بقلم - عماد الدين حسين
خلال الأيام الماضية كانت أزياء وتحركات نجوم الفن فى مهرجان الجونة السينمائى، حديث العديد من رواد السوشيال ميديا. غالبية هؤلاء الرواد تقمصوا دور الواعظين، وانهالوا باللوم والتقريع على النجوم.
كثير من المواطنين وبعض الزملاء الإعلاميين كتبوا يتساءلون باستنكار: هل هو مهرجان للفن والأفلام أم للأزياء واستعراض الملابس والتعرى وكشف الأجساد، وتبادل القبلات؟!
سألت أحد هؤلاء: وهل كلفت نفسك أن تسأل عن الأفلام المعروضة، أم أنك اكتفيت بمشاهدة فساتين النجمات، وما ظهر من بين ملابسهن؟!.
للأسف لم يجب عن سؤالى، لكنه ظل ينتقد الملابس.
شخص ثانى كتب منتقدا ومترحما على تراجع الأخلاق والقيم، ومتعجبا قيام أحد الممثلين بتقبيل زوجته. قد يكون كثير منا لم يتعودوا على أن يقوم الرجل بتقبيل زوجته علنا، والسؤال هل يستحق هذا الفعل كل هذا الجدل؟!
الذين انتقدوا هذا السلوك لم يشاهدوا الأفلام أيضا. والسؤال لهؤلاء إذا كنتم بمثل هذه الاستقامة، فما الذى يجعلكم «تبحلقون» فى صور الفساتين والقبلات؟!
لست من دعاة الانحلال فأنا أولا وأخيرا صعيدى وتركيبتى محافظة فى موضوع الملابس، وأرى أنه من حق أى شخص أن ينتقد ما يشاء، فتلك هى سنة الحياة، لكن على هؤلاء وأمثالهم أن يفرقوا بين المتن والهامش، حتى لا نتوه فى التفاصيل الصغيرة وننسى الموضع الأصلى.
فى حالتنا هذه فإن الموضوع الأصلى هو أن هناك مهرجانا مصريا للأفلام يقيمه مصريون على أرض مصرية، واستطاع أن يجمع فى مكان واحد غالبية النجوم والمهتمين بصناعة وفن السينما.. فهل ندعمه ونشجعه، أم ننتقده ونهيل عليه التراب. خصوصا أننا كنا نشكو طويلا من أن نجومنا يحضرون المهرجانات التى تقام فى الخارج خصوصا فى الخليج ولا يفضلون حضور مهرجانات بلدهم؟.
هل نشجع مبادرة القطاع الخاص والمجتمع المدنى فى هذا الشان أم نختزل المهرجان بأكمله فى فستان فنانة وقبلة ممثل لزوجته؟!.
هذا المهرجان استقطب غالبية النجوم وأهم الأفلام المتاحة فى السوق المصرية. الأمر الذى يدعم صناعة السينما التى تعانى من مصاعب جمة، وبالتالى فهذا هو جوهر المهرجان وليس فساتين النجمات والتاتو الموجود على بعض ظهورهن!.
ما لا يدركه كثيرون هو أن وجود السوشيال ميديا، يدفع البعض إلى التركيز على الشكل والأشياء والظواهر الغريبة. وهو أمر موجود فى كل المهرجانات الدولية والإقليمية.
وفى كثير من هذه المهرجانات العالمية تركز الصحافة الصفراء أو صحافة النميمة أو «البابارتزى» على هذه الأمور مثل لون الفستان وحجم ما يكشفه وليس ما يخفيه من جسد الفنانة، ومن الذى قبل أو عاكس أو تحرش، وهل هناك مشروع ارتباط أو قصة حب تجمع هذا النجم بتلك النجمة أو حتى قصص المثليين؟!. لكن فى مقابل هذه الأخبار الصادمة، هناك إعلام جاد يركز بالأساس على الأفلام المعروضة ومستواها ونقدها وفرص فوزها، وما تضيفه من جديد لعالم الشاشة الكبيرة.
مادامت هناك وسائل تواصل اجتماعى فسوف يستمر بعضها فى الاهتمام بمثل هذه الموضوعات «الحراقة أو السبايسى»، لكن شرط أن تكون هناك وسائل أخرى أكثر جدية تتحدث فى المضمون وتركز عليه.
السؤال الذى ينبغى أن يشغلنا هو: متى سوف تدرك غالبية وسائل الإعلام أن الأخبار أو اللقطات أو الظواهر الخفيفة جدا ليست هى الأصل، هى تشبه «الطرشى أو المخلل ومقبلات الطعام»، لكن الوجبة الأساسية هى المضمون والجوهر أى الأفلام المعروضة وموضوعاتها وتقييماتها.
لا بأس أن يستمتع البعض بشكل أو فتحة هذا الفستان أو جمال هذه النجمة أو هيام ممثل بزوجته، لكن شرط أن يكون ذلك من قبيل «الشطة» لكن أن يتم حصر مهرجان جونة فى «البوسة والفستان»، فهو ظلم فادح وجهل مدقع ومؤشر على المصير الأسود الذى ينتظر الإعلام التقليدى والسوشيال ميديا!
نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع