كيف يمكن إدماج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى؟. سؤال يتردد كثيرا، لكنه صار مطروحا بقوة عقب دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الاربعاء قبل الماضى، لأصحاب الاقتصاد غير الرسمى بالاندماج، مضيفا: «يعتقد هؤلاء أن الدولة تريد معرفة بياناتهم ووثائق من أجل تطبيق الضرائب» مضيفا: «خشوا فى الاقتصاد الرسمى وأنا بأقول لكم معاكم 5 سنوات إعفاء ومتدفعوش حاجة.. وإذا حدث ذلك فسوف يتمكن أصحاب الاقتصاد غير الرسمى من دخول البنوك والحصول على تسهيلات حتى تنمو صناعاتكم».
هذا تطور مهم خصوصا حين يؤكد رئيس الدولة على أن الاقتصاد غير الرسمى لعب دورا مهما ويصرف على أسر كثيرة لا تعرفها الدولة، وعلى حد تعبيره: «هما دول اللى بيخلوا الدولة واقفة رغم كل التحديات فى السنوات الماضية، وفى ناس بتاكل عيش».
الرئيس طلب من الحكومة إعفاء هؤلاء لمدة خمس سنوات من الضرائب، وأن تبحث فى كيفية حل مشكلة التأمينات الاجتماعية التى يفترض أن يتم سدادها نيابة عن العاملين فى هذا الاقتصاد حتى يصير رسميا.
حينما انتهت كلمة الرئيس فى مؤتمر الشباب الخامس، قابلت الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، وسألتها عن كيفية حل مشكلة التأمين على هؤلاء العاملين؟.
الوزيرة ابتسمت وقالت: «يا ريت نقدر الأول نقنع بعض المؤسسات فى القطاع الرسمى بدفع التأمينات مثل بعض شركات الغزل والنسيج والمؤسسات الصحفية، هؤلاء توقفوا عن الدفع بعد ثورة يناير ٢٠١١»!!.
فى تقدير الوزيرة فإن جزءا كبيرا من المسألة يتعلق بالوعى، وهناك العديد من الأساليب والطرق التى يمكن عبرها استيعاب العاملين فى القطاع غير الرسمى فى المنظومة التأمينية.
البعض يخلط بين شهادة «أمان» وبين التأمين على العمال فى الاقتصاد غير الرسمى. «أمان» هى شهادة ادخار على الحياة يتم استحقاقها عند الوفاة أو الإصابة أو بعد نهاية مدتها، وليست تأمينا اجتماعيا.
أما التأمين على العاملين فى القطاع الرسمى فإنه يتطلب موافقة أصحاب العمل على دفع ما يستحق عليهم من تأمينات للعاملين معهم. المشكلة هنا أن هؤلاء العاملين مؤقتون وليسوا دائمين، لأن الشركة تعمل فى مشروع للبناء مثلا وعندما تنتهى منه فإنها قد تتوقف لفترة.
أحد الحلول من وجهة نظر الوزيرة، هو تجميع المدد، بمعنى أن المقاول يدفع حق العامل خلال عمله المؤقت معه فى أى مشروع من خلال «كارت مجمع»، كما يقوم بدفع نصيبه من التأمين وعندما تكون هناك مدد كبيرة يمكن التأمين على العمال مباشرة بصورة بسيطة وسهلة ومبتكرة.
طبعا هناك مشكلة أخرى هى أن العامل يتقاضى أجرا مختلفا فى كل عمل يؤديه، حسب مهارته أو حسب ظروف المشروع والبلد الاقتصادية.. فكيف يكون الحل فى هذه الحالة؟!.
يمكن عمل تقييم لمستوى كل عامل، بمعنى أن يتم على أساسه تقدير الأجر الذى يحصل عليه، وبالتالى فعندما يقوم المقاول بسداد الأجر التأمينى فإن ذلك يتم على أساس هذا الأجر المحدد والمتعارف عليه.
فى تقدير دكتور غادة ايضا، أنه يمكن أن يقترب التأمين الاجتماعى مع التأمين الصحى حتى نحمى العمالة غير الرسمية من كل المخاطر والتهديدات التى تتعرض لها.
هناك تقدم كبير فيما يتعلق بالتأمين على العمالة فى قطاع المقاولات، خصوصا فى العاصمة الإدارية، وبالتالى يصبح السؤال هو: كيف يمكن تقييم ذلك؟
مطلوب أن يدرك المقاولون أن التأمين على العامل سيصب فى النهاية فى صالح الجميع، وليس فقط من زواية الأجر الإضافى.
نعرف أن بعض رجال الأعمال قاوموا بضراوة تطبيق الحد الأدنى للأجور وهو ١٢٠٠ جنيه على العمال والموظفين فى شركاتهم حينما تم تطبيقه عام ٢٠١٤ على القطاع الحكومى. يومها افتعلوا كل المعوقات لتطبيقه، فما الذى يدعو رجال الأعمال والمقاولين فى القطاع غير الرسمى إلى التأمين الاجتماعى على العمال وليس حتى زيادة رواتبهم؟!.
فى كل الأحوال الفكرة التى طرحها الرئيس جيدة والأفكار التى تتحدث عنها الوزيرة ممتازة.. المهم أن نتحرك لتطبيقها على أرض الواقع.
أى موظف أو عامل يتم التأمين عليه فهو إضافة للاقتصاد القومى، ونزع فتيل قنبلة اجتماعية قد تنفجر فى وجه المجتمع بأكمله.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع