توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نادين لبكى.. والمتطرفون

  مصر اليوم -

نادين لبكى والمتطرفون

بقلم - عماد الدين حسين

نادين لبكى مخرجة لبنانية متميزة وفازت بجائزة لجنة التحكيم فى مهرجان كان الدولى الأسبوع الماضى عن فيلم «كفر ناحوم». الفيلم تأليف جهاد حجيلى، وتدور أحداثه حول حياة طفل فى أرض عربية تعصف بها أزمات ومشاكل طاحنة، لكنه يرفض الاستسلام لهذا الواقع، ويقرر التمرد على نمط الحياة فى قريته، بل ويرفع دعوى قضائية للضغط على الحكومة ومجتمعه بشكل عام لتنفيذ مطالبه.

هذه جائزة رفيعة ومتميزة، وهى ليست فقط لها كمخرجة أو لبلدها لبنان، بل للسينما العربية بأكملها. وبالتالى فأى مواطن عربى عاقل سوف يفكر بهذه الطريقة، ويفرح لهذا الإنجاز، الذى حققته لبكى وفريقها الذى أنجز الفيلم، ولن يغضب منه إلا المتعصبون والمتطرفون وكارهو الفن والثقافة و«حاشرو الدين» فى ركن ضيق للغاية.

بعد هذه الجائزة الكبيرة فوجئ كثيرون بأن بعض أنصار حزب الله اللبنانى مستاءون من هذه الجائزة ومن الذين فرحوا بها. بعضهم غرد وكتب مستنكرا الاحتفال بالجائزة قائلا: الفرح الحقيقى يكون بالبطولات التى يحققها مقاتلو حزب الله، الذين يخوضون قتالا فى سوريا، ضد المتطرفين، وضد «العدو الصهيونى».

كانت مفاجأة مؤسفة أن نسمع ذا الكلام، وكأن هناك تناقضا بين أن تقاتل فى سبيل قضية تؤمن بها، وأن تبدع وتقدم فنا راقيا ممتعا يمكن أن يساعدك فى كل قضاياك.

ثم إن مشاركة حزب الله فى القتال داخل سوريا محل اختلاف شامل داخل لبنان وخارجه. البعض يعتبره إذكاء للصراع الطائفى السنى الشيعى فى المنطقة، فى حين أنه لا يوجد عاقل يمكن أن يختلف على قيمة فوز لبنان بجائزة مهمة فى مهرجان كان السينمائى.

كل العرب أو غالبيتهم وقفوا مع حزب الله حينما كان يتصدى للاحتلال الإسرائيلى، وتمكن من تحرير الجنوب البنانى، لكنهم انقسموا بشأنه بعد أن صار للأسف يركز معظم نشاطه فى الخندق الطائفى خلف إيران، وصار وجهه طائفيا أكثر منه قوميا عروبيا.

يحسب للحزب رسميا أنه أصدر توضيحا لاحقا يتبرأ فيه مما قاله بعض كوادره وأنصاره، بعد أن أدرك خطورة هذه التعليقات الفجة.

الذى دعانى للكتابة فى هذا الموضوع اليوم، أننى كنت ضيفا على لقاء جماهيرى بإحدى المحافظات قبل نحو أسبوعين.

أحد الحاضرين سألنى: لماذا لا نوقف المسلسلات والأفلام والأغانى، ونوجه أموالها لصالح المدرسين؟!.

اندهشت من هذا القول لأنه ينظر للفن باعتباره شيئا تافها لا قيمة له، لكن تذكرت أن هذا الرأى ليس فرديا، بل موجود لدى كثيرين للأسف، خصوصا بين المتعصبين أو المنغلقين دينيا.
قلت له إن المطلوب أن يحصل المدرسون على أفضل الرواتب، والحوافز، حتى يقدموا أفضل تعليم للتلاميذ والطلاب، لكن هذه الرواتب لا ينبغى أن تكون خصما من الميزانيات المختلفة المخصصة للفن والأدب والثقافة عموما.

قلت له أيضا إن مسلسلا أو فيلما أو أغنية جيدة ومؤثرة يمكنها أن تترك أثرا لا يتركه ألف مدرس أو مهندس أو طبيب أو إعلامى مجتمعين. ونتذكر مثلا أعمالا مهمة جدا مثل رأفت الهجان أو ليالى الحلمية أو الشهد والدموع وأغانى أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وفيروز وشادية ومحمد منير وعمرو دياب، والمئات غيرهم.

ثم إنه لا يوجد من الأصل منافسة وصراع بين الجانبين حتى نختار أحدهما ونترك الآخر، فكل يؤدى فى مجاله.

حكيت له أنه حتى داعش لديها آلة دعائية تلجأ أحيانا إلى استخدام الفنون. وقلت له إنه لا يوجد فن حلال أو حرام، بل فن جيد وممتع وهادف، وفن تافه وهابط ومنحط.

حكيت له وللسادة الحاضرين أيضا كيف أن هناك مجموعة قليلة من الأغنيات تم إنتاجها فى الخمسينيات والستينيات ما زلنا نلجأ إليها حتى الآن فى استثارة الروح المعنوية للمواطنين.
الرجل لم يقتنع بكلامى كثيرا وهو بالمناسبة شديد التدين. ويعتقد أن الفن بصفة عامة ليس له قيمة كبيرة، مع نظرة أسوأ للمرأة خصوصا إذا كانت تعمل فى هذا المجال.

الذى جعلنى أربط بين ما قاله هذا الرجل، وما فعله بعض أنصار حزب الله، هو أن التطرف ملة واحدة وأنصاره متشابهون وموجودون فى كل الطوائف والأديان السماوية والوضعية، وهم منغلقون وينظرون للعالم من زاوية ضيقة، «وربنا يبعد شرهم عنا»!!.


نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نادين لبكى والمتطرفون نادين لبكى والمتطرفون



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon