بقلم: عماد الدين حسين
كل سائقى التاكسى الذين ركبت معهم خلال الأسابيع الأخيرة لم يكونوا يرتدون الكمامة.
أحيانا أسير على قدمى من الدقى إلى التحرير، وألاحظ أيضا أن كل سائقى الميكروباص القادمين من فيصل وبولاق إلى التحرير لا يرتدون الكمامة.
كلمة السر مع كل هؤلاء حينما تسألهم هى «خليها على الله».
سمعت هذه الجملة آلاف المرات، لكن معظم من يرددها هم سائقو التاكسيات والميكروباصات.
حينما أسأل أحدهم: لماذا لا ترتدى الكمامة، فيقول لى نفس العبارة «خليها على الله»، أرد عليه وأقول: يعنى إيه؟! فيقول: «يعنى ربنا سوف يحفظنا»، فأقول له ولكن ربنا قال لنا بوضوح: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» والرسول صلى الله عليه وسلم قال لنا: «اعقلها وتوكل»، فقال: صح، لكن كله بأمر الله.
قلت له يعنى لو حضرتك لم تلبس الكمامة، وجلست بجوار راكب مصاب وأنت لا تعرف أنه مصاب وهو لا يعرف أيضا هل ستصاب أم لا؟! تمهل كثيرا وقال لا أعرف، لكن ربنا قادر على حمايتنا، فقلت له مرة ثانية ربنا قادر على كل شىء، لكنه هو نفسه الذى أخبرنا فى كتبه السماوية أن نتبع الأسباب.
بعض من كنت أناقشهم كانوا يصرون على هذا المنطق الغريب، وبعضهم كان يتفهم وبعضهم كان يقول: «أنا أعرف أهمية الكمامة، لكن لا أطيقها، هى تخنقنى»!
أقدر منطق هؤلاء وأتفهمه، لأننى أيضا ــ وأظن كل شخص ــ يشعر بالخنقة من هذه الكمامة، وقلت لأحدهم: أيهما أفضل أن تشعر بالخنقة لبعض الوقت مع الكمامة، حينما تكون بجوار أناس لا تعرفهم، أم تصاب لا قدر الله بفيروس كورونا.
عند هذه النقطة اقتنع السائق بكلامى، وأخرج الكمامة ولبسها فورا.
حال سائق الميكروباص أسوأ، لأنه لا يرتدى كمامة وعدد الركاب معه أكثر من التاكسى، ومعظمهم لا يرتدى الكمامة، والسائق لا يحلو له التدخين إلا أثناء امتلاء السيارة بالبشر!!
هل نلوم السائقين أم الركاب، أم المرور الذى لا يراقب بما فيه الكفاية؟!
للأسف حيل وأساليب بعض السائقين لا تتوقف للهروب من ارتداء الكمامة، هو يضع الكمامة أسفل أنفه وأحيانا أسفل فمه وحينما يتوقف فى إشارة أو يقترب من كمين، يقوم بارتدائها، ومن المضحك أن بعض المصريين صاروا يرتدون الكمامة لكن لا يضعونها على أنوفهم، ولا نعرف على من يضحك هؤلاء!!
التطور الأسوأ فى المسألة برمتها أن غالبية المصريين فهموا رسائل الحكومة فى الشهرين الماضيين باعتبارها تعنى شيئا واحدا وهى أن «كورونا لم تعد موجودة فى مصر»!!
قال لى صديق أثق فى رأيه وصدقه أنه ركب مترو الأنفاق فى الأسبوع الماضى، واكتشف أن غالبية الركاب لا يرتدون الكمامة، وبعضهم يضعها حول رقبته فقط.
وحينما استغربت قال لى إن هناك تنبيهات عبر إذاعة داخلية تحض الركاب على ضرورة ارتداء الكمامة. وهذه التنبيهات صارت روتينية ولا يلتفت لها أحد.
كنت أتخيل أن شرطة مترو الأنفاق، تخصص دوريات مستمرة للتفتيش على الركاب وتطبيق القانون بشدة، خصوصا أن هذا المترو بركابه الكثيرين وزحامه المستمر، يعتبر أحد أخطر بؤر نشر الفيروس اللعين، لكن الاكتفاء بالرسالة التحذيرية عبر الإذاعة الداخلية، لن يغير شيئا مع ثقافة شعب شعارها فى كل شىء «خليها على الله»!
الامر نفسه يتكرر فى غالبية المساجد والكنائس والأسواق والمراكز التجارية، وصار من يلتزم بالكمامة والتباعد الاجتماعى عملة نادرة.
وبالتالى إذا وجهنا اللوم للسائقين والمواطنين بعدم ارتداء الكمامة، فعلينا توجيه اللوم للجهات الحكومية المختلفة التى لا تقوم بالرقابة والمتابعة والمحاسبة.
صحيح أن أعداد الإصابات فى مصر تتراجع مقارنة بما هو حادث فى العديد من بلدان العالم، لكن علينا ألا ننسى أن الأعداد التى تصدرها وزارة الصحة يوميا لا تتضمن المصابين الذين يفضلون معالجة أنفسهم فى بيوتهم، أو فى مستشفيات خاصة.
وفى المقابل هناك تحذيرات عالمية متعددة بأننا مقبلون على مرحلة أو موجة ثانية من الإصابات، وهناك تحذيرات رسمية متعددة للمصريين بضرورة الحذر، خصوصا أننا مقبلون على فصل الشتاء، وهناك مدارس وجامعات وكل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية عادت للعمل بكامل طاقتها تقريبا، وبالتالى فإن فرص الخطر وعودة الإصابات تبدو كبيرة.
نحتاج إلى جهد واسع النطاق من الجميع حتى نتجنب الأسوأ، ونحافظ على انخفاض الأعداد، الذى لا يعرف سره حتى الآن إلا الله سبحانه وتعالى!!