بقلم: عماد الدين حسين
صباح أمس الثلاثاء بثت وكالة الأنباء صورا وفيديوهات لولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، وهو يستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد فى مطار العلا شمال غرب السعودية، لحضور القمة الخليجية رقم 41، التى كان مقررا عقدها فى البحرين ثم انتقلت للسعودية، فى إطار التحضيرات للمصالحة الخليجية بين كل من المملكة والبحرين والإمارات ومصر مع قطر.
كثيرون يعرفون أن أمير قطر كان سيحضر القمة، بعد وساطات كويتية وأمريكية مكثفة، وبالتالى فإن خبر وصول تميم للمملكة، لم يكن هو المفاجئ ،لكن الذى لفت الأنظار حفاوة الاستقبال من بن سلمان لتميم، خصوصا الأحضان المتبادلة.
أكتب هذا الكلام ظهر أمس الثلاثاء، ولم يكن قد صدر بيان رسمى عن القمة، ولا أعرف حتى اللحظة، على أى أساس تمت المصالحة، وهل هى عربية شاملة، أم فقط بين السعودية وقطر.
وإلى أن نعرف النتائج الفعلية للقمة، سأتوقف عند نقطة تبدو شكلية لكثيرين، ولكنها مهمة جدا،وهى الأحضان بين الأميرين بين سلمان وتميم.
لماذا هذا الاستقبال الدافئ كان ملفتا لكثيرين؟!
لأن حجم الخلافات بين قطر وكل من الدول الأربعة كان قد وصل إلى درجة غير مسبوقة، تصور معها كثيرون أن المصالحة، أو حتى مجرد اللقاء لن يتم مطلقا، لدرجة أن تقارير غربية تحدثت عن تفكير دول الخليج فى غزو قطر فى بدايات الأزمة، حينما تم قطع العلاقات وإغلاق كامل الحدود البرية والبحرية والجوية فى ٥ يونيو ٢٠١٧.
نعرف أيضا حجم الحملات الإعلامية المتبادلة بين قطر والدول الأربعة، والتى وصلت إلى درجات غير مسبوقة عربيا.
بعد كل ذلك وصلنا إلى قمة العلا، وفتح الحدود البرية والجوية السعودية القطرية ومشاركة مصر فى القمة ممثلة فى وزير خارجيتها سامح شكرى.
السؤال هل ما حدث يفترض أن يكون مفاجئا للسياسيين والإعلاميين وللمواطنين العاديين؟!
يقولون دائما إنه لا توجد فى السياسة صداقات أو عداوات دائمة، بل مصالح دائمة.
وبالتالى فكل شىء وارد. وفى منطقتنا العربية رأينا خصومات عاتية، لكنها انتهت بقبلات وأحضان حارة.
ربما يكون هناك فرق كبير بين العقل السياسى العربى ونظيره فى الغرب. لدينا مشاعر وعواطف جياشة فى الصداقات والعداوات، ولديهم فى الغرب عقول براجماتية عملية مصلحية. تتصارع فرنسا وإنجلترا أو اليونان وإيطاليا، أو ألمانيا وبريطانيا، فلا نسمع منهم فى المجمل أى شىء يخص الأشخاص، بل صراعات وخناقات وخصومات وخلافات تتعلق بقضايا واضحة ومعلنة، وأثناء التفاوض بشأنها يلتقون ويتصافحون ويأكلون ويشربون ثم يبتسمون، لكن لدينا العكس تماما.
ولذلك تبدو الخلافات والمصالحات العربية غير منطقية أمام الرأى العام. ومن تابع الخلاف القطرى مع الدول الأربعة، ظن أنه لن يكون هناك حل أبدا، وحينما يأتى هذا الحل، فإنه يصيب المواطن العربى البسيط بالدهشة والتشوش والارتباك، وهو ما قد يقود إلى فقدان الثقة فى السياسة والسياسيين العرب.
بالنسبة للإعلاميين فى بلدان المنطقة، فإنه لا توجد لدى معظمهم خط رجعة. بعضهم يتقمص دور السياسى، منحازا لهذه الدولة أو تلك، وحينما تتم المصالحة أو التهدئة أو حتى وقف التراشق الإعلامى، فإن مثل هذا النموذج يصاب بصدمة أو خيبة أمل كبيرة، لأنه من البداية تخلى عن دوره الإعلامى، فى نقل المعلومات والأخبار والتحليلات، وتحول إلى ناشط سياسى منحاز لهذا الطرف أو ذاك.
شخصيا أتمنى أن تتحقق المصالحة العربية ليس فقط بين الدول الأربعة وقطر، ولكن بين ليبيا وجيرانها، وبين الجزائر والمغرب، وبين العرب وإيران وتركيا. لكن على أساس ثابت، وهو الاحترام المتبادل والنوايا الصادقة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وهى الأسس التى أعلنها الرئيس السيسى خلال استقباله وزير الخارجية الكويتى قبل أيام، حينما نقل إليه آخر تطورات المصالحة.
والي ان نعرف حقيقة ما حدث فظنى الشخصى أن ما حدث هو تهدئة تعقبها مفاوضات مباشرة بين الاطراف الخمسة،واي تهدئة او مصالحة سيكون الخاسر الابرز فيها جماعة الاخوان،لانه لابد ان تقدم قطر ثمنا ما لهذه المصالحة بشكل او باخر . صحيح انه من المنطقي يصعب تصور تخلي قطرعن دعم جماعة الإخوان، فى المنطقة، لكن لا يوجد مستحيل في السياسة والدليل مشهد الاستقبال بالامس بين تميم وبن سلمان.