بقلم - عماد الدين حسين
هل الانفجار الإرهابى الذى استهدف السائحين الفيتناميين مساء الجمعة الماضى فى المريوطية كان مفاجئا؟.
بالطبع نعم، لكن شخصيا كنت أضع يدى على قلبى منذ شهور طويلة، متحسبا لمثل هذه العمليات الإجرامية بين لحظة وأخرى.
المتربصون بالأمن والاستقرار فى مصر كثيرون فى الداخل والخارج، وضرب السياحة أحد الأهداف الأساسية لديهم، لأنهم يضربون عبرها أكثر من عصفور بحجر واحد.
تخيلوا كم تبلغ تكلفة العبوة الناسفة أو القنبلة التى تم تفجيرها مساء الجمعة الماضى؟!.
تكلفتها قليلة جدا، لكن آثارها للأسف كبيرة، ونتمنى أن يتم احتواؤها بأسرع ما يمكن، حتى لا تترك ندوبا على جسد السياحة التى بدأت تتعافى فى الفترة الأخيرة.
الإرهابيون يتعاملون مع السياحة باعتبارها هدفا رخوا وسهلا يمكن استهدافه، مما يؤثر على الاقتصاد بأكمله، مثلما يتعاملون مع الأقباط كهدف رخو يهدفون من وراءه لإحداث فتنة طائفية داخليا وإظهار مصر كدولة غير قادرة على حماية أقباطها.
ضرب السياحة كان هدفا لكل الجماعات الإرهابية منذ عقود طويلة. نتذكر ماذا فعلت «الجماعة الإسلامية»، طوال حقبة التسعينيات من القرن الماضى، حينما كانت دائمة الاستهداف للسائحين، وكانت قمة ذلك العملية التى وقعت فى 17 نوفمبر 1997 فى الدير البحرى بالأقصر، مما أدى إلى مصرع 58 سائحا غالبيتهم من سويسرا، الأمر الذى وجه ضربة قاصمة للسياحة وقتها.
نتذكر أيضا الضربة الموجعة فى ٣١ أكتوبر عام ٢٠١٥ حينما سقطت طائرة الركاب الروسية فوق سيناء، بعد انطلاقها من مطار شرم الشيخ. وكانت النتيجة أن المدينة صارت تسكنها الأشباح، ولم تبدأ عملية التعافى إلا فى الشهور الأخيرة.
أجهزة الدولة المختلفة خصوصا وزارة السياحة، والوزيرة النشيطة الدكتورة رانيا المشاط لعبوا دورا مهما فى إصلاح وسد العديد من الثغرات، وكانت النتيجة أن معدلات السياحة بدأت تعود فى مناطق كثيرة إلى مستويات ما قبل يناير ٢٠١١، حينما وصلت أعداد السائحين إلى أكثر من ١٢ مليون سائح وقتها.
هذا التعافى يعنى أن أجهزة الأمن المختلفة لعبت دورا كبيرا فى تأمين السياحة والسائحين، ويعنى أن الخدمات تحسنت إلى حد ما فى العديد من المواقع.
وبالتالى فإن من نفذ العملية الإرهابية الأخيرة يدرك تماما كل هذه الوقائع، ويحاول بشتى الطرق عرقلة عودة السياحة إلى دورها الطبيعى والرائد فى الاقتصاد المصرى.
المنفذون اختاروا توقيتا دقيقا، أى قبل رأس السنة الميلادية بثلاثة أيام لمحاولة ليس فقط التأثير على المناسبة، بل والتأثير على الأفواج التى يفترض أن تأتى فى الشهور المقبلة.
قلت كثيرا وأكرر اليوم أنه يستحيل أن يتم منع العمليات الإرهابية تماما، لأن الاستنفار الدائم ضد طبيعة البشر، ونرى كل يوم عمليات إرهابية فى العديد من بلدان العالم، وكان آخرها فى المغرب الشقيق قبل أيام، حينما قامت عناصر إرهابية بذبح سائحتين من الدنمارك والنرويج، وفصل رأسيهما عن جسدهما.
ونرى عمليات دهس وطعن فى العديد من الشوارع الأوروبية.
لكن فى المقابل، وإذا كان مستحيلا منع العمليات الإرهابية تماما، فإن المعلومات الساخنة والدقيقة عن الشبكات الإرهابية، كفيل بأن يجفف منابع العمليات الإرهابية إلى حد كبير. مطلوب من الشرطة أن تكون لديها معلومات كاملة وتفصيلية عن المتطرفين والإرهابيين قدر الإمكان، خصوصا أولئك الذين لا توجد ملفات عنهم.
المطلوب بصفة عاجلة أن نصل إلى هؤلاء الإرهابيين، والأهم أن تقوم وزارة السياحة وسائر المؤسسات المصرية ذات الصلة بتحرك عاجل حتى لا يؤثر حادث الجمعة الماضى على التدفق السياحى. هذا الجهد ينبغى أن تبذله العديد من المؤسسات والأجهزة والوزارات والمجتمع المدنى.
الإرهابيون يحاولون عرقلة المجتمع بكل الطرق، حتى لو كان الثمن هو أرزاق ملايين المصريين. ويبقى السؤال هل يدرك الإرهابيون أنهم ينفذون أجندات أجنبية فعلا، وأن ثمن ضرب السياحة يدفعه الشعب المصرى بأكمله وليس الحكومة فقط؟!.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع