بقلم: عماد الدين حسين
هل العميل أو المستثمر المتعثر يتم سجنه وعقابه، أم يتم مساعدته للخروج من تعثره، بحيث يعود للسوق مرة أخرى ويساهم فى توفير المزيد من فرص العمل؟!
هذا السؤال المهم مطروح بقوة فى الفترة الأخيرة، خصوصا بعدما تناوله الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاحه بعض المشروعات القومية الجديدة فى محافظة قنا ضمن فاعليات «أسبوع الصعيد» يوم السبت ٢٥ من ديسمبر.
الرئيس قال نصا لوزير الداخلية اللواء محمود توفيق ولوزيرة الصناعة نيفين جامع: «نريد حركة بناء وليس رصد مخالفات وقضايا. نسعى لمساندة المخالفين لتصحيح مسارهم والدعوة إلى مبادرة تهدف إلى التعاون والعمل معا فى تصويب أوضاعهم ودمجها فى المنظومة الصناعية، بما يتناسب مع المعايير المطلوبة».
السيسى قال أيضا: «وزارة الداخلية تضبط يوميا عشرات المصانع التى تعمل من دون ترخيص ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم». وقال الرئيس إنه وجه بتقنين أوضاع تلك المصانع المخالفة بدلا من اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، وأضاف: «الدولة لديها حكومة بناء وليس حكومة حساب، وسوف نقدم الدعم اللازم لكل من يحاولون العمل والتصنيع داخل مصر».
ما قاله الرئيس السيسى تطور فى منتهى الأهمية، ومن الواضح أنه لا يتعلق فقط بأصحاب المصانع المتعثرة، ولكن بالمتعثرين فى كل المجالات، مثل البنوك.
قبل أيام انفردت «الشروق» فى ملحق مال وأعمال بنشر تقرير مهم كتبته الزميلة عفاف عمار يتضمن أن طارق عامر محافظ البنك المركزى وجه رؤساء وكبار مسئولى البنوك المصرية، بمساعدة العملاء المتعثرين فى سداد قروضهم، بدلا من اتخاذ الإجراءات القانونية فقط ضدهم، علما أن القاعدة العريضة الأساسية من عملاء البنوك ملتزمون ويسددون قروضهم بصورة جيدة.
هل معنى ذلك أن تترك الدولة من لم يسدد حقوقها سواء كان فى البنوك أو المصانع حرا يفعل ما يشاء يهدد أموال الدولة والمودعين أو يطرد العاملين من مصنعه؟!
الإجابة هى لا، وأظن أن كل مرحلة لها سياسات محددة.
فى فترة معينة كان ينبغى على أجهزة الدولة أن تضرب بيد من حديد كل من لا يسدد القروض، أو يغلق مصنعه ويطرد العمالة، كان ذلك مقبولا فى ظل وجود عنف وإرهاب وتطرف ومحاولات لهدم اقتصاد الدولة وجمع الدولارات خارج الإطار الرسمى.
لكن الآن الدولة عادت قوية واستقرت، وبالتالى فان المعيار الأساسى هو التأكد أن هذا المستثمر أو المفترض أو المصنع جاد، ولم يلجأ إلى حيل للتهرب من سداد ما هو مستحق عليه، وبالتالى يمكن منحه مزيدا من الوقت حتى يتعافى ويعود منتجا، ووقتها يمكنه أن يسدد ما عليه من التزامات.
الرئيس السيسى، قال إنه «بعد حصر المصانع غير المرخصة سيتم نقلها إلى أقرب مجمع صناعى وإعطاؤها الأوراق المطلوبة لتفادى وقوعها تحت طائلة القانون، وإن الدولة أقامت ١٣ مجمعا صناعيا مجهزة بالمرافق والبنية التحتية والأمن الصناعى لتسهيل عمل المستثمرين، وسوف نساعدهم على تسويق منتجاتهم داخليا وخارجيا، والهدف هو دفع المزيد من المصانع للبدء فورا فى عمليات الإنتاج الفعلى، وإنه علينا التعلم من التجارب السابقة خصوصا الروبيكى التى كانت فكرة من عام ٢٠٠٤ ولم تتحول للإنتاج إلا قبل عامين ومدينة الأثاث بدمياط التى لم تتوافر بها بعض المواد الخام فتأخر العمل بها».
الرئيس قال إن تكلفة إقامة المجمعات الصناعية الـ١٣ التى تم افتتاحها تبلغ ١٠ مليارات جنيه، وكذلك ٦ مليارات جنيه لإمدادها بالمرافق، فى حين أن اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية قال إن الدولة ضخت استثمارات فى الصعيد بـ٥٣٫٦ مليار دولار فى السنوات السبع الأخيرة.
إذن توجه الدولة الحالى بمساندة المستثمرين والمصنعين ودعمهم بدلا من حبسهم ومطاردتهم بالإجراءات القانونية توجه ممتاز، شرط أن يترافق أيضا مع معاقبة الكسالى والمهملين والمتقاعسين الذين يريدون أن يأكلوا أموال الدولة، حتى لا تصل هذه الرسالة الإيجابية من الدولة بصورة عسكية إلى هواة ومدمنى المكسب الحرام.