توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكومة الميليشياوية فى طرابلس!!

  مصر اليوم -

الحكومة الميليشياوية فى طرابلس

بقلم: عماد الدين حسين

فى العاصمة الليبية طرابلس وبقية المناطق التى تسيطر عليها حكومة فايز السراج المدعومة من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ما يقرب من ٨٣ ميليشيا مسلحة، وما يزيد على ١٥ ألفا من المرتزقة جاءوا من سوريا وبلدان أخرى، و٥٨٠ جنديا تركيا، و٣٦٤ جنديا إيطاليا، إضافة إلى جنود من تشاد ودول إفريقية أخرى، ولا يوجد جيش وطنى نظامى بالمعنى الدولى المفهوم، والأخطر من كل ذلك أن تركيا أقرت بصورة ضمنية على لسان وزير دفاعها خلوصى أكار بوجود قاعدة عسكرية لبلاده فى طرابلس، تشرف على تأهيل القوات الليبية فى مراكز التدريب التى أنشأتها، وهناك تقارير تقول إن هناك ثلاث قواعد تركية وليس واحدة، منهم قاعدة بحرية فى مصراتة وأخرى فى طرابلس وثالثة فى الخمس.
وبعد كل ذلك يدَّعى رئيس حكومات الميليشيات المسماة زورا بحكومة الوفاق فايز السراج بأنه يقيم دولة مدنية فى ليبيا.
السؤال، كيف يتجرأ السراج على الزعم بوجود دولة مدنية فى حين أن حكومته محمية بالميليشيات والمرتزقة والاحتلال التركى المباشر؟!
من يتابع تطورات ليبيا بعد سقوط القذافى نهاية عام ٢٠١١ سيدرك على الفور أن حلف الأطلنطى ودول عربية من بينها قطر تعمدت ترك الأسلحة فى أيدى الميليشيات، لكى تصل للحظة الراهنة.
ليس معنى ذلك أن القذافى كان حاكما صالحا وديمقراطيا، هو الذى دمر دولة المؤسسات، وجعل الجيش عبارة عن كتائب بأسماء أولاده وبعض مساعديه، لكن ما حدث بعد سقوطه كان جريمة دولية من طراز رفيع من قِبَل القوى الكبرى، خصوصا الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزى، وحاكم قطر السابق حمد بن خليفة وبموافقة من الولايات المتحدة وبريطانيا.
تفاءل الناس خيرا باتفاق الصخيرات عام ٢٠١٧، من أجل إقامة حكومة وحدة وطنية ومؤسسات وجيش موحد، لكن لم يحدث أى تفكيك للميليشيات أو إقامة جيش وطنى أو مؤسسات موحدة والأهم المصالحة الوطنية الشاملة، وانتهى الأمر بأن تركيا صارت المتحكم الرئيسى فى طرابلس وغرب ليبيا عبر الميليشيات، خصوصا تلك التابعة لجماعة الإخوان أو القوى السلفية المختلفة، وصارت ليبيا مكانا آمنا للقوى المتطرفة والإرهابية من كل المنطقة.
هذه الميليشيات تتناحر فيما بينها دائما، وتوحدت فقط حينما حاصر الجيش الوطنى الليبى طرابلس، خوفا من ضياع امتيازاتهم وسلطتهم، ثم جاء التدخل التركى السافر وإرسال المرتزقة، مصحوبا بدعم إيطالى وأمريكى وتونسى وجزائرى مستتر، ليمنع سقوط طرابلس، ويعيد تعويم حكومة الميليشيات حفاظا على المصالح النفطية من جهة، وخوفا من زيادة النفوذ الروسى من جهة أخرى.
هذه الميليشيات حققت انتصارات ميدانية بدعم تركى وكادت تدخل سرت والجفرة، ومدنا أخرى لولا إعلان مصر خطوطها الحمراء.
هدأت المعارك أو كادت تتوقف، وفوجئنا أن الاشتباكات عادت مرة أخرى بين الميليشيات التى كانت تدَّعى أنها على قلب رجل واحد.
ونتيجة لهذه الاشتباكات، وكذلك للأوضاع الاقتصادية المتدهورة، والبلطجة التى تمارسها عناصر المرتزقة الأجانب ضد السكان، وكذلك تداعيات كورونا، نتيجة لكل ذلك انفجر غضب أهالى طرابلس، وتظاهروا واحتجوا وحاصروا مقر فايز السراج نفسه، الذى لم يجد حلا إلا إطلاق الميليشيات على المتظاهرين، وطردهم بالقوة والقبض على بعضهم وحظر التجول.
وظهرت فكرة شيطانية تقول إن تسجيل هؤلاء تحت لافتة الجيش الوطنى، يعنى أنه تم تفكيك هذه الميليشيات، بل إن هناك من يطالب بدمج المرتزقة السوريين والأفارقة فى هذا الجيش المزعوم، ولم يجب هؤلاء عن كيف يمكن أن يتحلى عناصر هذا الجيش بالولاء؟!
هذه هى نبذة سريعة عن الدولة المدنية التى يتحدث عنها فايز السراج، وتجد دعما مفتوحا من رجب طيب أردوغان، والأغرب من قوى دولية كثيرة ومنها الولايات المتحدة.
وكما يقول أحمد المسمارى، الناطق الرسمى باسم الجيش الليبى: «ما يهمنا أكثر هو القمع الذى خرج بعد شعارات كانت ترفع فى طرابلس عن الدولة المدنية، فوجدنا نفس الميليشيات التى كانت تدَّعى هذا النهج هى من تقوم بعمليات قنص المتظاهرين والتعدى عليهم».
الخلاصة أن الدولة المدنية والوطنية لا يمكن أن تجتمع مع وجود الميليشيات، التى نمت وترعرعت وصارت تتقاتل فيما بينها من أجل السيطرة والاستحواذ والإتاوات.
وفى هذه اللحظة بدأت تفوح الرائحة القذرة للميليشيات وجرائمها المتعددة، وأنها إذا لم تجد من تقاتله فإنها تنقلب على نفسها، وأفضل مثال على ذلك الصراع المفتوح والعلنى بين فايز السراج ووزير داخليته فتحى باشاجا.. وتلك قصة أخرى تنسف خرافة الدولة المدنية فى ليبيا!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة الميليشياوية فى طرابلس الحكومة الميليشياوية فى طرابلس



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon