توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب وفلويد.. كما تدين تدان!

  مصر اليوم -

ترامب وفلويد كما تدين تدان

بقلم: عماد الدين حسين

يوم الإثنين الماضى، دعت وزارة الخارجية الإيرانية الولايات المتحدة إلى وقف العنف ضد شعبها !!!. وبعدها بيوم واحد دعت الخارحية الروسية الحكومة الأمريكية التوقف عن استهداف الصحفيين الذين يغطون المظاهرات والاحتجاجات العنيفة فى مدينة مينيابولس بولاية مينسوتا، عقب مقتل المواطن من أصل إفريقى جورج فلويد أثناء توقيفه بطريقة وحشية.

وأمس الاربعاء اتهمت الصين واشنطن بالتناقض فهى تدافع عن احتجاجات هونج كونج ضد بكين فى حين أنها تقمع الاحتجاجات فى بلدها.

النداء الإيرانى وبعده الروسى والتعليق الصينى قد يبدو غريبا. لكنه فرصة جاءت من السماء للمسئولين فى الدول الثلاث ليردوا بنفس اللغة والطريقة التى تستخدمها الإدارات الأمريكية معهم منذ عقود طويلة.

هل كلامى يعنى أن الدول الثلاث تطبق وتؤمن بالحريات والديمقراطية والتسامح مع شعوبها؟!

الإجابة هى لا، والدول الثلاث لديها مشاكل كثيرة فيما يخص الحريات وحقوق الإنسان ونظام الحكم فى إيران، يسعى لفرض نظام ولاية الفقيه على المنطقة بأكملها، وقتل بلا رحمة مئات المواطنين فى نوفمبر الماضى حينما احتجوا سلما على رفع أسعار الوقود.

لكن المفارقة أن سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هبطت ببلده إلى نفس المنهج الموجود فى دول كثيرة بالعالم الثالث، حينما بدأ يتحدث عن دول وقوى مختلفة تحاول تأجيج الأوضاع عقب مقتل فلويد. ومن المفارقات الصادمة أن مستشار الأمن القومى روبوت أوبراين اتهم زيمبابوى بدعم الاحتجاجات، الأمر الذى دعا الحكومة هناك لاستدعاء السفير الأمريكى للاحتجاج على ذلك.

التخريب والتدمير خلال المظاهرات أمر مدان تماما، ولابد من مواجهته بأقصى ما يتيحه القانون من قوة. لكن الملاحظ أن ترامب يتصرف بطريقة لم يسبقه إليها رئيس أمريكى. هو يهدد علنا باستخدام القوة، وقلبه مع التمييز العنصرى، والنتيجة أن الاحتجاجات انتقلت من مينيابوليس إلى أكثر من ٢٥٠ مدينة أمريكية و٢٣ بلدا خارج أمريكا. والأهم وجود حملة تضامن دولية متنامية لدرجة أن العديد من اللاعبين المحترفين فى الدورى الألمانى لكرة القدم كتبوا على التيشترات الداخلية لهم عبارات تضامنا مع جورج فلويد، ومنهم الدولى المغربى أشرف حكيمى. وبعدها كتب ليونيل ميسى متعاطفا مع فلويد. ورأينا أيضا الاتحاد الأوروبى يتضامن مع المظاهرات السلمية.

وربما هناك رؤساء ومسئولين يريدون التضامن لكنهم قد يخشون من غضب ترامب.

الولايات المتحدة ومنذ عقود طويلة نصبت نفسها حارسة ورقيبة على الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان فى العالم، بل وتدخلت فى العديد من الدول لفرض هذه القيم، ورأينا النتيجة الكارثية لهذا التدخل فى العراق عقب غزوة عام ٢٠٠٣.

فى تقديرى هناك فارق كبير بين النموذج الملهم الذى يقدمه المجتمع الأمريكى المتمثل فى القوة الناعمة والثورة التكنولوجية وهوليوود وحريات الإبداع والفنون والبحث العلمى، والجامعات والمستشفيات المتقدمة، وبين سلوك غالبية الإدرات الأمريكية المتعاقبة، التى تعظ عن الحريات وحقوق الإنسان، وفى نفس الوقت تدعم أنظمة استبدادية فى العديد من بلدان العالم، إضافة لدعمها اللا محدود لإسرائيل.

أمريكا تطالب العديد من دول العالم ليل نهار بالحريات وحقوق الإنسان، وربما كانت محقة فى العديد من الحالات، لكنها شربت من نفس الكأس بعد حالة جورج فلويد ــ الذى مات بسبب تعذيبه فى 25 مايو الماضى على يد الشرطى الأمريكى ديريك تشوفين، الذى ضغط على عنق جورج فلويد وهو مستلقٍ على وجهه على الأرض ومقيد اليدين، لمدة 8 دقائق، ولم يرحمه حتى وهو يستغيث قائلا: «لا أستطيع التنفس». هذه العبارة صارت أيقونة الاحتجاجات ضد العنصرية التى يتعامل بها عدد كبير من رجال الأمن البيض ضد سود أمريكا.

واشنطن دائمة الانتقاد لملف الحريات وحقوق الإنسان فى العديد من الدول منذ سنوات طويلة خصوصا إيران وروسيا والصين، وأى دولة تتجرأ وتختلف مع التوجهات الأمريكية. كان منطقيا أن يخرج بعض مسئولى هذه الدول مؤخرا ليكرروا على واشنطن نفس الأسطوانة التى تعزفها لهم دائما.
العنصرية لم تختفِ تماما من المجتمع الأمريكى، وهى موجودة إلى حد كبير تحت جلد المجتمع، وكل فترة تتكرر بصورة أو بأخرى حادثة مماثلة لجورج فلويد.

طبعا المجتمع الأمريكى أكثر تقدما واستمتاعا بالحرية وحقوق الإنسان من دول كثيرة، لكن المؤكد أن مجمل سياسات ترامب تأخذ المجتمع الأمريكى إلى أسفل بصورة سريعة.

ما فعله ترامب وإدارته فى مواجهة الاحتجاجات، وحديثه الذى ينضح عنصرية واستعلاء، سوف يقيد إلى حد كبير من قدرة الإدارة الأمريكية على إعطاء دروس لبقية الدول فى الحريات وحقوق الإنسان، ولو فعل ذلك، سيقول له العديد من المسئولين: «كما تدين تدان،ومن يكون بيته من زجاج، فلا يلقى بالأحجار على بيوت الآخرين».!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب وفلويد كما تدين تدان ترامب وفلويد كما تدين تدان



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon