توقيت القاهرة المحلي 13:05:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية؟!

  مصر اليوم -

لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية

بقلم: عماد الدين حسين

أحد الأصدقاء اتصل بى معلقا ومعاتبا عما كتبته فى هذا المكان، وقلته فى العديد من الفضائيات بشأن الانفجار الذى دمر ميناء بيروت الأسبوع قبل الماضى.
وجهة نظر الصديق أننى كنت شديد الانتقاد للنخبة السياسية اللبنانية الحاكمة والمتحكمة فى لبنان، وأننى كان ينبغى على أن أفعل ذلك مع كل النخب الحاكمة العربية الفاسدة المتشابهة التى تتجبر على شعوبها، ولا يصح أن أنتقد فقط النخبة اللبنانية وأترك بقية الحكومات.
وجهة نظر الصديق تبدو للوهلة الأولى منطقية وعقلانية، ولكن فى تقديرى ــ وربما أكون مخطئا ــ فإن الحالة اللبنانية لا يوجد لها مثيل عربيا وربما حتى عالميا!.
أولا: أزعم أننى أنتقد ما أراه سلبيا فى أى دولة عربية بصورة هادئة وموضوعية. فعلت ذلك على مدار أكثر من ستة مقالات لما يحدث للعمالة المصرية فى الكويت.
وبالصدفة فإن صديقا كويتيا سألنى سؤالا مشابها بقوله: «ولماذا لا تنتقد ما يحدث للعمالة فى بقية الدول العربية وبالأخص فى الخليج ؟!!». وقلت له، سأفعل حينما تقع أى حادثة مماثلة. ولا يمكن أن نقارن بين حادث فردى لمقتل مصرى فى أى دولة، وبين حالة من الشحن والتعبئة ضد كل المصريين.
وقد كتبت عن هذه القصة فى هذا المكان قبل أيام تحت عنوان: «متى تنتهى الحساسيات بين العرب»؟!
ثانيا: أدرك أن الحال لا يسر عدوا أو حبيبا فى معظم البلدان العربية. وأعرف أن معظم الدول العربية تأتى فى تصنيفات متأخرة جدا حينما يتعلق الأمر بالديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والفساد والحريات، خصوصا حق التعبير. لكن تظل هناك درجة من النسبية فى الأشياء.
ثالثا: ما يحدث فى لبنان وصل إلى درجة غير مسبوقة من التردى، صارت تهدد بقاء لبنان كبلد. قد يكون هناك استبداد فى هذا البلد العربى أو ذاك، لكنه لم يهدد وجود الدولة نفسها. الصيغة اللبنانية أظن أنها وصلت إلى درجة خطيرة تنذر بعواقب لا يمكن تخيلها.
كنت قاسيا فى انتقاداتى لأنى أحب لبنان جدا كبلد عربى متحضر ومستنير وراقٍ وشعبه لا يستحق ما يحدث له. وكنت قاسيا، لأن الأحوال فى لبنان وصلت لمرحلة شديدة الخطورة.
ديون هى الأعلى على الإطلاق عالميا، تبلغ ١٧٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وتقترب من مائة مليار دولار.
الدولار كان يساوى حوالى ١٥٠٠ ليرة، حتى أسابيع مضت، وظل يقفز حتى وصل فى بعض الفترات إلى عشرة آلاف ليرة، والتضخم يتصاعد، والنتيجة أن نسبة الفقر قفزت من ٣٧٪ العام الماضى إلى ٤٥٪ هذا العام، فى بلد لا يزيد عدد سكانه عن ٥ ملايين نسمة. والنتيجة أن لبنان عجز عن سداد أقساط ديون مستحقة فى إبريل الماضى، وكاد يتم إعلان إفلاسه دوليا لولا جدولة هذه الأقساط فى اللحظة الاخيرة. وهو مضطر إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولى وبقية المؤسسات الدولية، ما يعنى مزيدا من التقشف، لن يتحمله إلا الفقراء والطبقة الوسطى.
ثروة عائلتين فقط من محترفى السياسة فى لبنان تعادل أجور ثلاثة ملايين لبنانى!. الاستبداد والفساد ليس قاصرا على حزب أو طائفة. كل الطبقة الحاكمة، وأحيانا المعارضة ضربها الفساد، أو استفادت منه، أو تواطأت معه، والأخطر أن بعضها يلعن الطائفية نهارا، ويتحالف معها ليلا، أو يتقاسم معها بعض الغنائم بين الحين والآخر.
لم نجد حزبا ينتقد الطائفية أو الاستبداد، ويقوم بإجراء انتخابات داخلية على أساس المواطنة والتنوع، لكن هذه الأحزاب التى يصف بعضها نفسه بأنها ديقمراطية أو تقدمية أو ليبرالية، يتوارثها الأحفاد عن الآباء عن الأجداد.
الطبقة السياسية اللبنانية قبلت أن يتحول لبنان إلى ملعب للصراع الطائفى والعرقى والقومى والدينى، وولاءات بعض قادته لدول وطوائف موجودة خارج لبنان.
إسرائيل مسئولة عن جزء كبير من مشاكل لبنان، لكن للموضوعية فإن طبقته السياسية تتحمل الجزء الاكبر من المسئولية. إسرائيل انسحبت من لبنان منذ عشرين عاما، والمشاكل تزيد ولا تقل.
قد يكون لبنان منفتحا ولديه بعض الحريات بحكم تركيبته الطائفية، وبالتالى فإن مشاكله معروضة على الملأ، مقارنة ببعض الدول العربية المغلقة، ولكن لم نرَ ترديا فى أحوال أى شعب عربى كما حدث فى لبنان حتى تلك التى تعيش حروبا أهلية.
لبنان يستحق طبقة سياسية مختلفة تنظر للمستقبل وتخاصم الماضى البغيض والحاضر الخطير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon