توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الذين تخلصوا من داء التعصب

  مصر اليوم -

الذين تخلصوا من داء التعصب

بقلم: عماد الدين حسين

«لأول مرة فى حياتى لا أشاهد مباراة الأهلى والزمالك، بل إننى لم أتابع النتيجة بشغف وقلق ورعب كما كنت فى السابق، وشغلت نفسى بما هو أهم.
لم أفعل ذلك خوفا من التوتر الذى كنت أعيشه، ولا هروبا من الرعشة التى كانت تنتابنى، ولا تجنبا لخفقان قلبى الذى كان يدق بسرعة رهيبة، ولا نجاة من حزن دفين كان يسكننى لأيام إذا خسر الأبيض، لكننى فعلت ذلك بمنتهى الثقة والتمكن والقناعة ودون أن أشعر بآلام حالة الفطام من شىء أحبه.
منذ عام اتخذت قرارا بالانفصال عن التشجيع والانحياز، وعالجت نفسى من أدران التعصب، واقتنعت بأن كرة القدم هى الأفيون الذى يخدرون به الشعوب، ولا تستحق أن نتعامل معها باعتبارها معركة حربية، بل هى أتفه مما نتخيل، ومن يرى هموم بلده يهون عليه تشجيع الكرة.
الآن أستنشق نسائم الحرية وأشعر بأننى تحررت من الخوف والقلق والتوتر بعد أن أمضيت عمرى أسيرا فى «سجن وهمى»، وكان البعض يضرب بى المثل فى التعصب، الآن لم تعد تهمنى النهايات ولم أعد أكره وأحب، ولم تعد تعذبنى نار كراهية الأحمر ولا يشقينى أنين حب الأبيض، الآن أرى الألوان بلونها الطبيعى، الآن أتأمل بدهشة من يفعل مثلى ويقتل نفسه بيده».
الكلمات السابقة ليست لى، ولكنى وجدتها مكتوبة على صفحة الزميل والصديق عماد صبحى، وهو كان مشجعا زملكاويا شديد التعصب، كنت أشعر بجانبه، حينما نتحدث بأننى ضعيف أو معدوم الانتماء للزمالك.
بعد ما كتبه عماد وجدت تعليقات متنوعة اخترت منها الآتى:
«أنا فى الطريق كنت عاهدت نفسى أن أعتزل التشجيع. كرة القدم فى بلادنا لا تلعب للمتعة بل للمكايدة وزيادة الكراهية والشحناء خصوصا الذين كرروا السباب العنصرى لشيكابالا».
وتعليق ثان يقول: «اتفضل صف معنا فى الطابور المحترم، قلنا كده كثيرا كانوا يتهموننا بالتخلف»!!!.
وتعليق ثالث يقول: «مررت بهذا وشفيت أيضا، ولكن حدثت لى انتكاسة وعدت مدمنا مرة أخرى فخذ حذرك».
انتهت التعليقات، وأتفق مع الكثير منها، لكن هناك زاوية اختلاف أيضا. التعصب موجود فى العالم كله وكذلك المكايدة والمناكفة، لكن السؤال دائما إلى أى درجة؟!!.
نحن فى مصر لسنا استثناء من هذا التعصب، وما حدث فى الأرجنتين قبل حوالى عامين بالضبط خير مثال. أكبر فريقين فيها وهما بوكا جونيور وريفر بلات وصلا إلى نهائى أبطال أمريكا الجنوبية، لعبا المباراة الأولى فى العاصمة بيونس أيرس لكن حدثت مصادمات وإصابات بين مشجعى الفريقين، وتم نقل المباراة إلى ستاد برشلونة فى إسبانيا.
نعود إلى التعصب ونقول إن الأصل هو الانتماء، وما لا يدركه المتعصبون فى مصر للزمالك أو الأهلى أنه من مصلحة أى فريق منهم أن يكون الفريق الآخر قويا ومنافسا، على البطولات دائما.
من دون وجود فرق قوية لن يكون لأى بطولة طعم، وستصبح ــ مع الأرق ــ مثل الدورى الإيطالى الذى يحتكره اليوفنتوس منذ عشر سنوات تقريبا، أو الدورى الفرنسى الذى يحتكره باريس سان جيرمان.
النموذج الأفضل فى الدوريات العالمية كلها هو الدورى الإنجليزى حيث توجد فرق كثيرة تستطيع أن تفوز بالبطولة. وفى مباريات كثيرة لا يمكنك مطلقا أن تتنبأ بمن سيفوز، حتى لو كانت بين المتصدر والمتذيل!
طبعا من حق أى مشجع أن يتمنى أو يحلم بأن يفوز فريقه فى كل المباريات الودية والرسمية، وأن يحتكر كل البطولات، لكن لو حدث ذلك، فما الذى سيجعل الجماهير تهتم بهذه المسابقة، طالما أنها تعرف مسبقا أن هناك بطلا واحدا يحتكر الفوز.
الأمر يشبه إلى حد ما حزب يحتكر السلطة ويفوز فى كل الانتخابات، أو فنان سوبر لا ينافسه أحد على المسرح أو السينما، أو أى شخص فى أى مجال. من حق كل مشجع أن يحب فريقه كما يشاء، ويتمنى فوزه دائما، لكن عليه أن يتذكر دائما أنها رياضة أى فوز وهزيمة.
ما يجعل الحياة ممتعة أن تكون متنوعة ومدهشة، ولا يمكن التنبؤ بكل شىء فيها.
من حق أى مشجع أن ينتمى لفريقه، لكن ليس من حقه أن يتعصب بشدة، عليه أن يدرك أن الرياضة هدفها الأساسى السمو بالنفس وقبول الآخر، وليس ما نراه أو نسمعه أو نشاهده فى الفضائيات.
والموضوع الأخير يستحق مناقشة واسعة بسبب الجرائم والكوارث التى يتسبب فيها بعض المنتسبين للإعلام الرياضى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذين تخلصوا من داء التعصب الذين تخلصوا من داء التعصب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon