توقيت القاهرة المحلي 06:28:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليست مشكلة سائق أو وزير فقط

  مصر اليوم -

ليست مشكلة سائق أو وزير فقط

بقلم - عماد الدين حسين

جيد أن يبادر ويسارع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى إلى قطع أعمال مجلس الوزراء، والتوجه هو ووزراء الصحة والتضامن والنقل، إلى محطة سكة حديد مصر، لمتابعة تفاصيل حادث انفجار واصطدام جرار قطار برصيف نمرة ٦ مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات. لكن ذلك وحده لا يكفى بالمرة.
رئيس الوزراء قال للصحفيين داخل المحطة: «انتهى عصر السكوت على أى نوع من أعمال التقاعس. وكل شخص سوف يحاسب حسابا عسيرا بقدر الضرر والأذى الذى تسبب فيه. روح المواطنين عزيزة جدا علينا، وسنحاسب كل المقصرين والمهملين، وكل واحد فى مصر، لازم يبقى عارف انه له مكانه فى بلده».
مرة أخرى كلام جيد ومهم للدكتور مدبولى، لكن أتمنى أن يدرك سيادته، وسائر أعضاء الوزراء وكبار المسئولين أن المشكلة، ليست فقط فى محاسبة المسئول، ولكن فى السيستم. وهو أمر يشبه محاولة الارهابيين وليس الارهاب نفسه!!.
قد يسفر تحقيق النيابة العامة عن إدانة السائق، أو السائقين، أو حتى غالبية قيادات السكة الحديد. فهل يحل ذلك المشكلة؟!
النيابة دورها أن تحدد المتهم والمقصر فى هذا الحادث فقط وهو أمر مهم أن نعرفه، حتى يتم معاقبته وبكل شدة ممكنة. لكن ما نريده من الحكومة أن تقوم بتغيير المنهج أو الطريقة أو النظام أو السيستم، حتى لا نتفاجأ كل فترة، بمثل هذه الحوادث المميتة.
أقدر حماس الدكتور مدبولى وسائر أعضاء الحكومة، وحزنهم على الضحايا، ومحاولة تهدئة غضب الرأى العام الثائر. لكن أذكر الجميع بأن هناك أكثر من طريقة للتعامل مع مثل هذه الحوادث.
أبسط الطرق وأسهلها هو إقالة المسئولين من أول محولجى المحطة نهاية بوزير النقل. جربنا هذه الطريقة مرارا وتكرارا، فهل انتهت الفوضى والحوادث؟!
لمن نسى فإن أرشيف الصحف يذكرنا بأن هناك خمسة وزراء نقل دفعوا مناصبهم ثمنا لحوادث قطارات شهيرة. المهندس سليمان متولى الذى استمر فى منصبه عشرين عاما متواصلة، تمت إقالته حينما سقطت سيدة من دورة مياه قطار كان متجها للصعيد عام ٢٠٠٠.
وفى ٢٠ فبراير ٢٠٠٢ تم إقالة الدكتور إبراهيم الدميرى عقب الحريق الذى اشتعل فى قطار الصعيد أمام العياط وأدى لتفحم ٣٦١ جثة، وهو العدد الأكبر على الإطلاق فى حوادث القطارات.
وفى ٢٠٠٩ استقال المهندس محمد منصور بعد اصطدام قطارين أمام العياط مما أدى لمصرع ٣٠ شخصا وإصابة ٥٨ آخرين.
حظ المهندس محمد رشاد المتين كان الأسوأ، حيث تولى منصبه لأربعة شهور فقط، وقع خلالها نحو ١٥ حادثا فى السكة الحديد، وتمت إقالته فى ١٧ نوفمبر ٢٠١٢ بعد كارثة اصطدام قطار، أسيوط بأتوبيس مدارس أدى إلى مقتل ٤٧ طفلا وإصابة ١٣ آخرين، وكان آخر وزير نقل تم إقالته هو المهندس حاتم عبداللطيف فى ١٥ يناير ٢٠١٣ بسبب حادث قطار البدرشين الذى أوقع ١٩ قتيلا و١١٧ مصابا.
الملاحظة الجوهرية أن هذه الاستقالات أو الإقالات، لم تغير شيئا فى المنظومة الخربة بالسكة الحديد. غالبية الوزراء كانوا خبراء حقيقيين، وأعرف المهندس الدميرى جيدا وهو عالم كبير فى هندسة النقل، كما أن المهندس هشام عرفات، بدأ فعليا فى تنفيذ إصلاحات جذرية بهذا المرفق بناء على تعليمات رؤية الحكومة والرئاسة.
السؤال الجوهرى الذى يفترض أن نسأله لأنفسنا، ما هى فائدة إقالة وزير إذا كانت المنظومة سوف تستمر كما هى؟!
لا يعنى هذا السؤال أننى أطالب بعدم إقالة الوزراء المقصرين بشخصهم أو فى الهيئات التابعة لهم. بالعكس تماما، ثقافة المحاسبة أمر مهم للغاية، لكن شرط أن تتم فى إطار إصلاح شامل للأخطاء، وليس لامتصاص غضب الرأى العام.
بالطبع مراعاة مشاعر الرأى العام مهمة جدا والوزير يجب أن يتحمل المسئولية السياسية حتى لو كان أفضل العلماء فى مجاله، لكن أتمنى أن يكون ذلك فى إطار أشمل يتضمن معالجة الخلل الجوهرى فى المنظومة.
بدايات إصلاح هذا الخلل أن تصارح الحكومة الشعب بحال مرفق السكة الحديد، وأن يتم التوافق المجتمعى على بدء الإصلاح، شرط ألا يكون ذلك برفع أسعار التذاكر فقط. المواطنون سيقبلون زيادات فى الأسعار، حينما يدركون أنه لا توجد مجاملات أو استثناءات أو محاربة صورية للفساد داخل هذا المرفق وغيره. وإذا تبين لهم فعلا أن الحكومة والوزارة تكافئ المجد والمتفوق، وتحاسب المقصر والمهمل. لو أن ذلك حدث فعلا، فربما ما كان مثل هذا الحادث قد وقع من الأساس.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع        

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليست مشكلة سائق أو وزير فقط ليست مشكلة سائق أو وزير فقط



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ

GMT 01:59 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

رمضان صبحي خارج حسابات الأهلي أمام النجم الساحلي

GMT 09:38 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يصرّ على الانضمام إلى منتخب مصر رغم إصابة الكاحل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon