بقلم: عماد الدين حسين
شخصية عامة كويتية محترمة أرسلت لى رسالة على الواتسآب عقب نشر سلسلة مقالاتى الأخيرة عن أزمة إهانة الموظف المصرى وليد صلاح على يد أحد المواطنين الكويتيين، وسألنى: وهل يمكنك أن تكتب عما يحدث لبعض المصريين أيضا فى السعودية، خصوصا أن اثنين منهم تعرضا للقتل هناك قبل أيام قليلة؟!
فضلت أن أجيب عن هذا الصديق فى هذا المكان كتابة وليس برسالة شخصية مماثلة، لأن السؤال مهم، ويتردد كثيرا على ألسنة بعض الإخوة الكويتيين مع المصريين.
إجابتى هى نعم: كنت سأكتب بنفس الطريقة إذا تعرض أى مصرى للإهانة سواء فى السعودية أو الإمارات أو عمان أو البحرين أو قطر، لكن السياق هو المهم، والمعنى أن هناك حوادث فردية تقع لمصرين فى العديد من دول العالم، لكن الفارق أن ما حدث فى الكويت هو أن هناك شخصيات عامة تستغل مناخ الحرية وتشن حملة ممنهجة ضد مصر والمصريين.
قبل أيام قام مواطن سعودى بقتل اثنين من المصريين، وتم تحويله إلى النيابة العامة فورا. وسيسأل سائل: أليس جريمة قتل اثنين من المصريين أكبر كثيرا من صفع مصرى فى الكويت؟!
الإجابة هى: لا. صحيح أن الحادث فى السعودية والكويت فردى تماما ولا يعبر عن توجه الدولة هنا أو هناك، لكن الفارق كبير.
فى حالة الكويت هناك مناخ تحريضى كبير ومستمر من قبل جهات، تصر على خلق روح العداوة مع مصر والمصريين. هذا الأمر غير موجود فى السعودية أو الإمارات أو البحرين أو عمان.
لم نقرأ أو نشاهد جريدة أو فضائية سعودية تتحدث عن ضرورة طرد المصريين لأنهم السبب فى عدم نظافة البلاد، أو أنهم يعملون خدما كما حدث فى الكويت لشهور طويلة.
ربما يكون مناخ الحريات الموجود فى الكويت أحد الأسباب فى هذه الحملة المسعورة ضد مصر، لكنْ هناك حد فاصل بين الحرية والتنمر ضد المصريين والتحريض ضدهم.
الصديق الكويتى الذى أرسل لى السؤال نسى أن المصريين هبوا معترضين على القبض على مواطن مصرى فى السعودية عام ٢٠١٢، ووقتها حدثت أزمة دبلوماسية كبيرة بين البلدين.
شخصيا عشت فى دولة الإمارات العربية المتحدة عشر سنوات كاملة، كصحفى فى جريدة «البيان» بدبى، ولم ألمس أى شعور عدائى تجاه المصريين. إذا أخطأ أحد المصريين يتم معاقبته بالقانون شأنه شأن أى أحد آخر.
لكن القضية الأهم ليست مجرد تعرض عمال وموظفين مصريين أو غيرهم من العرب لحوداث فى بلدان الخليج. القضية الأخطر هى الحساسيات الكثيرة بيننا كعرب. بعضنا يتنمر ويستقوى ضد البعض الآخر، فى حين أن هذا لا يحدث تجاه الجنسيات الأخرى.
هذا الأمر يحدث من قبل بعض الخليجيين الذين ينظرون بصورة فوقية لغيرهم من العرب، ومن بعض العرب الذين ينظرون بصورة خاطئة للإخوة الخليجيين باعتبارهم «محدثى نعمة».
كلتا النظرتين خاطئتان، وحان الوقت كى نبحث بجدية فى ضرورة التخلص من هذا التعامل المدمر. للأسف كلما وقعت حادثة عابرة تبدأ مجموعات متطرفة هنا وهناك فى شن حرب على غرار داحس والغبراء، وننسى جميعا أننا أبناء وطن واحد من المحيط إلى الخليج.
حان الوقت للتخلص من هذه الحساسيات المفرطة، وأن يتم توعية وتثقيف الناس العادية بضرورة عدم الانزلاق فى هذه الحروب المدمرة على السوشيال ميديا، خصوصا أن هناك متربصين كثيرون يتمنون أن نستمر فى هذه الحروب الافتراضية إلى الأبد وهى الحروب التى جعلت بعضنا يتعامل مع إسرائيل باعتبارها أقرب إليه من إخوته وأشقائه وأبناء عمومته.