توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمريكا هى الفائزة

  مصر اليوم -

أمريكا هى الفائزة

بقلم: عماد الدين حسين

خلافا لوجهة نظر توماس فريدمان وآخرين، فإن أمريكا لم تكن هى الخاسرة، ليلة الانتخابات الأمريكية وما تلاها من جدل بشأن من هو الرئيس الأمريكى، ترامب أم بايدن.
وجهة النظر الأخرى تقر بأن انتخاب ترامب قبل 4 سنوات نجح فى توجيه ضربات كثيرة لصورة أمريكا، وأظهر وجهها العنصرى فى أحيان كثيرة، بل وأظهرها وكأنها إحدى جمهوريات الموز، حينما تصرف كحاكم عنصرى ومستبد، يحاول أن يهدم كل المؤسسات الديمقراطية، لكن رغم ذلك فإن صلابة وقوة أمريكا هى التى انتصرت فى النهاية، وأنها «قادرة على إخراج ترامب من البيت الأبيض، مثل أى متسلل أو رجل عجوز دخل ملكية لا تخصه»!!
أمس عرضنا لوجهة النظر التى تقول بأن أمركا خسرت كثيرا بسبب هذه الانتخابات، واليوم نعرض لوجهة النظر المعاكسة.
أصحاب وجهة النظر هذه يقولون إنه حينما يدخل شخص بكل صفات ترامب إلى البيت الأبيض، ويصبح رئيسا ويرتكب كل هذه الأخطاء الكارثية، ثم يتمكن النظام «السيستم» من إخراجه من مكانه، فهذا علامة على قوة أمريكا وليس على ضعفها.
وحينما يتابع معظم سكان العالم هذه الانتخابات وكأنها مباراة فى نهاية كأس العالم لكرة القدم، ويحبسون أنفاسهم، ويعدون الأصوات المتأرجحة فى ميتشجان وبنسلفانيا وجورجيا ونيفادا، بصورة لا يفعلوها مع انتخابات بلادهم، فهذه نقطة قوة لهذه التجربة الديمقراطية.
وحينما يشكو الرئيس وهو فى سدة الحكم، من وجود تزوير ضده فى هذه الانتخابات، وبغض النظر عن صحة ذلك، فإنه يحسب للنظام.
والسبب أن معظم بلدان العالم تشكو من أن الرئيس وهو فى الحكم، هو الذى يقوم بالتزوير أو يتم التزوير لمصلحته، من قبل غالبية مؤسسات وهيئات الدولة، لكن حينما يشكو الرئيس من ذلك، فمعناه أن هناك استقلالية وقوة حقيقيين لمؤسسات الدولة، وأنها تمكنت من صد ورفض محاولات الرئيس للتزوير، ولذلك جاء اتهامها من دون أى دليل.
وحينما تكون وسائل الإعلام فى أمريكا قادرة طوال الوقت على معارضة الرئيس، ورصد كل كلماته وهفواته وذلات لسانه، ثم لا يكون هذا الرئيس قادرا على معاقبتها، أو محاسبتها إلا بالقانون، فإن ذلك دليل حيوى على قوة أمريكا ووسائل إعلامها، التى انسحبت قبل أيام قليلة من تغطية مؤتمر لترامب حينما شعرت أنه يسوق اتهامات التزوير بلا أدلة.
قبل سنوات طرد ترامب أحد مراسلى شبكة الـ«سى إن إن» فى البيت الأبيض، لكن هذا المراسل عاد فى اليوم التالى بحكم قضائى، احترمه ترامب ونفذه حتى لو لم يكن راضيا عنه.
وحينما لا يكون الرئيس قادرا على إجبار حكام الولايات على وقف التصويت أو الفرز، بحجة أن هناك عمليات تزوير فهذا دليل على قوة النظام الأمريكى.
هذه الاستقلالية للولايات فى أمور كثيرة تعطى للنظام الأمريكى قوة كبيرة، لأنها توجد حالة من التوازن بين السلطة المركزية فى واشنطن، وبقية الولايات التى تكاد تتمتع بحكم ذاتى حقيقى فى معظم شئون حياتها باستثناء السياسة الخارجية والدفاع.
وحينما لا يستطيع الرئيس الأمريكى وهو فى الحكم توجيه القضاء لكى يحكم بصورة معينة. ولا يتمكن من إقناعه بوقف عمليات التصويت أو الفرز، فهذا دليل على قوة أمريكا. يظن كثيرون أن تعيين ترامب قبل أيام لقاضية محافظة فى المحكمة العليا هى إيمى كونى باريت، يعنى قدرته على توجيه هذه القاضية أو غيرها لإصدار الأحكام التى يريدها.
صحيح أن القاضية محافظة مثلها مثل غالبية قضاة المحكمة العليا «6 محافظون مقابل 3 ليبراليين»، لكن الأصح أنهم يحكمون فى معظم الأحوال بصورة مهنية، وليس بأهواء شخصية، هم قد يتفقون مع ترامب وغالبية الجمهوريين، فى بعض القضايا مثل حمل السلاح ومعارضة الاجهاض والقيم العائلية، لكنهم لا يخالفون القانون والأعراف القضائية المستقلة.
كما قلت فى المقال السابق، فإن ترامب ألحق أضرارا خطيرة بأمريكا وصورتها، وأظهرها لنا بأنها مثل بلدان العالم الثالث فى العديد من الأمور الخاصة بالانتخابات لكن قوة أمريكا الحقيقية هى التى تمكنت من إخراج ترامب من البيت الأبيض.
وظنى أن السؤال الجوهرى الذى ينبغى أن يسأله الأمريكيون والعالم كله هو «هل كانت المشكلة فى شخص ترامب فقط، أم أن المشكلة الحقيقية فى وجود أكثر من سبعين مليون شخص ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وصوتوا لمصلحة هذا الرجل وأفكاره؟!.
ظنى أن تلك هى المشكلة الحقيقية حتى لو كان نصفهم فقط يؤمن بأفكار وسياسات وأساليب ترامب».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمريكا هى الفائزة أمريكا هى الفائزة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon