومة السراج ليس حبا فيها ولكن معارضة لسيطرة دول اخرى على ليبيا.
لكن الأهم أن الخلافات الفكرية والسياسية والإيديولوجية شديدة بين المشروعين. مصر ومعها العديد من الدول العربية تعلن بوضوح رفضها لفكرة الدولة الدينية ورفضها لخلط السياسة بالدين، أو التجارة بالدين، ورفضها لفكرة أن يدعى فصيل أو تنظيم أو دولة احتكارها للدين. خصوصا أن المنطقة اكتوت بهذه النيران كثيرا ودفعت ثمنا باهظا نتيجة لذلك. مصر وبعض الدول العربية مثل سوريا والعراق دفعت وما تزال تدفع دماء أبنائها نتيجة العمليات الإرهابية التى تنفذها وتمولها وتشجعها جماعات وتنظيمات ودول بعضها صار حاكما وفاعلا ومؤثرا فى حكومة فايز السراج.
فى المقابل فإن تركيا تستخدم جماعات الإسلام السياسى بمهارة فائقة لتحقيق مشروع أردوغان الإمبراطورى أو العثمانى أو «الخلافة». وبغض النظر عن اسمه، فقد نجح فى جمع كل الفصائل والتنظيمات المتاجرة بالدين، أو المضللة باسمه، فى بوتقة واحدة، بهدف إما إخضاع المنطقة العربية لتصوراته، أو تخريبها.
فإذا كان أرودغان يستخدم تنظيم النصرة أو القاعدة أو غيرها من التنظيمات المصنفة إرهابية من الأمم المتحدة، فهل يصعب عليه استخدام وتوظيف جماعات أخرى تدعى أنها تؤمن بالديمقراطية رغم تاريخها الطويل فى العنف والإرهاب؟!
ثم إن الصراع بين المشروعين منذ ثورات الربيع العربى أواخر عام ٢٠١١، ثم فى المحطة الفاصلة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، مستمر ويستمر كل لحظة. وصار موقف أردوغان من هذه الثورة غريبا، لدرجة لفتت أنظار العديد من القوى السياسية التركية المعارضة. بل إن رفاق أردوغان القدامى فى حزب العدالة والتنمية، استغربوا فى أكثر من مناسبة موقفه الحاد من مصر ونظامها.
إذا كل المؤشرات تقود إلى أن المشروعين سوف يتصارعان فى ليبيا والعديد من المناطق الأخرى، حتى لو شهدنا وقفا لاطلاق النار ولحظات هدوء بين الحين والاخر، سواء بفعل الإنهاك أو التدخلات الدولية مثلما حصل أثناء مبادرة موسكو، أو مؤتمر برلين أواخر العام الماضى.
مرة أخرى أتمنى أن أكون مخطئا فى رؤيتى التشاؤمية، وأتمنى أن يتحقق السلام فى الشقيقة ليبيا، وأتمنى أن تنجح المبادرة المصرية الأخيرة التى لاقت ترحيبا دوليا وعربيا. لكن مرة أخرى الطرف الثانى يصر على التصعيد، وسيرفض أى مبادرة سلام حقيقية لأن قبولها يعنى تفكيك مشروعه الطائفى والجهوى والميليشاوى، والأهم يعنى نهاية المغامرة التركية فى ليبيا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطان متوازيان لا يلتقيان فى ليبيا خطان متوازيان لا يلتقيان فى ليبيا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon