توقيت القاهرة المحلي 04:52:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية؟!

  مصر اليوم -

لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية

بقلم: عماد الدين حسين

أحد الأصدقاء اتصل بى معلقا ومعاتبا عما كتبته فى هذا المكان، وقلته فى العديد من الفضائيات بشأن الانفجار الذى دمر ميناء بيروت الأسبوع قبل الماضى.
وجهة نظر الصديق أننى كنت شديد الانتقاد للنخبة السياسية اللبنانية الحاكمة والمتحكمة فى لبنان، وأننى كان ينبغى على أن أفعل ذلك مع كل النخب الحاكمة العربية الفاسدة المتشابهة التى تتجبر على شعوبها، ولا يصح أن أنتقد فقط النخبة اللبنانية وأترك بقية الحكومات.
وجهة نظر الصديق تبدو للوهلة الأولى منطقية وعقلانية، ولكن فى تقديرى ــ وربما أكون مخطئا ــ فإن الحالة اللبنانية لا يوجد لها مثيل عربيا وربما حتى عالميا!.
أولا: أزعم أننى أنتقد ما أراه سلبيا فى أى دولة عربية بصورة هادئة وموضوعية. فعلت ذلك على مدار أكثر من ستة مقالات لما يحدث للعمالة المصرية فى الكويت.
وبالصدفة فإن صديقا كويتيا سألنى سؤالا مشابها بقوله: «ولماذا لا تنتقد ما يحدث للعمالة فى بقية الدول العربية وبالأخص فى الخليج ؟!!». وقلت له، سأفعل حينما تقع أى حادثة مماثلة. ولا يمكن أن نقارن بين حادث فردى لمقتل مصرى فى أى دولة، وبين حالة من الشحن والتعبئة ضد كل المصريين.
وقد كتبت عن هذه القصة فى هذا المكان قبل أيام تحت عنوان: «متى تنتهى الحساسيات بين العرب»؟!
ثانيا: أدرك أن الحال لا يسر عدوا أو حبيبا فى معظم البلدان العربية. وأعرف أن معظم الدول العربية تأتى فى تصنيفات متأخرة جدا حينما يتعلق الأمر بالديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والفساد والحريات، خصوصا حق التعبير. لكن تظل هناك درجة من النسبية فى الأشياء.
ثالثا: ما يحدث فى لبنان وصل إلى درجة غير مسبوقة من التردى، صارت تهدد بقاء لبنان كبلد. قد يكون هناك استبداد فى هذا البلد العربى أو ذاك، لكنه لم يهدد وجود الدولة نفسها. الصيغة اللبنانية أظن أنها وصلت إلى درجة خطيرة تنذر بعواقب لا يمكن تخيلها.
كنت قاسيا فى انتقاداتى لأنى أحب لبنان جدا كبلد عربى متحضر ومستنير وراقٍ وشعبه لا يستحق ما يحدث له. وكنت قاسيا، لأن الأحوال فى لبنان وصلت لمرحلة شديدة الخطورة.
ديون هى الأعلى على الإطلاق عالميا، تبلغ ١٧٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وتقترب من مائة مليار دولار.
الدولار كان يساوى حوالى ١٥٠٠ ليرة، حتى أسابيع مضت، وظل يقفز حتى وصل فى بعض الفترات إلى عشرة آلاف ليرة، والتضخم يتصاعد، والنتيجة أن نسبة الفقر قفزت من ٣٧٪ العام الماضى إلى ٤٥٪ هذا العام، فى بلد لا يزيد عدد سكانه عن ٥ ملايين نسمة. والنتيجة أن لبنان عجز عن سداد أقساط ديون مستحقة فى إبريل الماضى، وكاد يتم إعلان إفلاسه دوليا لولا جدولة هذه الأقساط فى اللحظة الاخيرة. وهو مضطر إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولى وبقية المؤسسات الدولية، ما يعنى مزيدا من التقشف، لن يتحمله إلا الفقراء والطبقة الوسطى.
ثروة عائلتين فقط من محترفى السياسة فى لبنان تعادل أجور ثلاثة ملايين لبنانى!. الاستبداد والفساد ليس قاصرا على حزب أو طائفة. كل الطبقة الحاكمة، وأحيانا المعارضة ضربها الفساد، أو استفادت منه، أو تواطأت معه، والأخطر أن بعضها يلعن الطائفية نهارا، ويتحالف معها ليلا، أو يتقاسم معها بعض الغنائم بين الحين والآخر.
لم نجد حزبا ينتقد الطائفية أو الاستبداد، ويقوم بإجراء انتخابات داخلية على أساس المواطنة والتنوع، لكن هذه الأحزاب التى يصف بعضها نفسه بأنها ديقمراطية أو تقدمية أو ليبرالية، يتوارثها الأحفاد عن الآباء عن الأجداد.
الطبقة السياسية اللبنانية قبلت أن يتحول لبنان إلى ملعب للصراع الطائفى والعرقى والقومى والدينى، وولاءات بعض قادته لدول وطوائف موجودة خارج لبنان.
إسرائيل مسئولة عن جزء كبير من مشاكل لبنان، لكن للموضوعية فإن طبقته السياسية تتحمل الجزء الاكبر من المسئولية. إسرائيل انسحبت من لبنان منذ عشرين عاما، والمشاكل تزيد ولا تقل.
قد يكون لبنان منفتحا ولديه بعض الحريات بحكم تركيبته الطائفية، وبالتالى فإن مشاكله معروضة على الملأ، مقارنة ببعض الدول العربية المغلقة، ولكن لم نرَ ترديا فى أحوال أى شعب عربى كما حدث فى لبنان حتى تلك التى تعيش حروبا أهلية.
لبنان يستحق طبقة سياسية مختلفة تنظر للمستقبل وتخاصم الماضى البغيض والحاضر الخطير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية لماذا الانتقاد القاسى للطبقة السياسية اللبنانية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية
  مصر اليوم - دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon