توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بائع الشاى الذى يفتى فى كل شىء!

  مصر اليوم -

بائع الشاى الذى يفتى فى كل شىء

بقلم - عماد الدين حسين

وصلنى من مسئول اقتصادى بارز فيديو قصير لحكيم هندى خلال لقاء تليفزيونى. الرجل ذو اللحية البيضاء الكثيفة يحكى عن شخص وظيفته هى بيع الشاى مثله مثل آلاف وربما ملايين الهنود. هو يقوم ببيع حوالى ٥٠٠ كوب شاى يوميا. هذا الرجل يخبر كل زبائنه بالطريقة التى يفترض أن يدير بها رئيس الوزراء الهندى البلاد، فى كل الملفات من السياسة للاقتصاد! وهو يخبر زبائنه أيضا بأفضل الطرق لممارسة رياضة الكريكت اللعبة الأكثر شعبية فى الهند.

يقول الحكيم الهندى إن المشكلة أن بائع الشاى لا يعرف كيف يقوم بصنع أكواب الشاى بطريقة جيدة، رغم أنه يفتى فى كل شىء من السياسة إلى الكريكت.

مشكلة هذا البائع ــ كما يقول الحكيم ــ ليست قاصرة على الهند، لكن يمكن أن تراها فى محال بيع الشاى أو المقاهى فى كينيا أيضا المشهورة بالشاى. والمؤكد أن المشكلة موجودة فى كل مكان بالعالم وليس فقط فى الهند أو كينيا.

الذين يفتون فى كل المسائل كثيرون، وللأمانة فى كل البلاد وليسوا قاصرين على دولة بعينها.

فى الماضى، لم نكن نشعر بالنشاط الكثيف لهؤلاء «الفتايين»،، لكن أحد مساوئ وسائل التواصل الاجتماعى أنها جعلتنا نسمع ونقرأ عن هذا الفتى والهرى المستمر.

فى مصر.. الجميع تقريبا خبراء فى كرة القدم، ويتحدثون عن أفضل تشكيل للمنتخب أو للأندية، وتجد بعضهم جالسا «مجعوصا» فى المقهى وسط أصدقائه وزملائه وهو يسب جوارديولا ومورينيو وفالفاردى وزيدان، وأنهم «هربانة منهم»، مقترحا التشكيل المثالى لفرقهم وطرق اللعب النموذجية.

الأمر نفسه فى الاقتصاد، جميعنا صرنا خبراء فى أعتى المؤسسات الدولية.. نتحدث عن أفضل الطرق لعلاج عجز الموازنة وزيادة النمو وتخفيض نسب البطالة والتضخم، مع ملاحظة بسيطة أن معظمنا لا يعرف ماذا تعنى هذه المصطلحات بالضبط!.

معظمنا أيضا صرنا خبراء استراتيجيين فى كل المسائل والقضايا الدولية المعقدة. نفتى فى أفضل الطرق لحل الأزمة فى القرم أو شبه الجزيرة الكورية أو سوريا وليبيا واليمن مرورا بالأزمة فى فنزويلا.

أعرف كثيرين صاروا يفتون فى كل شىء لمجرد أنهم قرأوا «بوست» على صفحة مجهولة فى الفيس بوك أو تغريدة عابرة على تويتر.

قد يفهم البعض كلامى باعتباره مصادرة على حرية رأى الناس. ولهؤلاء أقول: ليس هذا ما أعنيه بالمرة. لكن المسألة ببساطة أن أفضل من يرد على خطط هيكتور كوبر فى الملعب هو مدرب أو خبير كروى حقيقى مثله، وليس كل من يجلس على المقهى. وأن أفضل من يرد على الوضع الاقتصادى ليس كل من هب ودب بل خبير اقتصادى حقيقى يكون مطلعا ومدركا للأوضاع والأرقام والبيانات الفعلية، وليس مجموعة من الشعارات والتمنيات والأحلام والآمال.

هل معنى ما سبق ألا يشكو الناس من الغلاء مثلا لأنهم ليسوا خبراء فى الاقتصاد؟!
الإجابة حتما هى لا. من حق الناس أن تشكو، لأنهم الأكثر اكتواء بالأسعار، وأى شخص يسخر منهم هو عديم المروءة، بل وعديم الإنسانية. لكن أنا أتحدث هنا عن الذين ينصّبون أنفسهم خبراء فى كل شىء، ويفتون وكأنهم مكشوف عنهم الحجاب.

وحتى لا يتهمنى أحد بالتحيز أسارع وأقول إن هناك العديد من الصحفيين يفتون فى كل شىء، من دون إلمام بالمعلومات الكاملة عن القضية التى يتحدثون فيها أو السياق العام لها.

أفضل ما يفعله كل منا، أن يلم بصنعته ومهنته وبضاعته التى يبيعها، وبعدها يمكنه أن يتفرغ للإفتاء فى أى قضية أخرى.

يصعب مثلا على الشخص الذى لا يؤدى عمله كما ينبغى، أن يلوم أى مقصر. كما أن اللص لا يملك الحق الأخلاقى أن يعظنا عن الأمانة والفضيلة. على بائع الشاى أن يحسن عمله قبل أن يتحدث عن سياسات حكومته أو قواعد لعبة الكريكت!!!.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بائع الشاى الذى يفتى فى كل شىء بائع الشاى الذى يفتى فى كل شىء



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon