توقيت القاهرة المحلي 17:18:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أهمية فتح ملف الفاسدين فى المحليات

  مصر اليوم -

أهمية فتح ملف الفاسدين فى المحليات

بقلم: عماد الدين حسين

قلنا مرارا وتكرارا إنه لا يمكن تصور وجود مخالف فى البناء أو معتدٍ على أملاك الدولة أو الأرض الزراعية إلا بوجود موظف فاسد أو مهمل أو متواطئ.
قبل أيام سمعت من مسئولين كبار أن هناك العشرات من المسئولين فى المحليات، وربما يزيد عددهم عن مائة موجودون الآن فى السجن بتهم تتعلق بتسهيل التعديات.
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أشار عرضا لهذا الأمر حينما تحدث فى نهاية لقائه مع الصحفيين والإعلاميين ظهر يوم السبت الماضى فى كفر سعد بنها، مؤكدا أن الدولة جادة فى مواجهة الظاهرة، وأنه الا تعاقب المخالفين فقط، بل بعض المسئولين الذين سهلوا لهم هذه المخالفات.
السؤال: أيهما أفضل لمصلحة الدولة والمجتمع أو المصلحة العامة: أن تعلن الحكومة عن هؤلاء المقبوض عليهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم، أم تتكتم على مثل هذه الأخبار، خوفا من بث روح الرعب والخوف والقلق والارتياب والتوجس بين صفوف بقية العاملين فى صفوف المحليات، الذين يقدر عددهم بحوالى ٥٣٪ من إجمالى العاملين فى الحكومة أى حوالى ٢٫٥ مليون موظف؟!
وجهة النظر الأولى ــ وأؤيدها بشدة ــ ترى أن العقاب الفورى والصارم والمعلن للمخطئين فى المحليات من شأنه أن يردع أى شخص يفكر فى أن يفسد أو يساعد آخرين على الإفساد. فى اللحظة التى يتم فيها سجن رئيس حى أو مهندس التنظيم أو أى موظف قيادى بالمحليات. فهو رسالة للآخرين بأنهم لن يفلتوا من العقاب.
لكن وجهة النظر الأخرى تقول إن هذه الطريقة غير ناجحة، لأنها أولا غير رادعة حيث إن حبس وسجن العديد من الفاسدين فى المحليات، لم يمنع الفساد إطلاقا، وهناك إضافة مهمة ترى أن التوسع فى الإعلان عن حبس القيادات فى المحليات، من شأنه أن يؤدى إلى تزايد ظاهرة الأيدى المرتعشة. سمعت من مسئول مهم يقول إن هناك مبالغة فى الحديث عن فساد المحليات. هو يرى أن الجسم الأساسى للجهاز بخير، لكن المشكلة أن قلة قليلة هى التى أساءت لسمعة العاملين الشرفاء. يضيف أن كثيرا من القيادات المحترمة، لا تتخذ قرارات خوفا من محاسبتها لاحقا.
ثغرات القانون تلعب دورا مهما أيضا فى هذا الشأن فبعض موظفى المحليات يلجأون إلى سياسة، «تستيف الأوراق». أى أنه يذهب إلى مكان المخالفة ويحرر محضرا بها، وينذر المخالف، بل ويصدر للمبنى قرار إزالة لكنه لا يسير فى الأمر للنهاية، بل يضعه فى سلة تنفيذ الأحكام، ثم التعلل بعدم وجود معدات إزالة كافية، وهكذا تنشأ المخالفة وتتضخم والموظف موقفه سليم، رغم أنه شارك بالتواطؤ أو الصمت أو الروتين.
لا أوافق على هذا المنطق، وأرى أن العقاب الصارم والشديد فى غاية الأهمية، شرط أن تكون الصورة واضحة أمام الموظف والاختصاصات كذلك.
كتبت أكثر من مرة فى هذا المكان مطالبا أجهزة الحكومة بأن تدرس فكرة فتح ملفات فساد المحليات خصوصا القضايا الكبرى.
على سبيل المثال معظم مدينة نصر بنيت على أساس أنها مدينة مخططة، لكن الأبراج ارتفعت بصورة رهيبة رغم أنها غير قانونية. يمكن بسهولة أن نأتى ببعض المسئولين الذين سهلوا لهؤلاء الحيتان ونسألهم عما حصلوا عليه، ويمكن استرداد جزء مهم من هذه الحصيلة، بحيث يتم توجيهها لمكافحة العشوائيات، التى تسببوا فيها بسياساتهم.
الأمر ليس قاصرا فقط على مدينة نصر، بل هو مجرد مثال، وللأسف هناك العديد من النماذج فى معظم مدن الجمهورية.
طبعا المشكلة ليست فقط فساد بعض موظفى وقيادات المحليات، بل الأمر معقد ومتشابك ومتداخل بين وزارات وهيئات كثيرة، وسياسات حكومية فاشلة، قادت إلى هذا الوضع الأخير، الذى هو عبارة عن تراكم لعقود طويلة أعتقد أن بذرتها الأولى بدأت عقب حرب أكتوبر ١٩٧٣.
مرة أخرى أتصور أن الردع الشديد كما فعلت الصين فى بداية نهضتها الاقتصادية عامل مهم جدا لكى ننهى هذا الفساد غير المسبوق فى المحليات والذى يهدد بتشويه وتغيير الشخصية المصرية.
استمرار هذا النمط قد يرسخ فى أذهان الشباب صغير السن بأن الرشوة أمر طبيعى وأن الموظف الشريف موضة قديمة.
مطلوب فضح وتجريس وكشف المسئولين الفاسدين أولا بأول، على الأقل لكى نقنع الأجيال الجديدة بأن الجرائم خصوصا الفساد لا تفيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهمية فتح ملف الفاسدين فى المحليات أهمية فتح ملف الفاسدين فى المحليات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon