توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل خسرت أمريكا فى الانتخابات؟

  مصر اليوم -

هل خسرت أمريكا فى الانتخابات

بقلم: عماد الدين حسين

«نجهل هوية الرئيس المنتصر، لكن نعرف هوية الخاسر، إنها أمريكا».. هذه العبارة كانت عنوانا لآخر مقالات الكاتب الأمريكى المعروف توماس فريدمان فى صحيفة نيويورك تايمز يوم الخميس الماضى.
ما قاله فريدمان يؤيده كثيرون، ومنهم تقرير مهم لصحيفة الفاينانشيال تايمز فى اليوم نفسه، جاء فيه: «أن الجدل الذى صاحب الانتخابات الأمريكية، يكشف عن انقسامات عميقة تعانى منها أمريكا، وستجعل من العسير مع رئيسها المقبل أيًا كانت هويته وانتماؤه الحزبى أن يحكمها».
الصراع الانتخابى كان مريرا بالفعل، ولم يؤدِ إلى نتيجة يمكن التوافق عليها، وبدلًا من معرفة النتيجة صبيحة اليوم التالى للانتخابات ــ كما يحدث دائمًا ــ كانت الولايات المتحدة أمام سيناريوهات متضاربة، وربما يجعل الأزمة مرشحة للاستمرار لأسابيع، كما حدث فى انتخابات ٢٠٠٠ بين آل جون الديمقراطى وجورج بوش الابن الجمهورى.
«هناك خطر حقيقى يهدد شرعية النظام الأمريكى بأكمله»، طبقًا لتقرير الفاينانشيال تايمز، وهو أن فوز ترامب ــ وهو احتمال ضعيف جدًا ــ بأصوات المجمع الانتخابى، كما حدث فى الانتخابات الماضية، سيهدد الأصوات الشعبية، أما فوز بايدن الأكثر ترجيحًا فإنه سوف يصبح رئيسا لدولة منقسمة بشكل عميق، ويصعب عليه حكمها، خاصة إذا ظل مجلس الشيوخ فى يد الجمهوريين، ما يعنى فى نهاية المطاف أن الرئيس الأمريكى المقبل فى كلتا الحالتين، سيرث بلدا يرفض فيه نصف الناخبين شرعيته.
هذا الانقسام العميق أدى إلى ظهور مشكلات وأزمات وظواهر لم تكن معروفة فى الولايات المتحدة، التى طالما تغنت وتباهت بقدرة نظامها وقيمها على دمج كل الفئات والأعراق فى نموذج يطلق عليه كثيرون «الحلم الأمريكى».
الدبلوماسى السابق السفير حمدى صالح قال لقناة العربية: «إن الخلاف بين بايدن وترامب صار على الهوية الأمريكية».
هذا الأمر يقودنا إلى الآراء الصادمة لترامب ووجهه العنصرى، الذى ظهر فى مرات كثيرة، أخطرها حينما لم يستطع أن يدين بصورة واضحة العنصرية ضد السود بعد مقتل الأمريكى من أصل أفريقى جورج فلويد فى مايو الماضى، على يد شرطى أبيض هو ديريك تشوفين فى مينابوليس بولاية مينسوتا.
لعب ترامب على التقرب أكثر من ناخبيه البيض جدا، وبعضهم غير حاصل على شهادات جامعية، وتمكن من إقناعهم بأن كل مشاكلهم سببها المهاجرون والمسلمون والصين واليسار الأمريكى.
خاطب ترامب غرائز هؤلاء، وزاد الأمر سوءًا أن الحزب الديمقراطى اتجه إلى اليسار أكثر، بدلًا من محاولة استمالة يسار الوسط فى الحزب الجمهورى للضغط على ترامب، وهكذا وصلت أمريكا إلى حالة من الاستقطاب غير مسبوقة منذ استقرار نظامها السياسى بشكله الراهن.
قبل هذه الانتخابات وأثناءها وبعدها، سمعنا عن ظواهر، كانت ولا تزال تحدث فى بلدان نامية ومتخلفة كثيرا، لكن لم يتصور أحد حدوثها فى أمريكا.
قبل الانتخابات قام ترامب بشحن مناصريه بصورة واضحة، ومهَّد لهم منذ يوليو الماضى، بأنه لن يعترف بخسارته.
حينما كان ترامب متقدما فى اللحظات الأولى من اليوم الأول للانتخابات، سارع إلى إعلان فوزه، رغم أن العديد من الولايات، لم تكن قد أعلنت النتيجة بعد.
وحينما بدأ يتقدم عليه بايدن فى نهاية اليوم الأول، خصوصا بعد بدء فرز بطاقات الاقتراع القادمة عبر البريد، سمعنا ترامب يتهم الديمقراطيين بأنهم سرقوا الفوز المستحق له دون أن يقدم أدلة واضحة على ذلك.
وحينما بدأ الفرق يزيد لمصلحة بايدن فى العديد من الولايات، خصوصا تلك التى كانت محسوبة على الجمهوريين، بدأ ترامب يُغرق خصمه فى مئات الدعاوى القضائية لوقف الفرز ووقف إعلان النتيجة، واتهام الديمقراطيين وقوى متعددة بسرقة فوزه بعد تزوير الانتخابات، من دون أن يقدم دليلا على ذلك.
سمعنا أيضا عن عمليات شراء أسلحة كثيرة، وسمعنا عن مظاهرات واحتجاجات جمهورية كثيرة وأعمال شغب خصوصا فى نيويورك ودترويت، وصلت إلى مهاجمة مراكز اقتراع، كما حدث فى بنسلفانيا وفى دنفر.
رأينا الشرطة تستخدم الغاز لتفريق محتجين ضد النتائج فى بعض البلدات والمدن، وتم مصادرة مفرقعات وآلات حادة وبنادق فى بورتلاند، وسمعنا عن نشر شائعات وحملات تضليل إعلامى متبادلة.
ترامب حوَّل بلاده إلى دولة عادية جدًا، بل أحيانًا إلى دولة أقل من عادية.
بعد كل هذه الظواهر والمشاهد الغريبة، فالسؤال هو: هل ما حدث هو الوجه الوحيد لأمريكا، أم أن هناك وجهًا آخر استطاع أن يتصدى لترامب وأفكار العنصرية والشعبوية؟
الأمر يحتاج لنقاش لاحق إن شاء الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل خسرت أمريكا فى الانتخابات هل خسرت أمريكا فى الانتخابات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon