ما الذى يعنيه الرفض الواسع والشامل من غالبية السياسيين المصريين، لدعوة أيمن نور مالك قناة الشرق لما أسماه بـ«الحوار الوطنى» مع ١٠٠ شخصية؟
قبل الدخول فى التفاصيل فإن أيمن نور وجه ما أسماه «دعوة» إلى مائة من السياسيين المصريين والشخصيات العامة، إلى حوار وطنى قبل ٣٠ يونيه لما أسماه «إنقاذ مصر وتشكيل بديل وطنى مقبول داخليا وخارجيا». وصياغة الدعوة جاءت وكأن هذه الشخصيات قد تلقت هذه الدعوة، واستجابت لها!.
بمجرد الإعلان عن الأمر فوجئ الشارع السياسى المصرى بحملة رفض واسعة النطاق من غالبية الذين شملتهم الدعوة.
الدكتور زياد بهاء الدين كتب فى مقاله الأسبوعى فى «الشروق» يوم الثلاثاء الماضى، قائلا: إنه فوجئ باسمه فى القائمة على الرغم من أن أحدا لم يفاتحه.
تفسير زياد بهاء الدين للرفض الواسع للدعوة، لأنها تتضمن هدفين أساسيين، الأول محاولة دمج جماعة الإخوان فى قلب الحوار الوطنى، والثانى أن غالبية المصريين يريدون الحفاظ على ما تحقق من الأمن والاستقرار، على الرغم من كل المصاعب التى يواجهونها.
الكاتب الكبير عبدالعظيم حماد رئيس تحرير الشروق والأهرام السابق كتب على صفحته على فيسبوك يقول: «ردا على أيمن نور، أبلغنى صديق عزيز أن الدكتور أيمن نور ذكرنى ضمن قائمة من الشخصيات فى أحد مقترحاته.. أؤكد أننى لا أعلم بشىء من ذلك، ولم يتصل بى هو أو غيره، ولم أتصل به أو بغيره قط، ولا أشاهد محطاتهم كلها، بل ولا أعرفها. أفكارى أكتبها فى مقالاتى وكتبى وعلى فيس بوك ونشاطى يدور فى إطار الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، ونرفض التعاون والتنسيق مع جماعة الإخوان وحلفائها».
جورج إسحق أيضا رفض وقال لقناة إخوانية كما جاء عنه موقع «فيتو»: إن المطروح هو «حوار هزلى» مرفوض شكلا ومضمونا، ومعارضة الخارج مشكوك فيها وتلعب أدوارا واضحة لإعادة إحياء الإخوان مرة أخرى».
نفس الكلام أكده د. حسام البدراوى الذى قال: «أتمتع بحرية النقد والكلام داخل البلاد، وأرفض أى محاولة للاستقواء بالخارج، مهما كانت المبررات».
الدكتور عمار على حسن قال: «أعارض الحكومة من داخل البلاد، ووسط تيار مدنى لا تشوبه شائبة، وأرفض فتح الباب من جديد لمن ثار عليهم المصريون فى يناير ويونيه».
الدكتور حازم حسنى أستاذ العلوم السياسية والمعارض البارز قال: «إن دعوة نور تناقض رؤيته، وإنه لا جدوى من الحوار مع الإخوان التى تضمر أهدافا خبيثة وتحلم بإعادة حكم الجماعة من جديد، باعتبارها البديل الأكثر قدرة من القوى المدنية، على ممارسة السلطة، على الرغم من ضعفها الشديد وقلة حيلتها فى جميع البلدان العربية التى وصلت فيها للحكم، أو التى لا تزال تنافس فيها للوصول للسلطة».
النائب هيثم الحريرى رفض المبادرة تماما وقال لموقع «إرم نيوز»: «مهما كان اختلافنا مع السلطات المصرية الحاكمة، فلن نصطف مع أعداء الوطن، وأن تكتل ٣٠/٢٥ سيظل دائما جزءا من التيار المدنى الديمقراطى، الذى شارك فى ثورة يناير العظيمة وموجة ٣٠ يونيه».
أما النائب ضياء الدين داود فقد وجه لنور رسالة جاء فيها: «أرفض دعوتك التحريضية على الدولة المصرية أنا وزملائى، فالتكتل جزء من النظام المصرى، ومشروعيتنا من مشروعيته، التى تأسست بعد الموجة الثانية للثورة فى ٣٠ يونيه، ولن نسمح بأن نكون قنطرة لعودة نفوذكم الممول أجنبيا».
هذه عينة للردود التى جاءت ممن شملتهم الدعوة، وهناك بالطبع قلة من الصامتين أو المتحالفين مع الجماعة لم يردوا انتظارا لمعرفة التطورات.
المعنى الرئيسى لرفض هذه الدعوة وأمثالها، أن البوصلة الأساسية لمعظم السياسيين المصريين، لا تزال سليمة، وأنها تفرق تماما، بين معارضتها واختلافها مع الحكومة فى بعض السياسات، لكنها ترفض تماما رهن نفسها لتنظيمات إرهابية وقوى وتنظيمات وأجهزة دولية.
السؤال الجوهرى الآن: إذا كان ذلك هو موقف الشخصيات الوطنية المصرية، فما الذى يعنيه ذلك لجماعة الإخوان وللمتحالفين معها ومن يدعمونها بالمال والإعلام، وماذا يعنى أيضا للحكومة المصرية، وهل تقوم الأخيرة بالرد على هذه الرسالة الوطنية والإيجابية؟!!.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع