توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مغادرة بوتفليقة هى الجزء الأسهل

  مصر اليوم -

مغادرة بوتفليقة هى الجزء الأسهل

بقلم: عماد الدين حسين

من حق الجزائريين الغاضبين والمحبطين أن يشعروا بالفرح والسعادة، لأنهم تمكنوا من إجبار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة يوم الثلاثاء الماضى، لكن الأكثر أهمية أن يدركوا أن ما تحقق هو الجزء الأسهل، فى حين أن الأصعب لايزال موجودا ويحتاج إلى جهد كبير من الجميع.
أذكر جيدا أنه فى مساء يوم الجمعة ١١ فبراير ٢٠١١، رقص مئات الآلاف من المصريين، وغنوا فى ميدان التحرير، احتفالا بإعلان الرئيس الأسبق حسنى مبارك تخليه عن الحكم. أكثر من ٩٩٪ من المحتفلين كانوا يعتقدون وقتها أن «الدنيا ربيع والجو بديع»، وأن كل شىء سيئ سينقلب إلى الأفضل، لمجرد أن مبارك قد ترك الحكم، وغادر إلى شرم الشيخ، ثم اكتشف الجميع فيما بعد أن تنحى مبارك كان هو الجزء الأسهل جدا، وأن الأهم هو التغلب على التحديات الصعبة جدا التى تواجه البلاد تمهيدا لبناء دولة على أسس حديثة. الأمر نفسه وربما بحذافيره ــ مع فارق التفاصيل ــ ينطبق على الأشقاء فى الجزائر. هم تظاهروا عشرات المرات منذ أسابيع، للمطالبة بمنع ترشح بوتفليقة للمرة أو العهدة الخامسة، وهم نجحوا فى ذلك، ويأملون أن يكون ذلك بداية لبناء الدولة الحديثة التى يستحقونها.
احتفل الجزائريون ليلة الثلاثاء فى الميادين الكبرى بالعاصمة والولايات المختلفة، لكن عليهم ألا يبالغوا فى الأحلام، حتى لا يتعرضوا إلى الصدمات والإحباطات، التى أصابت أشقاء لهم من قبل فى العراق وتونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن.
على الأشقاء فى الجزائر، أن يفرحوا، لكن عليهم تذكر أن هناك قوى كثيرة، ستحاول عرقلة الإصلاح بكل الطرق الممكنة، لأنه ببساطة سيضرب مصالحهم فى الصميم. وطبقا لما نقلته «الجارديان» البريطانية، قبل أيام، فإن الفساد مستوطن فى الجزائر، وكبار الفاسدين هم من دفعوا بوتفليقة دفعا للترشح حتى يحميهم ويستمروا فى النهب، وحتى لو خرج بعض هؤلاء من المشهد فهناك شبكات أخطبوطية معهم. ويرتبط بالفساد اللوبيات وجماعات المصالح المختلفة التى استفادت ليس من العصر الماضى فقط، ولكن من العصور السابقة بأكملها.
مصالح تكونت بصورة شرعية حينا، وصور غير شرعية أحيانا، وسوف تحارب هذه القوى دفاعا عما تعتقد أنه مصالحها، وستحاول عرقلة التحديث والتطور بكل ما لديها من أسلحة.
التحدى الثانى هو الإصلاح الاقتصادى، وهناك تقديرات بأن الثروة النفطية تتآكل، وقدرة الحكومة على استرضاء الناس تقل، فى حين أن ربع عدد الشباب يعانون من البطالة، وهم الذين كانوا يشكلون الجزء الأكبر من المتظاهرين والمحتجين فى الشوارع خلال الأسابيع الماضية.
أما التحدى الأكبر فهو أن يدرك المتظاهرون وقادتهم أنهم لن يحققوا مائة من مائة من مطالبهم فورا. عليهم أن يدركوا أنهم سيدخلون مع مفاوضات ومساومات طويلة ومعقدة مع القوى المؤثرة والمهيمنة.
لكن المهم أن يبدأوا السير فى الطريق الصحيح من البداية، حتى لا يهدروا الكثير من الرواح والوقت والمال والأعصاب.
من أفضل ما يميز مظاهرات الجزائريين الأخيرة أنها كانت سلمية تماما، لم يسقط شهيد من المحتجين أو من الشرطة. الجميع التزم أقصى درجات التحضر، على الرغم مما يشيعه البعض خطأ بأن غالبية المواطنين يتميزون بالقسوة والعنف. الأهم أن يستمر هذا السلوك حتى تنتهى المرحلة الانتقالية بسلام.
أكبر خطأ يقع فيه الجزائريون، هو اعتقاد بعضهم ــ مهما كان اسمه أو حجمه، شخصا كان أم هيئة أم حزبا أم مؤسسة ــ أنه يستطيع بمفرده أن يسيطر أو يكوش أو يهيمن على كل شىء ويقصى الآخرين.
هذا الخطأ الفادح هو الذى أفشل وعرقل وعطل الثورة المصرية، حينما ظن البعض أنهم المالك الحصرى والوحيد للثورة وللوطن وللدين، وأثبتوا وقتها أن شعارهم الحقيقى هو «مغالبة وليس مشاركة»!!.
يستحق الجزائريون حياة كريمة وحديثة وهم أثبتوا أنهم شعب محترم ومتحضر جدا، حينما رفضوا أن يتم حكمهم بهذه الطريقة التى كانت تتصرف بها «العصابة» المحيطة بالرئيس على حد وصف بيان رئاسة الأركان.
ونتمنى أن يكمل الأشقاء فى الجزائر نفس المنهج الهادى، حتى ينقلوا تجربة ملهمة لبقية الشعوب العربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغادرة بوتفليقة هى الجزء الأسهل مغادرة بوتفليقة هى الجزء الأسهل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon