تحركت من محور الخطاطبة فى المنوفية، فى الواحدة ظهر يوم الأحد الماضى، ووصلت إلى مقر جريدة «الشروق» فى الدقى فى الثانية ظهرا.
الخطاطبة تبعد ١٦ كيلومترا فقط من طريق مصر ــ الإسكندرية الصحراوى، ورغم ذلك لم أسلك هذا الطريق، بل عدت عبر الطريق الدائرى الإقليمى، ومنه إلى طريق بنها ــ شبرا الحر، ثم الطريق الدائرى العادى.
لماذا بدأت بالكلام السابق؟!
ببساطة لأن ذلك من وجهة نظرى هو أفضل مدخل للتدليل على الثورة الحقيقية التى تمت فى مجال الطرق والكبارى خلال السنوات الماضية.
هذه المسافة التى قطعتها فى ساعة وفى عز الظهر، كانت تحتاج إلى ساعتين أو ثلاثة قبل إنشاء هذه الطرق.
أذكر أننى قضيت ساعات طوال فى مرات كثيرة، حينما كنت أفكر فى السفر إلى أى مدينة فى الوجه البحرى عبر طريق القاهرة ــ الإسكندرية الزراعى.
يكفى العذاب الذى كابده المسافرون عبر هذا الطريق، خصوصا فى منطقة شبرا الخيمة، أو فى المطبات الموجودة أمام كل منزل بكل قرية أو مدينة على طول هذا الطريق، وهو الأمر المتكرر فى طريق القاهرة ــ أسوان الزراعى القديم.
صباح الأحد ذهبت إلى الخطاطبة بدعوة كريمة من وزارة النقل لحضور افتتاح الطريق الدائرى الإقليمى، وأربعة مشروعات أخرى نفذتها الهيئة العامة للطريق والكبارى والنقل البرى، وافتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى.
المشروعات كلها مهمة ومنها محور طما على النيل بسوهاج، وكوبرى قوص مع مزلقان السكة الحديد، وكوبرى بلطيم العلوى على الطريق الدولى الساحلى بكفر الشيخ، وكوبرى تقاطع محور التعمير مع وصلة سيدى كرير بالاسكندرية.
لكن فى هذه السطور التالية سوف أركز أكثر على الطريق الدائرى الإقليمى بطول ٥٧ كيلومترا «أو القوس الشمالى الغربى»، متضمنا كوبرى الخطاطبة أعلى النيل والسكة الحديد وكوبرى الرياح الناصرى، وكوبرى الرياح البحيرى، وكوبرى تقاطع القاهرة ــ الإسكندرية الزراعى مع الدائرى الإقليمى.
كنت قد أشرت إلى أهمية هذا الطريق، حينما تم افتتاح جزء منه فى يناير الماضى وما حدث أمس الأول هو اكتمال هذا الطريق تماما بطول ٤٠٠ كيلومتر.
لا يمكن إدراك أهمية هذا الطريق إلا لمن جرب السفر بين الوجهين البحرى والقبلى مرورا بالقاهرة.
الآن يمكن لصاحب ورشة نجارة فى دمياط أن ينقل بضاعته إلى الصعيد من دون المرور بالقاهرة، أو حتى بالطريق الدائرى العادى. ويمكن لشاحنة قادمة من البحر الأحمر والعين السخنة أن تذهب إلى أى محافظة بالوجه البحرى من دون أن تمر بالقاهرة الكبرى.
هذا الطريق الدائرى الإقليمى، متكاملا مع الطريق الدائرى الأوسط والدائرى التقليدى «حول القاهرة الكبرى»، فتح مجموعة كبيرة جدا من الخيارات أمام حركة النقل للبشر والبضائع.
ماذا تعنى مثل هذه الطرق؟!
هى ببساطة توفر الوقت والجهد والمال حتى لو تم دفع مقابل نظير استغلال هذه الطرق، لأنه فى النهاية فإن توفير الوقت والجهد هو توفير للمال أيضا.
وكما سمعت من وزير النقل النشيط د. هشام عرفات فإن اهمية وقيمة هذا الطريق الجديد ستجعل القادم من الإسماعيلية للإسكندرية يوفر ساعتين إلا الربع، والقادم من العين السخنة إلى الصعيد عبر الكريمات سوف يوفر ساعة، والقادم من الإسكندرية إلى الصعيد سيوفر ساعة ونصف الساعة.
من يعيش فى المنوفية على سبيل المثال كان يحتاج ساعتين للوصول إلى طريق الإسكندرية الصحراوى. الان لن يحتاج بعد هذا الطريق الجديد إلا لربع ساعة فقط.
مشروعات هيئة الطرق فى السنوات الأربع الماضية تكلفت ٣٢ مليار جنيه وتنفذ خلال العامين المقبلين مشروعات بـ٥٢ مليار جنيه إضافة إلى المشروعات الأخرى فى نفس المجال التى تنفذها وزارة الإسكان والهيئة الهندسية للقوات المسلحة. مثل هذه المشروعات هى التى تبقى وتفيد الناس جميعا، اليوم وغدا وبعد الغد.
بكلمات واضحة فإن ما حدث فى قطاع الطرق والكبارى خلال السنوات الأربع الماضية قصة نجاح حقيقية ينبغى أن نحيى كل من ساهم فيها من أصغر عامل نهاية برئيس الجمهورية مرورا بالشركات المنفذة ووزارة النقل ووزيرها هشام عرفات، وكل وزراء النقل السابقين الذين ساهموا فى هذا المشروع القومى بجد.
نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع