بقلم: عماد الدين حسين
ظهر الجمعة الماضية، ذهبت إلى المسجد قبل الأذان بعشر دقائق، حتى أجد مكانا ملائما، المسجد عبارة عن زاوية صغيرة فى أحد شوارع وسط البلد القريبة جدا من مجلسى الشعب والوزراء ومربع الوزارات.
الزاوية نفسها لا يمكنها أن تستوعب أكثر من ثلاثين شخصا فى الأوقات العادية، أو أكثر من عشرة أشخاص فى زمن كورونا.
قبل رفع الأذان رأيت أحد الحاضرين ينهر شخصا حاول زيادة عدد «الحصر» حتى لا يزيد عدد المصلين وبالتالى يتعرض المسجد لإجراءات عقابية لأنه خالف قواعد التباعد الاجتماعى.
الرجل قال لى إنه أدى صلاة الجمعة الماضية فى أحد المساجد بمنطقة المدبح بالقاهرة، والمسئولون هناك تصرفوا بطريقة صحيحة جدا، وأغلقوا المسجد، حينما دخل العدد الكافى والصحيح والآمن من المصلين، ولذلك هو لا يريد أن يأتى أى مسئول من الأوقاف أو المحليات ليجد أن الإجراءات الاحترازية غير مطبقة، مما يوقع الحاضرين جميعا فى موقف محرج.
المهم.. الإمام بدأ الخطبة فى الثانية عشرة وثلاث دقائق وأنهاها بعد ١٤ دقيقة، بالضبط فى حين أنه انتهى من الصلاة فى الثانية عشرة وخمس وعشرين دقيقة. وهو وقت معقول ولا يزيد كثيرا على العشر دقائق الذى خصصته الأوقاف للخطبة.
المشكلة ليست هنا. المصلون بدأوا فى التكاثر، وعندما امتلأت الزاوية نفسها بدأ المصلون يفرشون «الحصر» فى الشارع، وهنا أيضا لا توجد مشكلة، طالما أن الشارع واسع. لكن المشكلة الفعلية أن ١٠٪ منهم فقط أحضروا سجادة خاصة بهم، ثم جلسوا متراصين طوال وقت الخطبة. وحينما تم إقامة الصلاة التصقوا بجوار بعضهم البعض، وكأنه لا توجد كورونا، فى حين أن من ارتدوا الكمامة لم يزيدوا على ٢٠٪.
الإمام، لم يكلف نفسه ارشاد الناس إلى الإجراءات الصحيحة، أو التأكد من اتباعها، بل تعاملوا بشعار «خليها على الله».
الناس متشوقون لصلاة الجمعة بعد توقف استمر منذ شهر مارس الماضى.. لكن ينبغى أن يتم التأكد من القيام بالإجراءات الاحترازية خصوصا فيما يتعلق بالتباعد الاجتماعى وارتداء الكمامة وإحضار السجادة الخاصة بكل مصل.
مبدئيا لا أعرف هل مسموح الصلاة فى الزوايا أم فى المساجد الكبرى فقط، وأين هو تفتيش وزارة الأوقاف على المخالفين؟!
ظهر يوم الجمعة قرأت تصريحات لمديرى الأوقاف فى المحافظات المختلفة كان معظمها يدور حول محور واحد بأن كل المساجد التزمت بالإجراءات واتبعت كل الاحتياطات.
يقول التقرير المنشور فى الشروق يوم السبت الماضى، إنه تم الالتزام الكامل بالإجراءات الاحترازية والضوابط التى حددتها الوزارة ومنها ترك مسافة تصل إلى متر ونصف بين المصلين وغلق جميع الزوايا ودورات المياه وإحضار السجادة الخاصة بكل مصل، وتوزيع الكمامات والمصليات الشخصية على المصلين وتعقيم المواطنين باستخدام الكحول فور دخول المسجد.
مديرو الأوقاف يقولون إن الصلاة انتهت من دون رصد غرفة العمليات الرئيسية بالمديريات أى مخالفة للتعليمات، وأنه لم يتم فتح أى مسجد غير تابع للأوقاف.
للأسف هذا الكلام غير دقيق، نعم هناك نسبة التزام لا بأس بها. لكن ما رأيته فى المسجد الذى صليت به، وما سمعته من آخرين، يقول إن نسبة الالتزام ليست ١٠٠٪ كما يقول مديرو مديريات الأوقاف.
حكاية أنه «كله تمام» ولم يتم رصد أية مخالفة هو «تستيف للأوراق» لكنه لا يصمد أمام الواقع!!
جيد أن تعود صلاة الجمعة، كما عادت العديد من الأنشطة، لكن من المهم أن يؤدى مديرى المديريات عملهم بكل دقة وأمانة بدلا من حكاية كله «تمام».
نتمنى أن يقوم مديرى ومفتشى الأوقاف بعملهم على أكمل وجه، حتى لا يتسبب التكدس العشوائى فى زيادة عدد الإصابات، والأهم أن يتم «تأهيل الأئمة» والخطباء على اقناع المصلين بأهمية الإجراءات الاحترازية خصوصا ارتداء الكمامة، ليس أثناء الصلاة فقط، بل فى كل التجمعات، فربما يمكن للأئمة أن يلعبوا دورا فشل فيه الكثيرون.