توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرابحون والخاسرون فى سوريا

  مصر اليوم -

الرابحون والخاسرون فى سوريا

بقلم : عماد الدين حسين

 حينما تتعارك وتتصارع الأفيال، فإن العشب يكون الضحية. ومن سوء الحظ فإن الشعوب العربية هى العشب، فى الصراع الدائر الآن فى المنطقة، وإذا اندلعت حرب بين إسرائيل وأمريكا من جهة، وإيران من جهة أخرى، فإن أكثر من سيدفع الثمن هم العرب بصفة عامة.

تخيلوا ــ لا قدر الله ــ إذا اندلع الحريق الكبير، وقررت إسرائيل أن تستدرج إيران إلى حرب، بحجة أنها تهدد أمنها انطلاقا من الأراضى السورية، فمن سيكون الكاسب ومن سيكون الخاسر فى هذه المعمعة؟!

الخاسر الأول فى هذا الصراع، سيكون الشعب السورى. هذا الشعب يدفع الثمن منذ انتفاضته التى بدأت سلمية فى مارس ٢٠١١، لكن الأشرار عسكروها، وكانت البداية، التى عصفت ليست فقط بسوريا، بل بكل المنطقة، بحيث جاءت كل القوى الكبرى إلى سوريا، وعاثت فيها فسادا، وماتزال تفعل حتى هذه اللحظة.

فى كل مرة يتصور السوريون أن لحظة نهاية المحنة، قد حانت، يفيقون على مأساة جديدة، تجعلهم ــ يبدأون من جديد، وكأنه مكتوب عليهم لعنة سيزيف الأبدية.

الخاسر الثانى هو الأمن القومى العربى بصفة عامة، فكلما استمر النزاع فى سوريا وعليها، سيعنى ذلك المزيد من الاستنزاف للأمة العربية فى مجالات متعددة من أول قتل وإزهاق الأرواح نهاية بتعطيل عملية التنمية مرورا بإهدار كل إمكانيات الأمة.

الخاسر الثالث هو تأجيل أى آمال فى وقف الاستبداد والتسلط فى المنطقة. لأن الصراع يعنى مزيدا من الفرص والمبررات للمتسلقين لتأجيل أحداث أى نوع من الانتقال إلى ظروف طبيعية.

الخاسر الرابع هو استمرار رهن الثروات العربية للقوى الكبرى خصوصا الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية.
وبالمنطق المعكوس فإن الكاسبون والرابحون من هذا الصراع يمكن تخيلهم بسهولة.

إسرائيل هى المستفيد الأول، لأن كل أهدافها تتحقق بأقل قدر من الجهد وأحيانا من دون جهد. هدفها الجوهرى بعد دمار سوريا، هو استنزاف إيران والقضاء على برنامجها النووى، ومنع إقامة أى تواصل برى بين طهران والجولان المحتلة عبر بغداد ودمشق.

تربح إسرائيل أيضا من اختلال خطير فى الأمن القومى العربى، بحيث صارت بلدان عربية مؤثرة ترى أن العدو الفعلى هو إيران، وليس إسرائيل، بل بدأت تتقارب بصورة متسارعة مع تل أبيب.

الرابح الثانى هو الولايات المتحدة خصوصا إدارة دونالد ترامب، الذى يغرف مليارات الدولارات من البلدان العربية، مقابل أن يقوم بحمايتها، أو يدعى ذلك، كما أنه يحقق وعودا لجمهوره وتياره المحافظ الذى يؤمن بكل الخرافات التوراتية، وتجلت أكثر ما يكون فى خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية المحتلة.

الرابح الثالث هو روسيا، حيث تمكنت عبر هذا الصراع من العودة للمنطقة وإقامة قواعد عسكرية، ليس فقط فى سوريا، ولكن فى بعض بلدان المنطقة. صحيح أن روسيا لعبت دورا مهما فى تحجيم نفوذ الجماعات المتطرفة خصوصا داعش والنصرة، لكن هى أيضا تمكنت من بيع صفقات سلاح كثيرة، وتجربة أسلحة أخرى وعززت نفوذها فى المنطقة.

الرابح الرابع نسبيا هى تركيا، التى استغلت الأزمة ووجهت ضربات قاسية للأكراد، ليس فى تركيا فقط، ولكن فى العراق ثم سوريا، حيث صارت تحتل جزءا من الأراضى السورية، خصوصا فى عفرين وتحاول إقامة منطقة نفوذ فى الشمال السورى لكنها خسرت نسبيا، وإنهار مشروعها إلى حد كبير حينما حلمت بتكوين وإعادة تأسيس الخلافة العثمانية عبر استغلال تيار الإسلام السياسى.

الرابح الخامس هو إيران حتى هذه اللحظة، فهى وعبر تحالفها مع بشار الأسد ودعمه عسكريا، تمكنت من تعظيم نفوذها فى سوريا بعد أن فعلت الأمر نفسه فى العراق ولبنان واليمن.

لكن هذا الربح غير مؤكد الاستمرار، ويتوقف على نتيجة الصراع مع إسرائيل فى سوريا أولا. وكذلك إلى أى مدى سوف تستمر الولايات المتحدة فى معاقبة طهران بعد انسحابها من الاتفاق النووى قبل أيام.

الرابح السادس هو شركات السلاح الغربية وكذلك شركات المقاولات الكبرى التى تشجع القتل والخراب والدمار، حتى تضمن حصة من إعادة الإعمار، وهو ما يعنى استنزاف كل الثروات العربية اولا بأول فى صراعات وحروب عبثية لا يستفيد منها الا اعداء هذه الامة!!

نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرابحون والخاسرون فى سوريا الرابحون والخاسرون فى سوريا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon