آدم فينك هو أحد أعضاء الفريق الكندى للبيئة الذى فاز بجائزة نوبل عام 2007، وحينما فاز بالجائزة لم يكن عمره يتجاوز الخامسة والثلاثين.
فى العام الماضى زار فينك مكتبة الإسكندرية، ليلقى محاضرة عن التغير المناخى الذى يجتاح العالم. الرجل أراد أن يلفت انتباههم، فحدثهم مباشرة عما يتوقعه العلم لمستقبل الإسكندرية مناخيا.
قابلت فينك فى كلية الهندسة بجامعة برنس إدوارد أيلاند بمدينة شارلوت الكندية قبل ثلاثة أسابيع، حيث يرأس معمل وقسم أبحاث المناخ، بحضور الدكتور علاء عبدالعزيز رئيس الجامعة، والدكتور مجدى القاضى رئيس مجلس إدارة شركة كانويل، التى تعاقدت مع الجامعة لافتتاح فرع لها فى العاصمة الإدارية الجديدة.
آدم قبل فوزه بنوبل، كان يمارس ألعاب الفيديو ــ مثل كثير من الشباب ــ وخطرت فى ذهنه فكرة، وهى أن يحمل بيانات المناخ الموجودة فى منطقة ما لمدة 100 سنة، بدلا من اللعبة، ليرى النتائج المتوقعة.
وتطبيقا لذلك، فعندما كان آدم فى مكتبة الإسكندرية، قام بتحميل البيانات الموجودة عن المدينة، على النموذج الرياضى فى الفترة من 1981 وحتى 2012.
والنتيجة أن درجات الحرارة العالية فى المدينة فوق 35 درجة عام 1981، لم تكن تزيد على ثلاثة أسابيع فى السنة. الآن وصلت إلى أكثر من ثلاثة شهور!!.
لدى هذا الفريق البحثى الكندى كل نماذج التغير المناخى فى العالم على سيرفر أو «خادم»، ويمكن عبر هذه البيانات والنماذج قراءة الماضى بدقة، وبالتالى القدرة على التنبؤ بالمستقبل.
وبسبب نبوغ وأبحاث هذا الشاب الذى حاضر فى العديد من الجامعات المرموقة مثل هارفارد وتورنتو، وله ثمانية كتب عن تغيرات المناخ، فإن د.علاء عبدالعزيز قام بتعيينه فى جامعة برنس إدوارد فورا، على الرغم من أن إجراءات التعيين العادية تحتاج لشهور.
ما يفعله فينك مهم جدا لجزيرة برنس إدوارد، فهى إحدى المناطق المهددة بفعل التغييرات المناخية، لأنها جزيرة رملية، وتخسر كل سنة 28 سم مربع من أرضها، وهنا بدأ البحث عن حلول يمكنها المحافظة على الشواطئ مثل الأشجار والجذور المتشابكة لمنع سحب الرمال خلال ظاهرة المد والجزر.
كلية الهندسة فى هذه الجامعة ــ التى سيكون لها فرع فى القاهرة قريبا ضمن الجامعة الكندية، تخطط لشراء طائرة من دون طيار «درون» بحجم صغير. موجود بها «سنسور» يعطى صورة دقيقة لسطح الأرض، وما يحدث بها. وهناك طائرة صغيرة أخرى يمكنها أن تقدم للباحثين حقيقة ما يحدث تحت الماء. وتقدم معلومات عن الجزء المهدد بالتآكل،عبر نظام ليزر لمراقبة كل شواطئ الجزيرة طوال العام.
طبقا لما سمعته، فإن التغيير المناخى يحدث كل لحظة وبصورة ثابتة. هناك تقديرات تقول أن مياه البحر تزيد سنويا بمقدار متر فى بعض المناطق وفى مناطق أخرى أقل أو أكثر. سكان جزيرة برنس إدوارد عرفوا أن جزءا كبيرا من جزيرتهم سيختفى، لذلك يبيعون المساكن المجاورة للمحيط ويبحثون عن سكن فى مناطق أخرى أعلى وأبعد. رعب السكان مبرر، لأنه طبقا للبيانات فإن التغيير الذى حصل فى المناخ خلال المائة عام الماضية، يساوى ما حدث طوال ستين ألف عام قبلها. هذا ما كشفه برنامج كلايف للتنبؤ المناخى فى كندا.
ما يفعله فينك فى «برنس إدوارد إيلاند» نحتاج إلى أن نفعله على شواطئنا. هو قال لى إنه تعاون مع الأكاديمية البحرية التى يرأسها الدكتور إسماعيل عبدالغفار. وهناك مشروعات تعاون مشترك مع مؤسسات مصرية، لكن الأهم أنه سيقوم بتدريس برنامجه عن التغيرات المناخية، فى «جامعة كندا فى مصر» بالعاصمة الإدارية، التى يفترض أن تبدأ الدراسة بها قريبا.
وعلمت من الدكتور مجدى القاضى أن هناك درجة علمية فى الجامعة الجديدة عن التغير المناخى، وهو تخصص جديد تماما فى مصر.
فى تقدير فينك فالمهم أن يبدأ الناس فى التعايش مع التغيرات المناخية، وأن تبدأ الحكومات والأفراد فى البحث عن الحلول الحقيقية والفعالة لمواجهة الظاهرة.
اسمتعت لآدم فينك على مدى يومين عن أبحاثه، وخرجت بنتيجة أنه لا تقدم علمى، ألا بتوفير كل الإمكانيات لباحثينا الشباب، حتى يتمكنوا من إيجاد حلول حقيقية لمشاكلنا.
لدينا باحثون كثيرون متميزون، والدليل أنهم ينبغون، حينما يسافرون للخارج والنماذج لا حصر لها من أحمد زويل إلى مصطفى السيد وبينهما الآلاف. نتمنى أن تنشغل الدولة بأكملها ببذل جهد أكبر لتشجيع البحث العلمى، لأننا لا نملك خيارا آخر.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع