بقلم: عماد الدين حسين
هل هناك أطراف تحاول الوقيعة بين مصر والكويت؟! الإجابة قولا واحدا هى نعم، وربما يمكن صياغة السؤال بصورة أخرى هى: من هى الأطراف المستفيدة من توتر العلاقات بين البلدين؟!
المتابع لتطورات الشهور الأخيرة فى علاقات البلدين سيكتشف أن هناك أطرافا تتمنى أن تتوتر علاقاتهما، وأطرافا أخرى، قد تستفيد من توتر العلاقات.
الفارق بين الطرفين كبير جدا حتى لو اختلفت النوايا.
تركيا تأتى فى مقدمة المستفيدين من توتر علاقات مصر والكويت.
صار الصراع المصرى التركى محوريا فى المنطقة. والمشروعان المصرى والتركى متناقضان تماما، فى ظل إصرار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على فرض النموذج العثمانى على العرب بقوة السلاح.
أى توتر فى علاقات مصر مع أى دولة يصب آليا هذه الأيام فى مصلحة تركيا. والعكس صحيح. وبالتالى فإنه من مصلحة أردوغان أن تسوء علاقات مصر ليس فقط مع الكويت ولكن مع كل المنطقة.
المستفيد الثانى هى قطر، لأنها فى حلف عضوى مع تركيا، التى تستخدم جماعة الإخوان وأموال قطر أداة لتحقيق مشروعها فى المنطقة.
من المعروف أن مصر شاركت السعودية والإمارات والبحرين فى قطع العلاقات مع الدوحة فى شهر يونيه ٢٠١٧. والكويت ظلت على الحياد فى هذه الأزمة بل حاولت التوسط لحل المشكلة أكثر من مرة، لكنها لم تنجح بسبب إصرار قطر على الاستمرار فى سياستها الراعية لجماعة الإخوان والتدخل فى شئون الدولة الأربعة.
وبالتالى فإذا ساءت علاقات مصر والكويت، فإن قطر ستكون من أهم المستفيدين، بل وتتمنى أن تسوء علاقات الكويت مع كل من الإمارات والسعودية والبحرين.
أحد الأطراف المستفيدة من الأزمة الراهنة أيضا جماعة الإخوان باعتبارها الأداة الرئيسية التى تستخدمها تركيا وقطر وأطراف أخرى لمناكفة ومضايقة مصر بل وكل المنطقة. الجماعة وضعت نفسها فى خدمة أى طرف أو تنظيم أو دولة تناهض النظام المصرى.
طبقا للتحليل السابق كان منطقيا أن تحاول وسائل الإعلام المدعومة من قطر وتركيا النفخ فى رماد أى سوء تفاهم مصرى ــ كويتى.
ولا يمكن استبعاد وجود كتائب إلكترونية تابعة لهذه الأطراف أو حتى متعاطفة معها، حاولت فى الأيام الأخيرة، إشعال الخلافات بين مصر والكويت بشتى الطرق.
وليس خافيا على أحد أن الأطراف والشخصيات الكويتية المتعاطفة مع التحالف التركى القطرى الإخوانى تسعى بكل الطرق للإساءة ليس فقط للنظام المصرى، بل لمصر نفسها، وهو ما يمكن ملاحظته من متابعة مجموعة تبدو محترفة هدفها الوحيد استهداف مصر والمصريين.
ولفت نظرى ما نقله موقع «مبتدأ» قبل أيام عن الباحث والإعلامى أحمد الطاهرى حينما ربط بين الحملة على قضية غسيل الأموال المتورط فيها شخصيات كويتية كبيرة، بعضها ينتمى لجماعات الإسلام السياسى، وبين محاولة الانتقام من مصر، التى بدأت تنسق بقوة مع الكويت فى مجالات عديدة فى الشهور الأخيرة، خصوصا التنسيق الأمنى، وهناك تقرير مهم أيضا نشر فى جريدة العين الإماراتية يتحدث عن «خلايا البقع السوداء» الذين ينشطون مع عدد كبير من دول الخليج للتغطية على تورط العديد من رموزهم فى قضايا مالية وسياسية وجنائية.
إضافة لهذا التحالف الثلاثى هناك بعض الأطراف الكويتية المتعاطفة مع إيران. سعت وتسعى إلى توتير علاقات مصر والكويت. طبعا هناك مستفيد أساسى ورئيسى ودائم اسمه إسرائيل، وشعارها أن أى خلاف بين أى بلدين عربيين خصوصا إذا كانت إحداهما مصر يصب فى مصلحتها، قد لا تلعب إسرائيل دورا مباشرا، بحكم أنها لا تقيم علاقات مع الكويت، لكنها تفرح وتسعد وتستفيد من أى توتر بين أى بلدين عربيين.
من بين المستفيدين أيضا إثيوبيا، التى تحاول سرقة حقوق مصر المائية، وبالتالى فإن أى خسارة دبلوماسية أو سياسية لمصر ستصب فى مصلحتها الآن وفى المستقبل.
وبجانب هذه الأطراف يمكن إضافة أى طرف لا يحب الخير لمصر أو للكويت. هناك أطراف واضحة ظاهرة حينا وخفية أحيانا، تستفيد من أى توتر للعلاقات بين مصر والكويت.
لكن للموضوعية فإن اختزال الأمر فى المتربصين فقط، خطأ بالغ لأن هناك عوامل موضوعية، هى التى قادت العلاقة إلى حالها الراهن، وهو حال لا يسر الحريصين على أن تكون العلاقات فى أفضل أحوالها، وتلك قصة تستحق مزيدا من النقاش.