بقلم: عماد الدين حسين
أكبر خطأ يرتكبه بعض أفراد الشعب الفلسطينى الآن هو أن يسيئوا إلى شعب الإمارات ويدخلوا فى معركة معه.
هذه المعركة عبثية بالمطلق، ولن يستفيد منها إلا العدو المشترك للشعبين وهو الاحتلال الإسرائيلى، الذى لا يزال يحتل الضفة ويدنس القدس الشريف ويحاصر غزة، ويعيث قتلا وبلطجة فى العديد من البلدان العربية خصوصا سوريا ولبنان.
السؤال البديهى: هل من حق بعض الفلسطينيين أو معظمهم أو حتى كلهم أن يغضبوا، من قرار بدء إقامة علاقات دبلوماسية بين الإمارات وإسرائيل؟
الإجابة نعم، وهذا شعور طبيعى جدا ومنطقى من شعب عربى، يتمنى من شعب عربى آخر ألا يقيم علاقات مع إسرائيل إلا بعد عودة الحقوق العادلة للشعب الفلسطينى والمتمثلة فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، لكن أن يقوم بعض الفلسطينيين، بحرق علم الإمارات فهو شىء مختلف تماما.
حرق العلم سلوك مرفوض تماما، ولا ينبغى أن يلجأ إليه شعب عربى ضد أى شعب عربى آخر، حينما يتم حرق العلم الإماراتى على أيدى بعض الفلسطينيين الغاضبين، فسوف يؤدى لمزيد من الخلافات بين الشعبين.
طبيعى جدا أن تختلف الحكومات العربية بين بعضها البعض، على أى أمر من أمور السياسة، لكن يفترض ألا تصل هذه الخلافات لتصبح بين الشعوب.
العلم الإماراتى لا يعبر فقط عن الحكومة، ولكن بالأساس هو رمز للدولة والمجتمع وكل الشعب الإماراتى، وبالتالى حينما يتم حرقه، فهى رسالة مسيئة جدا إلى الإماراتيين.
قد لا يدرك بعض الفلسطينيين الذين قاموا بهذه الفعلة المرفوضة خطورة ما فعلوا، وبالتالى لا يمكن تبرير هذا السلوك تحت أى مبرر مثل الحماس أو الغضب الزائد، لأن هناك مليون طريقة للتعبير عن الغضب والحماس، ليس من بينها حرق العلم.
أدرك أن غالبية الفلسطينيين ضد هذا السلوك، ولكن بعض الأفعال يدفع ثمنها الجميع للأسف.
قرأت تصريحا للسيدة سهى عرفات أرملة الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات على «إنستجرام» قالت فيه: «أريد أن أعتذر باسم الشعب الفلسطينى إلى الشعب الإماراتى وقيادته من تدنيس وحرق علم الإمارات فى القدس وفلسطين، وعن شتم رموز دولة الإمارات الحبيبة، هذه ليست شيمنا وأخلاقنا ولا عاداتنا ولا تقاليدنا، الاختلاف بالرأى لا يفسد للود قضية».
قرأت أيضا للناشر والكاتب الأردنى المعروف فتحى البس، مقالا طويلا مهما تضمن فقرة مهمة عن ضرورة ضبط مشاعر الغضب، وعدم الدخول فى معارك لا طائل منها على وسائل التواصل الاجتماعى، فتحى البس ضد التطبيع، ورغم ذلك تحدث عن تحرك إيجابى بمهرجان أقيم بنابلس تحدث فيه تيسير خالد ممثلا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومحمود العالول نائب رئيس حركة فتح؛ حيث تم رفع علم الإمارات، وعزف النشيد الوطنى للإمارات إلى جانب النشيد الوطنى الفلسطينى.
هذا السلوك أفضل تحرك ردا على من قاموا بحرق العلم.
مرة أخرى لابد من احترام شعور الشعب الفلسطينى الغاضب برفض التطبيع مع إسرائيل، طالما ظلت قوة احتلال، لكن من المهم أكثر ألا يرتكبوا أخطاء، تجعلهم يدفعون ثمنا فادحا، لا يستفيد منه إلا الإسرائيليون.
هناك جالية فلسطينية كبيرة فى الإمارات، وكذلك فى بقية بلدان الخليج، وحينما يتم حرق علم الإمارات، فهى رسالة ستصل إلى كل الشعوب الخليجية، وإذا علمنا أيضا أن التطبيع، سيصل إلى عواصم خليجية أخرى آجلا أو عاجلا، فعلى بعض الفلسطينيين المتحمسين ألا يدخلوا فى خناقات وصراعات عبثية مع شعوب عربية أخرى، عليهم أن يعرفوا أهدافهم جيدا، معركتهم الأساسية مع الاحتلال وليست مع أى أحد آخر.
من المحزن أن يدخل الكثير من المواطنين العرب فى صراعات جانبية بين بعضهم البعض على «السوشيال ميديا» وينسون القضية الأساسية.
على الشعب الفلسطينى أن يعرف ويدرك معاركه الفرعية والرئيسية، وأن يعرف عدوه من صديقه.
عليه ألا يستهلك طاقته فى خناقات عبثية على السوشيال ميديا خصوصا إذا كانت موجهة ضد شعب عربى آخر، عليهم أن يركزوا جهودهم على أساس على التوحد ومقاومة الاحتلال.