بقلم: عماد الدين حسين
فى اللحظة التى انتهت فيها القمة الإفريقية المصغرة مساء الثلاثاء الماضى، أصيب معظم المصريين بالإحباط.
وفى اللحظة التى أعلن فيها رئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد خلال القمة أن بلاده أنهت بنجاح الملء الأول لسد النهضة، شعر غالبية المصريين، أن إثيوبيا تصرفت بكل صلف وعنجهية وتحدٍ بل ونذالة.
قبل ثلاثة أسابيع تقريبا وخلال القمة الإفريقية المصغرة الأولى، تعهدت إثيوبيا أمام هذه القمة، بأنها لن تلجأ إلى ملء السد أو اتخاذ أى إجراءات محددة إلا بعد الوصول إلى اتفاق ثلاثى مع مصر والسودان.
وقبل أقل من أسبوع، أعلن وزير الرى الإثيوبى باللغة الأمهرية المحلية، أن بلاده بدأت ملء السد، وبعد أقل من ساعتين خرج باللغة الإنجليزية لينفى ذلك بطريقة غاية فى المكر وسوء النية.
إذا وبعد أن أثبتنا كل معانى ومظاهر حسن النية طوال السنوات التسع الماضية، فقد حان الوقت لكى نتصرف بطريقة مغايرة.
لا أقصد بالمرة أن نهاجم إثيوبيا عسكريا الآن أو غدا، فلست خبيرا عسكريا، ولست مسئولا لكى أفتى فى أمور قد لا أعلم كل تفاصيلها وتوازناتها، لكن ما أقصده أن الطريقة التى تعاملنا بها مع إثيوبيا طوال الفترة الماضية لم تعد تصلح، لأنها أوصلتنا إلى هذه اللحظة العصيبة والمريرة والمحزنة والمحبطة.
جربنا معهم كل شىء، من أول المكاتب الفنية التى أفشلوها تماما نهاية بالمفاوضات داخل البيت الإفريقى، مرورا بالمفاوضات فى واشنطن برعاية أمريكية وبحضور البنك الدولى. ولم نحقق أى نتيجة.
السؤال هل لدينا خيارات أخرى مختلفة؟.
هل نعود إلى مجلس الأمن مرة أخرى، علما أن فرص الحصول على قرار ملزم من المجلس تكاد تكون معدومة، لأن الدول الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن خصوصا الصين لن يصوتوا لصالحنا، سواء لمصالحهم المتنامية مع إثيوبيا أو لاعتبارات تتعلق بصراعات مائية فى مناطقهم ولا يريدون لمجلس الأمن أن يتدخل فيها؟!
أم هل نستمر مع الاتحاد الإفريقى وهذه اللعبة العبثية، ونحن نعلم يقينا أن قلب جنوب إفريقيا مع أديس أبابا، ليس حبا فيها فقط، ولكن حتى لا تنهض مصر وتستقر اعتقادا أن مصر القوية تهدد زعامة جنوب إفريقيا للقارة؟!!.
هل ننسحب من اتفاق المبادئ الموقع فى مارس ٢٠١٥ بالخرطوم، رغم أن البعض يقول إن هذا الاتفاق هو الوثيقة الوحيدة الحديثة الملزمة لإثيوبيا بعدم التصرف الأحادى وضرورة الوصول لاتفاق.
أم هل ننسحب من كل المفاوضات ونصدر بيانا واضحا يقول إننا سئمنا من هذا العبث الإثيوبى، وهذا الصمت الدولى المريب، وأننا لم يعد لدينا أى ثقة فى المفاوض الإثيوبى أو الوسيط الإفريقى؟
هل نوجه إنذارا لإثيوبيا بأنها إذا لم تغير موقفها فورا وتقبل باتفاق عادل ومنصف، فلن يكون أمامنا مفر إلا استخدام القوة حتى تتحرك القوى الكبرى والمؤثرة التى ستدفع ثمنا كبيرا حال نشوب حرب بين مصر وإثيوبيا؟.
أطرح الأسئلة السابقة ولا أزعم أننى أمتلك إجابات شافية عليها، لكن أظن أن مصريين كثيرين يفكرون مثلى، ويريدون نتائج عملية سريعة على الأرض.
أعرف تماما أن هناك حسابات سياسية واقتصادية وعسكرية معقدة، تحيط بهذه الأزمة، والأمور ليست بالبساطة التى يظنها كثيرون، لكن من المهم جدا أن تحرص الحكومة والأجهزة وجميع مصادر صنع القرار على طمأنة الرأى العام المصرى، حتى تقطع الطريق على القوى التى تريد أن تصيبه باليأس والإحباط، سواء فى ليبيا أو إثيوبيا أو مواجهة الإرهاب علما أن كل الملفات متداخلة ومتشابكة.