توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدرس الكورى يوقف الابتزاز الدولى

  مصر اليوم -

الدرس الكورى يوقف الابتزاز الدولى

بقلم : عماد الدين حسين

 بعد سنوات من القطيعة التقى الغريمان اللدودان رئيسا الكوريتين الشمالية كيم جونج اون والجنوبى مون جاى، يوم الجمعة الماضى فى القرية الحدودية بانمونجوم، واتفقا على نزع السلاح النووى وإرساء سلام دائم فى شبه الجزيرة الكورية بعد صراع مستمر منذ الحرب الكورية «من ١٩٥٠ إلى ١٩٥٣»، والتى أدت لمقتل نحو ٥ ملايين شخص فى صراع كان يعود سببه الأساسى إلى التنافس الأمريكى السوفييتى، بعد خروج اليابان من كوريا عقب هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥. ويفترض ان يحدث اختراق اكبر حينما يلتقى الزعيم الكورى الشمالى مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى موعد أقصاه يونيو المقبل.

كل شعوب جنوب شرق آسيا عموما وسكان كوريا خصوصا يحلمون ويتمنون أن يتم نزع فتيل الأزمة المستمرة، حتى يتفرغوا للبناء والتنمية.

بالطبع شعوب مثل كوريا الجنوبية واليابان حققت قفزات اقتصادية، لكن يظل التهديد الكورى الشمالى عامل ضغط وقلق وإزعاج دائم، خصوصا التجارب النووية والصواريخ الباليستية طويلة المدى التى تجريها بيونج يانج. هذه الشعوب حققت ما يمكن وصفه بالمعجزة الاقتصادية، لكن صواريخ التجارب الشمالية، تصيبها بالهلع، وبالتالى فإن أى حديث حقيقى عن تحقيق السلام، سيجعل هذه الشعوب تنطلق أكثر.

المقارنة بين الكوريتين لا تجوز، فالشطر الجنوبى حقق ما هو أكثر من المعجزة، وصارت منتجاته خصوصا الإلكترونية موجودة فى معظم بلدان العالم. فى حين أن الفقر والمجاعة ينتشران فى الشطر الشمالى. الجنوبيون آمنوا بالحريات والإبداع والتنافس فصاروا بين الكبار. والشماليون لم يبرعوا إلا فى إنتاج السلاح. صحيح أنهم باعوا منه الكثير لبلدان مختلفة، لكن السلاح وحده لا يطعم جائعا، والأهم أن الفجوة العلمية والتكنولوجية بين الشطرين كبيرة للغاية، ورأينا فى السنوات الأخيرة أن سكان الشطر الشمالى لا يجدون حتى البطاطس لأكلها، بفعل الحصار الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة وبلدان جنوب شرق آسيا.

الكوريتان تحولتا إلى ملعب خلفى للصراع والاستقطاب بعد الحرب العالمية الثانية، ثم التنافس الأمريكى مع كل من روسيا والصين.

حل هذا الصراع سيفيد شعبى البلدين والمنطقة، لكنه سيضر المستفيدين من استمراره وهم قوى كبرى خصوصا الولايات المتحدة.

هناك تقارير كثيرة تقول إن كوريا الجنوبية، رفضت ضغوطا من إدارة ترامب، تطالبها بدفع فواتير مالية كثيرة، مقابل الحماية الأمريكية من تهديدات جارتها الشمالية. هذه التقارير تقول إن ثمن التقارب مع بيونج يانج، أفضل كثيرا وأقل تكلفة من الثمن الذى يطالب به ترامب، وصار فلسفة أساسية فى تعامله مع العديد من بلدان العالم من أول اليابان وكوريا مرورا بحلف الأطلنطى ونهاية ببلدان الخليج العربية.
لو صحت هذه التقارير فإن الحكومة الكورية الجنوبية، تكون قد تصرفت بطريقة حكيمة جدا، أما العامل الحاسم، فهو اقتناع كوريا الشمالية بأن طريق المصالحة مع جارتها هو الأفضل.
كيم أون جرب لغة المبارزة النووية مع دونالد ترامب، ودخل كلاهما فى مبارزة لفظية حول من يملك «الزر الأكبر أو الأضخم» نوويا!!

حتى هذه اللحظة تصرف اون بحكمة بالغة، تخالف كل ما تشيعه عنه وسائل الإعلام الغربية. كان يتم تصويره بأنه يقتل أى وزير أو مسئول بصاروخ إذا لم يكن مزاجه رائعا، وسمعنا وقرأنا قصصا خيالية عنه، لكن تصرفه الأخير يوم الجمعة الماضى، يوحى بأنه تصرف بطريقة غاية فى الحكمة.

هو فاجأ العالم بأنه جمد التجارب النووية، لكن ذلك لم يكن استسلاما، بل سبقها بإعلان أن التجميد جاء بعد أن استكمل تجاربه النووية، قال أيضا إنه يريد وصل ما انقطع من الأنسجة والروابط مع الجارة فى الجنوب.

الأزمة تحلحلت لكنها لم تنتهِ تماما. وأغلب الظن أن مفاوضات شاقة وعصيبة ستدور أساسا حول الثمن الذى ينبغى أن تدفعه كوريا الجنوبية واليابان لإعادة إدماج كوريا الشمالية، وهل ستوافق «أمريكا الترامبية» على هذه الصفقة أم تحاول إفسادها؟!

السؤال الذى يفترض أن يشغلنا فى المنطقة العربية: إذا كنا قد تفاوضنا وجلسنا مع الصهاينة، ألم يحن الوقت للتفكير فى صيغة تنهى الصراع الذى يراه البعض حتميا مع إيران وسيأكل الأخضر واليابس عندنا وعندهم، ولا يفيد إلا الإسرائيليين وأعداء العرب والمسلمين؟!.. هل لدينا حكماء يفكرون فى حل يقلد ما فعله الكوريون؟!

نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرس الكورى يوقف الابتزاز الدولى الدرس الكورى يوقف الابتزاز الدولى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon