توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حزب الدببة

  مصر اليوم -

حزب الدببة

بقلم : عماد الدين حسين

 خلال أيام يفترض أن يتم رفع أسعار الوقود والكهرباء وبعض الخدمات، وبالتالى سترتفع أسعار العديد من السلع. لا اناقش اليوم مضمون الزيادة، فقد فعلت ذلك أكثر من مرة فى الأيام الماضية.

اليوم أتحدث عن طريقة التعامل مع الأمر. وأسوأ سيناريو متوقع أن يخرج البعض بحسن نية أو جهل ليقول إن بعض المصريين يرحب بقرارات رفع الأسعار!!!.

هذا الفريق يمكن أن نطلق عليه ــ من دون أن نتجنى ــ الدببة التى قد تتسبب فى قتل أصحابها أو الإساءة إليهم وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا!.
فى الفترة الأخيرة قرأت لنماذج تنتمى لهذا الفريق، يتحدثون بسذاجة منقطعة النظير، ليحاولوا إقناعك أن بعض الفقراء سيرحب سعيدا ومبسوطا بقرارات رفع الأسعار.

منطقيا، فإن الرفع المتوقع للأسعار سيصيب الجميع بآثاره السلبية، بمن فيهم الأغنياء، وبالتالى فالحل ليس أن نقول إن الناس سعيدة برفع الأسعار، بل بمحاولة إقناعهم بأنه لا يوجد بديل عن هذا القرار الصعب.
فى الصيف الماضى وعقب رفع أسعار الوقود فى يوليو الماضى ــ على ما أتذكر ــ قابلت رجل أعمال وفنانا على هامش مؤتمر فى شرم الشيخ.

رجل الأعمال قال لى: «بالطبع سوف أتأثر بالقرار لأن تكلفة الإنتاج فى مصانعى ستزيد، والعمال والموظفون سيطالبون بزيادة رواتبهم، لمواجهة التضخم المتوقع، وبالتالى فأنا مضطر أن أدفع لهؤلاء ولو لتعويض نسبة قليلة من الزيادة للموظفين».

لكن الرجل للأمانة قال لى يومها إنه يؤيد بصورة حاسمة قرار تخفيض الدعم عن الوقود؛ لأن الدعم ــ من وجهة نظره ــ كان السبب الجوهرى فى معظم التشوهات التى أصابت الاقتصاد المصرى فى السنوات الماضية، خصوصا العجز المستمر فى الموازنة العامة، والحكومات كانت تشترى صمت المواطنين، وبدلا من وضع سياسات صحيحة، تدعم الإنتاج فإنها كانت تسحب على المكشوف، وتؤجل عملية الإصلاح بحيث تتحملها الأجيال المقبلة».

هذا ما قاله رجل الأعمال، وفوجئت بأن الفنان الكبير الذى قابلته فى نفس المؤتمر، كان أيضا غاضبا، وعندما سألته عن السبب، رغم أنه يتقاضى عدة ملايين فى الفيلم أو المسلسل الواحد، فإنه قال لى إنه مضطر لزيادة رواتب كل العاملين المحيطين به، من السائق إلى الطباخ وعامل الحديقة وحارس الفيلا، وفواتير الكهرباء والغاز والمياه، ناهيك عن البنزين للسيارات.

هو مثل رجل الأعمال يؤيد قرار خفض دعم الوقود حتى ينصلح حال اقتصاد البلد، حسب تعبيره، لكنه لا يمكنه أن يخرج ليعلن أن الفقراء سعداء بقرارات رفع الأسعار!!.

إذا كان رجل الأعمال والفنان ومن فى مستواهم لا يمكنهم أن يقولوا إنهم سعداء بالقرار، فهل نتوقع من بعض الفقراء أو المتضررين أن يعلنوا عن ذلك؟!.

بالطبع الإجابة هى لا، وبالتالى فمن حق الحكومة وأنصارها أن يدافعوا عن قرار الزيادة المتوقع، لكن من المهم أن يختاروا الطرق المثلى لشرح أسباب ذلك، وأن تكون منطقية ومقنعة، وليس بهذه الطريقة الصادمة واحيانا الفجة.

رأينا رد فعل الكثيرين على تصريح أحد المسئولين بجمعية خيرية، حينما قال إنه لا يوجد فقراء فى مصر، رغم أن البيانات الرسمية تقول إن عدد الواقفين تحت خط الفقر يقترب من ٣١٪ من المصريين. ورأينا ردود الفعل الغاضبة على كل من خرج ليقول إن المصريين يرحبون بزيادة الأسعار.

إذا كان هناك ١٪ أو حتى ٢٠٪ من المصريين يرحبون بذلك، فهناك ٨٠٪ آخرين غير سعداء.

لو كنت مكان الحكومة لتوقفت فورا عن الاستماع لـ«حزب الدببة»، ولطلبت منهم أن يوفروا نظرياتهم الساذجة، ويجتهدوا فى أن يشرحوا للمواطنين، الواقع الصعب جدا للاقتصاد المصرى، وضرورة إصلاح مواطن الخلل، وأنه إذا كانت الحكومة سترفع أسعار الطاقة، فإنها فى المقابل ستزيد من حجم شبكة الحماية الاجتماعية خصوصا للموظفين ومحددوى الدخل، مثل المخصصات التموينية وبرنامجى تكافل وكرامة والضمان الاجتماعى واحتمال صرف علاوة غلاء، إضافة لضرورة محاربة الفساد بلا هوادة، وضمان تحصيل الضرائب من القادرين، واسترداد حقوق الدولة المهدرة خصوصا من حيتان الأراضى، الذين استولوا عليها بلا سند من القانون.

مطلوب من الحكومة أن تطلب من كل مسئوليها وإعلامييها والمدافعين عنها أن يجتهدوا فى إقناع الناس بالأسباب المحتمة للزيادة، من دون أن يجرحوا مشاعر الفقراء ويدّعوا أنهم أو حتى بعضهم سعداء بزيادة أسعار الوقود!!.

نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب الدببة حزب الدببة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon