أحد الانتقادات الرئيسية التى توجهها المعارضة للحكومة انها اهتمت فى السنوات الأربع الماضية خلال الولاية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى، بالمشروعات الكبرى، خصوصا مشروعات البنية التحتية، والحجر بدلا من الاهتمام بالتنمية الإنسانية والبشر.
من وجهة نظر الحكومة، فإنها كانت مضطرة لذلك، لأنه بالمنطق، لم يكن ممكنا الحديث عن أى نوع من التنمية من دون وجود البنية الأساسية.
هى تقول ــ ولها الحق فى ذلك ــ كيف كان يمكن اقناع مستثمر مصرى أو أجنبى بالاستثمار فى أى منطقة، لا تتوافر بها طرق وجسور؟! وكيف كان يمكن للمستثمر بدء العمل من دون وجود غاز ومحطات كهرباء، هل سيقوم بتشغيل مصنعه بمياه البحر مثلا؟!
يبدو منطق الحكومة قويا إلى حد كبير فى هذا الأمر، فالبنية التحتية حتمية، ومشكلتها أنها تستنزف أموالا كثيرة من دون أن يكون لها عائد مباشر وسريع.
تقديرى أن الحكومة كانت على حق فى هذه النقطة، لكن هناك إمكانية للجدال الكبير، فى أن هناك مشروعات كان يمكن لها الانتظار، وبالتالى يتم توجيه اموالها لمشروعات أخرى أكثر حيوية وجماهيرية.
لكن بصفة عامة الجدل فيما تم إقامته من مشروعات لم يعد مفيدا اليوم، وسيظل مادة للمناقشات التى لن تعيد الماضى. المهم أن نتعلم منه، فيما يتعلق بالمستقبل.
وبالتالى وجب علينا أن نسأل السؤال الجوهرى: إذا كانت الحكومة، قد وجهت كل جهودها وإمكانياتها فى الولاية الأولى للسيسى لإقامة مشروعات البنية التحتية.. فما هى أولوياتها فى الولاية الثانية للرئيس؟!
على المستوى الشخصى أتمنى أن يكون التعليم، فى مقدمة المشروعات الكبرى التى تتوجه إليها كل الإمكانيات. تطوير التعليم هو الهدف والمشروع الذى يفترض أن نوجه إليه كل الإمكانيات.
لدينا ميزة وهى أن وزير التعليم د. طارق شوقى أعلن قبل أيام فى مجلس النواب عن الملامح الأساسية لتطوير التعليم. والمفترض طبقا لما قاله أنه سيبدأ فى التطبيق من سبتمبر المقبل.
على المجتمع أن يناقش هذا المشروع بأكبر قدر من الموضوعية وطرح كل الأفكار بحرية حقيقية، حتى نتوصل إلى درجة عالية من التوافق، وبعدها نبدأ التطبيق.
كل الأمم المحترمة، التى حققت قدرا من التقدم، وجهت معظم مواردها لقطاعى التعليم والصحة، لأنها تدرك أنهما قاطرة أى تنمية فعلية.
إذا تمكن الرئيس السيسى وحكومته، من بدء تطوير مشروع التعليم بصورة جادة، فسوف يكون ذلك، واحدا من أهم انجازاته على الإطلاق، إضافة إلى تطبيق قانون التأمين الصحى فى الولاية الجديدة.
الأولوية المهمة التى يجب أن تركز عليها الحكومة فى السنوات الأربع المقبلة، هى توفير أكبر قدر من الوظائف، عبر إقامة المشروعات الإنتاجية التى تستوعب أكبر عدد ممكن من العمالة.
بالطبع لن تتمكن الحكومة من تحقيق ذلك بمفردها، بل عبر القطاع الخاص، إضافة إلى الفرص التى وفرتها وتوفرها مشروعات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
لكن نتمنى التركيز فى الفترة المقبلة على المشروعات الإنتاجية التى تدوم وتستمر، فرصة العمل فى مشروعات البنية الأساسية جيدة نعم، لكنها لا تدوم.
وهناك مثل شائع أن إنشاء مدينة كاملة قد يقوم بتشغيل عشرة آلاف عامل لمدة عام كامل، لكن الذى يستمر فى العمل هو عشرة فقط يقومون بالحراسة، فى حين أن إنشاء مصنع يعمل به خمسون عاملا فقط، يعنى توفير خمسين فرصة عمل دائمة.
يمكن للحكومة أن تشجع القطاع الخاص، وكل من لديه رغبة فى إقامة مشروعات إنتاجية حقيقية. وهذا النوع من المشروعات يستحق كل الدعم والمساندة والتحفيز، لأنه يحقق قيمة مضافة حقيقية.
وبجانب تطوير التعليم وتطبيق قانون التأمين الصحى وإقامة مشروعات إنتاجية توفر فرص عمل، أتمنى أن تفكر الحكومة فى تحقيق أكبر قدر من التوافق الوطنى واستعادة القوى الأساسية التى شاركت وساهمت فى ائتلاف وتحالف ٣٠ يونيو، حتى يمكن تحقيق التنمية من جهة، وفى الوقت نفسه التصدى للتطرف والعنف والإرهاب.
نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع