بعد الإقبال الجيد على انتخابات رئاسة الجمهورية فى الخارج، هل يتكرر نفس المشهد فى انتخابات الداخل أيام ٢٦ و٢٧ و٢٨ مارس الحالى؟!.
هذا هو السؤال الذى ختمت به مقال الأمس فى نفس المكان.
من حق المهتمين بنسبة المشاركة أن يتفاءلوا كثيرا بمشهد الطوابير فى السفارات والقنصليات المصرية بالخارج رغم أن غالبية الدلائل تشير إلى عدم وجود دوافع كثيرة تؤدى إلى زيادة هذه النسبة، إضافة إلى وجود توقعات سابقة بغياب اهتمام المقيمين والعاملين بالخارج فى الإدلاء بأصواتهم، لكن ما حدث فاق كل التوقعات حتى ربما بين أكثر المتفائلين.
علينا أن نعذر الذين توقعوا قلة المشاركة، ففرص المنافسة ليست شبه معدومة فحسب بل هى معدومة فعلا، كما أن الأزمة الاقتصادية، جعلت البعض يعزف عن المشاركة، أو حتى يفكر فى عملية الانتخابات أساسًا، إضافة إلى «الدعاية السوداء» التى تشنها وسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان، سواء من قطر أو تركيا، وتهدف بكل الطرق إلى إقناع أكبر قدر من الناخبين بعدم المشاركة، لأنهم يعلمون أن أى زيادة فى نسبة المشاركة تعنى سقوط معظم الشعارات التى يرفعونها أمام أنصارهم والأهم أمام مموليهم.
نعود إلى الرهانات على نسبة المشاركة المتوقعة فى انتخابات الداخل.
العامل الأساسى هو حملة التعبئة التى شارك فيها كثيرون، كان أبرزهم بعض نواب البرلمان ورجال الأعمال والتجار وشخصيات عامة فى مؤتمرات دعم الرئيس السيسى، هؤلاء لم يكونوا فقط يطالبون بانتخاب الرئيس لولاية ثانية، بل وهذا هو الأهم للمشاركة بكثافة فى التصويت، حتى لو كان لمصلحة المنافس موسى مصطفى موسى أو إبطال الصوت، المهم أن يذهب أكبر عدد من الناخبين إلى اللجان.
قبل فترة سألت نائبا برلمانيا عن سر كثرة المؤتمرات الداعمة للرئيس فى القرى والمراكز والبنادر، رغم الثقة الكاملة فى الفوز؟!.
النائب قال الأمر ببساطة إن المطلوب من كل داعم إقناع أكبر عدد ممكن من الناخبين بالتصويت، وبالتالى رفع نسبة المشاركة لتتساوى مع الانتخابات الرئاسية الماضية على الأقل، أو تزيد عنها وبالتالى فإن دور الداعمين ليس فقط إحضار المواطنين والناخبين إلى المؤتمرات والسرادقات الانتخابية، بل إحضارهم إلى لجان التصويت طوال أيام الانتخاب الثلاثة.
بعض الناخبين سيذهب للتصويت مقتنعا ومؤيدا للرئيس السيسى، والبعض الآخر مراهنا على مكاسب اجتماعية أو اقتصادية فى مرحلة بعد الفوز، والبعض الثالث بحوافز الترغيب التقليدية فى الانتخابات المصرية المختلفة، والبعض الرابع سيذهب خوفا من دفع الغرامة القانونية المقررة.
وبعض المواطنين المصريين سيذهب إلى الصناديق تأثرا بمشاهد الطوابير التى تبثها بكثافة الفضائيات المختلفة، وهؤلاء هم المترددون، وهم نسبة ليست قليلة، لاحظوا أننا نتحدث فى كل ما سبق عن الشكل وليس المضمون.
فى المضمون فإن الحكومة تحاول إرسال إشارات لطائفة معينة من الناس، يمثلون شريحة تشارك دائما بفعالية فى كل الانتخابات وهى الشريحة الدنيا فى الطبقة الوسطى، هذه الإشارات تقول إن هناك حزمة من المساعدات الاجتماعية لهذه الشريحة، التى تأثرت بشدة ودفعت الثمن الأكبر من برنامج الإصلاح الاقتصادى خصوصا تعويم الجنيه، ورفع أسعار الوقود، وضريبة القيمة المضافة.
رسالة أخرى تتمثل فى المشروعات الكبرى التى تم افتتاحها أخيرا، أو تم تحديد مواعيد قريبة لافتتاحها بحد أقصى ٣٠ يونيو المقبل، ويفترض أن الحكومة تراهن على أن رسالة هذه المشروعات ستصل إلى الشريحة العليا من الطبقة الوسطى وكبار رجال الأعمال.
هل ستصل هذه الرسائل فى موعدها الطبيعى قبل توجه الناخبين لصناديق الانتخاب فى الأسبوع المقبل؟! وما هو مدى الاستجابة لها؟!.
علينا الانتظار قليلا، وسوف تكون الإجابة فى نسبة المشاركة التى سيتم إعلانها عقب نهاية الانتخابات.
نقلا عن الشروق القاهرية