توقيت القاهرة المحلي 07:41:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة المتحولين!!

  مصر اليوم -

عودة المتحولين

بقلم: عماد الدين حسين

«إن الوطن باق والأشخاص زائلون، وسيحكم التاريخ علىَّ وعلى غيرى بما لنا أو علينا». هذه العبارة قالها حسنى مبارك فى خطاب تنحيه عن السلطة فى ١١ فبراير ٢٠١١، وأحد معانيها أن الرئيس الراحل مبارك نفسه، يدرك أن كل شخص له إيجابياته وسلبياته.
لماذا استخدمت هذه العبارة التى صارت لكثرة استخدامها مادة لسخرية البعض؟!. السبب أن عددا كبيرا من الناس، بمن فيهم الذين هاجموا مبارك بعد تنحيه، صاروا يحاولون إعادة تأليه الرجل بعد مماته، بعد أن فعلوا ذلك أثناء وجوده فى الحكم!!.
ويبدو ــ والله أعلم ــ أن هناك مرضا مصريا فرعونيا مزمنا وعضالا، هو «الأفورة» والمبالغة فى كل شىء، رغم الدورس والعظات والعبر فى السنوات الأخيرة، والتى كانت كافية لأن تجعل الجميع يتحلون بالقدر المعقول من الموضوعية.
نتذكر أن عددا كبيرا من الذين كانوا يهللون ويطبون للرئيس الراحل حسنى مبارك أثناء فترة حكمه، حتى ليلة الخميس ١٠ فبراير ٢٠١١ أى قبل ساعات من تنحيه، هؤلاء أو بعضهم انقلب على الرجل، بمجرد خروجه من القصر، وتنقله ما بين السجون والمستشفيات وما يشبه الإقامة الجبرية.
وهناك فيديوهات بالصوت والصورة لبعض هؤلاء، وهم يمارسون الشىء ونقيضه مع مبارك، لم يتركوا خط رجعة لأنفسهم، بل انقلبوا على الرجل بصورة تثير الغثيان!.
المفارقة أنه ومع رحيل مبارك وصدور بيان رئاسة الجمهورية ثم بيان القوات المسلحة بنعى مبارك واعتباره أحد قادة القوات المسلحة، الذين ساهموا فى تحقيق نصر أكتوبر ١٩٧٣، رأينا بعض هؤلاء يخرجون، ويعيدون سيرتهم الأولى مع حسنى مبارك، وكأن شيئا لم يكن من فبراير ٢٠١١ وحتى ٢٦ فبراير ٢٠٢٠!.
أحترم وأقدر تماما الذين مدحوا مبارك عن قناعة أثناء حكمه، ولم يغيروا مواقفهم وكان من بينهم المرحوم عبدالله كمال، رئيس تحرير «روزاليوسف» الأسبق، ومجموعة قليلة من الذين عملوا عن قرب مع مبارك.
لكن المشكلة فى المتلونين الذين يغيرون مواقفهم بصورة أسرع من تغيير ملابسهم!!.
شخصيا كنت أظن أن هذه الظاهرة انتهت مع تنحى مبارك وسجنه، ثم سجن محمد مرسى وبعدها وفاته، لكن من الواضح مرة أخرى، أن هناك مشكلة كبيرة فى هذا الصدد.
مبارك له إيجابيات وسلبيات، وكل شخص يرى الأمور حسب زاوية رؤيته ومواقفه، وهل الإيجابيات أكثر أم السلبيات، وبالتالى فالمنطقى أن الأخوة المبالغين عليهم أن يتحلوا بقدر من الموضوعية فى تعاملهم الجديد مع مبارك.
لا أعرف كيف لشخص جامل أو نافق مبارك ثم انقلب عليه، يعود مرة أخرى ليمدحه بصورة مبالغ فيها؟!.
أتفهم تماما تعاطف كثير من الناس مع مبارك فى مرضه، ثم بعد وفاته، فهذا جزء إنسانى لدى أى إنسان طبيعى، خصوصا لدى المصريين البسطاء، لكن كيف نتفهم مواقف هؤلاء الذين يغيرون مواقفهم بهذا الشكل وهذه السرعة؟!.
كيف يواجه مثل هذا الشخص نفسه وأهله وأصدقاءه، وهو يمارس التقلب بهذه الطريقة؟!.
وربما يصبح السؤال الأهم هو:أى مستوى من الحياة السياسية أو حتى الحياة العامة نتوقعه مع مثل هذه النوعية المتقلبة والمتغيرة مثل الزنبلك؟!
وجود مثل هذه النوعية من البشر خطر على أنفسهم وعلى مجتمعهم وعلى الحكومة والنظام. هم قادرون على إفساد أى حياة سياسية، وهم أخطر من الدبة التى تقتل صاحبها!.
أتمنى أن تحترس الدولة والأجهزة الحكومية المختلفة من هذه النوعية. لأنها سوف تتظاهر بتأييدها بالحق والباطل، وستنقلب عليها فى أى لحظة، إذا شعرت أن الهوى مال فى الناحية الأخرى لأى سبب من الأسباب.
وأعتقد أن بعض أركان الحكم الحالى يشعرون بالإحباط من العديد من هذه النوعية التى أكلت وشربت وهللت وساندت مبارك، ثم انقلبت عليه، من دون أساس أو سند منطقى. ولو كنت مكان الحكومة لسألت نفسى: انقلب هؤلاء على «أولياء نعمتهم» الأصليين، فما الذى سيمنعهم من الانقلاب على أى مسئول آخر أو حكومة أخرى؟!.
قد يسأل البعض: وكيف يمكن القضاء على هذه الظاهرة المقيتة؟.. الإجابة ببساطة أنه كلما كان هناك مناخ من حريات الرأى والشفافية والانفتاح، فإن ذلك كفيل بالقضاء على مثل هذه الكائنات التى لا تنمو إلا فى المياه والبرك الراكدة مثل الطحالب، وربما تحتاج إلى تشخيص وعلاج فعال وربما «عزل هذه الحالات طبيا» باعتبارها أخطر من فيروس «كورونا»!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة المتحولين عودة المتحولين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon