توقيت القاهرة المحلي 14:49:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرط الجوهرى لإعمار لبنان

  مصر اليوم -

الشرط الجوهرى لإعمار لبنان

بقلم: عماد الدين حسين

قبل أيام قليلة تواصلت مع دبلوماسى عربى مرموق زار لبنان فى الأيام الأخيرة عقب الانفجار الذى دمر ميناء لبنان مساء يوم الرابع من أغسطس الجارى.
سألت هذا الدبلوماسى الكبير سؤالا محددا: هل الدول العربية والأوروبية وغيرها التى زار مسئولوها لبنان وتعاطفوا معه، سوف يدفعون أموالا ويقدمون مساعدات لإعادة ما دمره الانفجار، والأهم إعادة تقويم الاقتصاد اللبنانى الذى يعانى من أمراض مزمنة وربما تكون مستعصية؟!
إجابة هذا المسئول كانت حاسمة: لن يتم تقديم ولو دولارا واحدا إلى لبنان، ما لم تتغير المعادلة السياسية القائمة حاليا، والتى صار حزب الله هو المتحكم الأول فى مجريات أمورها، وبالتالى فالشرط الأول لإعمار لبنان هو أن يرفع حزب الله يده عن البلد.
وفى تقدير المسئول فإن حزب الله هو من يمنع المساهمة الخارجية من المساعدة فى الاستثمار الرأسمالى.
هناك دول أوروبية وعربية كثيرة تريد أو يمكنها الاستثمار فى لبنان، لكنها لن تفعل طالما ظلت المعادلة بالشكل الراهن. هى تقول ما الذى سيجبرنا على ضخ المليارات من أجل تعظيم دولة حزب الله فى لبنان، وبالتالى تضخيم الدور الإيرانى.
التقديرات المبدئية لإعادة إعمار ما دمره الانفجار يتراوح ما بين خمسة إلى عشرة مليارات دولار حسب تقديرات المسئولين وهناك من يصل بالمبلغ إلى ٢٥ مليارا، لكن هناك مشكلة أعمق تتعلق بالاقتصاد اللبنانى نفسه، حيث يعانى من مشاكل هيكلية جعلت البلاد تقترب من الإفلاس وتعجز عن سداد ديونها، التى وصلت إلى رقم قياسى حيث تجاوزت ١٧٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وصاحب ذلك انهيار كبير لسعر الليرة مقابل الدولار، وعجز البنوك عن رد ودائع المواطنين، ومشاكل حياتية صعبة خصوصا ارتفاع غالبية السلع الأساسية.
هذا الوضع الشائك يحتاج إلى استثمارات عربية وأجنبية ضخمة والمرشح لذلك إما استثمارات خليجية وإما أوروبية وإما أمريكية، وهذه الاستثمارات تحتاج إلى وضع سياسى مستقر ومتوافق عليه، وليس بلدا على كف عفريت.
سألت الدبلوماسى العربى: ألا توجد أطراف أخرى يمكن أن تستثمر فى لبنان بخلاف الخليجيين والأوروبيين؟!.. قال نعم هناك أطراف يمكنها أن تفعل ذلك، لكن الثمن سيكون كبيرا أيضا.
على سبيل المثال هناك الصين لديها فوائض مالية كثيرة، ويمكنها أن تذهب للاستثمار هناك كما تفعل فى أماكن كثيرة، لكنها سوف تذهب لأهداف اقتصادية بحتة. على سبيل المثال ستقول لهم مثلا: سوف أنفذ لكم مشروعات كبرى وأضخ ٨ مليارات دولار، منها خط سكة حديد يربط لبنان بميناء أم قصر العراقى على الخليج مرورا بسوريا، على أن يدخل ذلك ضمن المشروع الاستراتيجى الصينى الكبير أى «مشروع الحزام والطريق».
وكما نعلم فإن الولايات المتحدة بدأت تطارد الاستثمارات الصينية فى العديد من المناطق بالعالم من إسرائيل إلى أوروبا. هناك نظريا استثمارات إيرانية، لكن طهران نفسها تعانى من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية لأسباب كثيرة منها العقوبات الأمريكية.
المعضلة كما يقول الدبلوماسى العربى أن مجمل التطورات فى لبنان والمنطقة خلال السنوات الماضية، جعلت حزب الله هو المتحكم الفعلى فى القرار اللبنانى، وصار يتصرف كأنه مالك الدولة الوحيد، بل يتدخل فى الحرب السورية وبقية صراعات المنطقة بصورة منفردة، ويورط لبنان فى كل مشاكل المنطقة.
الحزب وحلفاؤه لم يعودوا قادرين على حل المشكلات الصعبة التى تواجه لبنان، وجاء الانفجار الأخير ليكشف كل المشكلات مرة واحدة.
انتهى كلام الدبلوماسى العربى الذى زار لبنان قبل أيام. والمؤكد أن هناك معضلة حقيقية. لكن كيف يكون الحل؟!
الحل ألا يصبح لبنان امتدادا لطهران، لكن ألا يصبح أيضا امتدادا لواشنطن أو تل أبيب، أو أى عاصمة أخرى، إقليمية أو دولية. ويتحقق ذلك حينما تتوقف الطبقة السياسية الحاكمة من كل الطوائف عن التصرف بهذه الأنانية المفرطة، وأن يضغط اللبنانيون العاديون من أجل قانون انتخاب مدنى حقيقى يلغى الطائفية أو على الأقل يخفف من وطأتها. هذا الحلم ليس سهلا وسيحتاج إلى وقت، لأن القوى المستفيدة من هذا التردى سوف تدافع عن مكاسبها أو امتيازاتها حتى النفس الأخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرط الجوهرى لإعمار لبنان الشرط الجوهرى لإعمار لبنان



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon