توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا لا يتعظ المرتشون؟!

  مصر اليوم -

لماذا لا يتعظ المرتشون

بقلم - عماد الدين حسين

فى كل مرة يقع فيها مرتشٍ كبير أسأل نفسى: لماذا لم يتعظ هذا المرتشى، وهل ظن أنه لن يقع، ولماذا لا يتعظ كل من يفكر فى تكرار هذا الامر؟
لا أعرف إذا كان السؤال يستحق الطرح من الأساس، أم أنه يأتى من «واحد صعيدى ساذج» هو العبد لله؟!
هناك العديد من الأسئلة البديهية التى تتوارد على الذهن مع أى قضية فساد كبيرة. منها مثلا ما الذى يجعل رجلا يتولى رئاسة شركة قابضة كبرى ويتقاضى مبالغ خرافية جدا تجعله يعيش مستورا هو وأهله لمئات السنين، أن يلجأ إلى الرشوة؟!!. مثل هذا المنصب يوفر لصاحبه مرتبا ضخما وحوافز كثيرة جدا فى إطار القانون، فلماذا يلجأ إلى الحرام؟!
سيقول قائل إن هناك أناسا كثيرين من ذوى النفوس الضعيفة، الذين يسهل عليهم الوقوع فى الحرام ويصعب عليهم مقاومته. طبعا هذا صحيح، وهنا يأتى السؤال الثانى الذى أراه منطقيا جدا وهو: ما الذى يصيب المرتشى بالعمى، والحول والغباء بحيث يظن أنه لن يسقط مفضوحا؟!
فى ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات صار الجميع مكشوفا وعريانا أمام الجميع. معظم التليفونات فى كل بلدان العالم صار يسهل «ركوبها»، أى السيطرة عليها، صوتا وصورة، والكاميرات فى كل مكان. بعد كل ذلك ألم يفكر أى مرتشٍ أن احتمالات سقوطه كثيرة، وأن احد الراشين قد يوقع به لينتقم منه؟!
حينما سقط وزير الزراعة الأسبق وتم القبض عليه فى ميدان التحرير، بعد خروجه من مقر مجلس الوزراء، وهو على رأس عمله، ظن البعض أن الجميع سوف يتعظ، لكن اكتشفنا أننا جميعا ساذجون.
بعدها شهدنا واقعة «المستشار»، وقلنا يومها إن هذه الواقعة التى تضمنت وقائع مشينة وجارحة، ستترك أثرا وعلامة، تجعل الآخرين لا يكررونها. ثم شهدنا واقعة نائبة محافظ الاسكندرية، ثم محافظ المنوفية السابق، لكن ومن مطالعة وسائل الإعلام اليومية، فإنه لا يكاد يمر يوم تقريبا، إلا ونقرأ خبرا عن قيام جهاز الرقابة الإدارية، بالقبض على أحد الفاسدين الكبار، إضافة بالطبع إلى «عشرات الفاسدين النص نص أو الصغار»!!
بالطبع هو نشاط جيد وملحوظ للرقابة الإدارية ينبغى علينا أن نشكر رجالها، وعلى رأسهم الوزير اللواء محمد عرفان. وفى المقابل علينا أن نعيد طرح السؤال الأزلى وهو كيف يمكن أن نغير بعض السياسات والقوانين والإجراءات، التى ربما تغرى البعض بالوقوع فى مصيدة الفساد؟!
قبل الإجابة على السؤال نؤكد أن الفساد موجود فى كل زمان ومكان، وفى الدول النامية والمتوسطة والمتقدمة، لكن الفارق الأساسى هو فى نسبة هذا الفساد هنا أو هناك.
إذا لاحظتم لم أتحدث بوضوح عن أسماء فى القضية الأخيرة، لأنها ما تزال مجرد اتهامات، سيفصل فيها القضاء قريبا، وكل الأمثلة التى ذكرتها، صدرت فيها أحكام قضائية.
لكن مرة أخرى ألا ينبغى علينا، خصوصا مجلس النواب أن يبحث فى القوانين والتشريعات والإجراءات التى تجعل كثيرين يتجرأون على السرقة والفساد والاختلاس والتربح بطرق مختلفة؟!
الموضوع ليس سهلا، وليس قاصرا على مجرد تغيير قوانين فقط، لكنه متعلق للاسف بثقافة عامة، ترسخت فى السنوات والعقود الماضية، وجعلت بعض شرائح المجتمع تتقبل العديد من السلوكيات والقيم الخاطئة والمنحرفة. وصار بعض الفاسدين نجوما يعظون عن «الاخلاق الحميدة ومحاربة الفساد»، أو تمكنوا من الافلات من جرائمهم بحيل متعددة.
نحتاج إلى بذل الكثير من الجهد، وأن نبتكر طرقا لتطويق ومحاصرة الفاسدين، ومنع وقوع مواطنين جدد فى هذه المصيدة الخبيثة التى تصيب الكثيرين باليأس من إمكانية نجاح أى عملية إصلاح اقتصادى أو إدارى أو سياسى.
مرة أخرى تحية للرقابة الإدارية، وعليها ألا تتوقف عن اصطياد حيتان الفساد وليس فقط «البساريا» الصغيرة.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا يتعظ المرتشون لماذا لا يتعظ المرتشون



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon